على نطاق واسع، غطت الصحف الإيرانية، لاسيما الأصولية والمقربة من صناع القرار في إيران، مظاهرات "يوم القدس" الذي يرى كثير من المراقبين والمعارضين للنظام الإيراني أنه كان ولا يزال أداة دعم للنظام أكثر من كونه دعما للقضية الفلسطينية؛ فالنظام يستغل المناسبة لتحسين صورته.
وإذا تركنا الصحف المتشددة والموالية للنظام مثل "كيهان" التي دأبت على استخدام العناوين الرنانة كالحديث عن العد العكسي لتدمير إسرائيل والقضاء عليها، نجد الصحف الأخرى مثل "اعتماد" تنتقد بشكل مبطن سياسات النظام المزدوجة في هذا اليوم فيما يتعلق بموضوع "الحجاب الإجباري" إذ تتساهل السلطات في مسيرات يوم القدس مع غير المحجبات وتظهر في وسائل الإعلام الرسمية النساء مرتديات حجابا خفيفا أو غير محجبات بالكامل لادعاء أن شعبيته لا تقتصر على المؤمنين بآيديولوجية النظام وقوانينه.
وفي موضوع الحجاب كذلك نلاحظ تزايد الانتقادات لخطة مواجهة غير المحجبات التي تبدأ اليوم السبت 15 أبريل (نيسان)، حيث من المقرر أن تضاعف السلطات ضغوطها وممارساتها القمعية ضد غير المحجبات عبر استخدام كاميرات مراقبة ذكية لرصد هؤلاء النساء وتحديد هويتهن تمهيدا لمعاقبتهن.
صحيفة "سازندكي" الإصلاحية تساءلت عما إذا كان الحجاب في إيران يشكل المعضلة الرئيسية في البلاد أم إن الأزمة الاقتصادية الطاحنة هي التي تشغل اهتمام الإيرانيين هذه الأيام، لتؤكد أن الاقتصاد هو المعضلة الرئيسية التي تفرض على السلطات تخصيص الميزانيات ومضاعفة الجهود لإيجاد حلول ناجعة، وقالت: "لقد تم تخصيص 600 مليار تومان إيراني لشراء كاميرات مراقبة ذكية للتعرف على النساء غير المججبات، في الوقت الذي تشكو فيه البلاد من الفقر والفساد بشكل كبير".
وفي سياق اقتصادي غير بعيد، ذكرت صحيفة "اقتصاد بويا" أن الاقتصاد الإيراني يصنف ضمن الاقتصادات المغلقة في العالم وهو ما أدى إلى أن يعيش الإيرانيون الفقر وتراجع مؤشرات جودة الحياة مقارنة مع شعوب دول الجوار، بالإضافة إلى خلق العديد من المشاكل الاجتماعية.
ومن الموضوعات الأخرى التي غطتها الصحف في إيران اليوم السبت: وفاة السياسي الأصولي عماد أفرغ، المعروف بتحوله الفكري في السنوات الماضية، حيث بات من المنتقدين لسياسات النظام الداخلية والخارجية وهو ما جعل خبر وفاته يحظى باهتمام الصحف الإصلاحية وتجاهل الصحف الأصولية. صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية وصفت الراحل عماد أفرغ بـ"الأصولي الوحيد" في إشارة إلى العزلة التي فرضها الأصوليون على أفرغ وحالة الوحدة التي عاشها في السنوات الأخيرة من عمره.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"جوان": الهجوم على منتقدي قانون الحجاب الإجباري
صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري، هاجمت السياسي الإصلاحي وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام محمد عارف بعد انتقاده اللاذع لموضوع الحجاب الإجباري، وإصرار السلطات على تنفيذ هذا القانون رغم كل التكاليف والمخاطر التي تكمن وراء ذلك.
عارف كان قد أشار إلى التجربة الفاشلة في موضوع فرض الحجاب الإجباري في العام الماضي، حيث أدى إلى اندلاع احتجاجات عارمة كلفت البلاد الكثير من الخسائر والأضرار، مؤكدا أن الأساليب القمعية أتت بنتائج عكسية تماما، إذ إن نسبة كبيرة من النساء باتت راغبة في خلع الحجاب تحديا لقوانين النظام.
أما صحيفة "جوان" فهاجمت عارف بالقول إن فرض الحجاب الإجباري هو تأكيد إسلامي وممارسة قانونية واجتماعية مشروعة وتساءلت كيف يسمح لمثل محمد عارف أن يكون ضمن أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام.
كما خاطبت الصحيفة عارف قائلة: "ليبين عارف وزملاؤه الإصلاحيون ماهية الإجراءات والإصلاحات التي قاموا بها أثناء توليهم للسلطة في البلاد لمنع الأمور من الوصول إلى ما وصلت إليه اليوم في العديد من المسائل والقضايا ومن بينها قضية الحجاب".
"شرق": الإيرانيون لم يتخلوا عن مطالبهم في سبيل الحرية والديمقراطية
صحيفة "شرق" الإصلاحية علقت في مقالها الافتتاحي على الأوضاع في إيران والأحداث المنتظرة مستقبلا، وأكدت أن طبيعة الشعب الإيراني ثورية وأن الإيرانيين لن يتخلوا عن مطالبهم في سبيل الحرية والديمقراطية.
وجاء في المقال: "الشعب الإيراني لن يشعر بالهزيمة لأن المجتمع لا يزال مجتمعا ثوريا ولن يتوقف عن مطالبه في سبيل الحرية والديمقراطية، وبسبب التجربة الثورية الطويلة فإن الإيرانيين لن ييأسوا ولن يقبلوا بالفشل والهزيمة".
وأضافت الصحيفة: "الجيل الجديد يريد أن يغير وفق طريقته التي يراها، وهو جيل غير مؤدلج ولا يؤمن بآيديولوجيا خاصة لكنه مصر على التغيير، والأحداث الماضية رفعت من نسبة الوعي السياسي لدى هذا الجيل بحيث بات يعرف ما يريد وما لا يريد وهو ما يجعل العودة إلى الوراء أمرا مستحيلا".
"سازندكي": مشاكل البلاد.. الأزمة الاقتصادية أم الحجاب الإجباري؟
انتقدت صحيفة "سازندكي" مضي النظام في خطته لمواجهة النساء غير المحجبات وتجاهل ما تمر به البلاد من ظرف حساس كما انتقدت حجم الإنفاق المالي الذي تقوم به السلطات على مشروع فرض الحجاب الإجباري حيث تم شراء كاميرات مراقبة ذكية تقدر بأكثر من 600 مليار تومان إيراني في ظل الأزمة الاقتصادية لإيران.
وقالت الصحيفة إن مشروع الحجاب الإجباري له معارضون كثر ولا تقتصر أشكال المعارضة على الرأي العام الإيراني بل إن هناك رجال دين أيضا يحتجون على طريقة فرض هذا القانون مشيرة إلى الداعية المقرب من النظام الذي انتقد قبل أيام ممارسات السلطة في فرض الحجاب.
كما ذكر الباحث السياسي حسين مرعشي في مقاله الافتتاحي بالصحيفة أنه من الأفضل للنظام أن يترك الناس وشأنهم في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية، وأن لا يضاعف من الضغوط عليهم عبر خطط وسياسات مثل سياسة فرض الججاب الإجباري.