ما زالت تحركات وتصريحات الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان تحمل تناقضات في طياتها، إذ يحاول من جانب إرضاء التيار الأصولي المتنفذ في مؤسسات الدولة، ومن جانب آخر يسعى لإثبات ولائه للتيار الإصلاحي الذي جاء به إلى سدة الحكم.
ويبدو أن بزشكيان نجح حتى الآن في إمساك العصا من الوسط، إذ إن الإصلاحيين، ورغم بعض الانتقادات الخفيفة وغير المباشرة التي يذكرونها تجاه الرئيس الجديد، إلا أنهم وبشكل عام لا يزالون يقفون بجانبه، ويدعون إلى مساندته.
أما الأصوليون وصحفهم ووسائل إعلامهم فلا يتوقفون عن الثناء عليه، وهي حالة نادرة يعود السبب فيها إلى ما يبدو مواقف الرئيس الجديد، الذي يصفه بعض المراقبين بأنه أكثر الإصلاحيين قربا إلى الأصولية، كونه مؤيدا للمرشد في سياساته العامة، ومؤكدا باستمرار على طاعته لخامنئي وسياساته الكبرى، بجانب مواقفه الضبابية حول قضايا محورية مثل قضية الحجاب، وقضية الإنترنت، والاحتجاجات، وما إلى ذلك.
صحيفة "كيهان" التي تهاجم دائما لإصلاحيين تحاول استثناء بزشكيان من هذا الهجوم، واعتباره "سياسيا صادقا ونزيها" لا يعمل وفق مبدأ الولائية للتيار والحزب.
وشنت الصحيفة اليوم، الخميس 18 يوليو (تموز)، هجوما على التيار الإصلاحي، وذكرت أن المنتمين إلى هذا التيار أصبحوا اليوم يتقاتلون سرا على المناصب، بعد أن ادعوا خلال حملة بزشكيان الانتخابية أنهم يخوضون الانتخابات "من أجل إيران".
كما ذكرت "كيهان" أن بعض من شارك في احتجاجات عام 2009، التي تصفها الصحيفة بـ"الفتنة"، وبعض من تسبب في الخسائر التي جلبتها حكومة روحاني، لا يزالون ينشطون حول بزشكيان، ما يهدد بانزلاق حكومته نحو نموذج حكومة روحاني "المدمر"، حسب قراءة الصحيفة.
في شأن آخر رأت صحيفة "آرمان ملي" أن بزشكيان سيرشح السياسي المعروف علي لاريجاني ليكون رئيسا للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لتسهيل عملية إحياء الاتفاق النووي، التي ترغب فيها حكومة بزشكيان الجديدة.
وعنونت الصحيفة في مانشيتها اليوم الخميس 18 يوليو (تموز) بالقول: "هل سيحيي السياسي المخضرم الاتفاق النووي؟"، مشيرة إلى العلاقة الشخصية الجيدة بين بزشكيان ولاريجاني، والمواقف المعتدلة لهما تجاه الكثير من الملفات عندما كان لاريجاني رئيسا للبرلمان، وبزشكيان نائبا فيه عن مدينة تبريز.
في سياق غير بعيد ذكرت صحيفة "جمله" أن الأصوليين والتيار المتشدد في إيران أدركوا الآن بعد 3 سنوات من حكم البلاد أهمية الاتفاق النووي، مشيرة إلى تصريحات لوزير خارجية إيران بالإنابة، علي باقري كني، الذي أثنى على جهود ظريف في التوصل إلى الاتفاق النووي، منتقدا انسحاب واشنطن من الاتفاق الذي كان ذات نفع وفوائد لكافة الأطراف بما فيها إيران، ما يعني أن هجوم الأصوليين وانتقاداتهم المتكررة للاتفاق النووي مع الولايات المتحدة كانت تأتي من فراغ، ودوافعها سياسية بحته، حسب ما جاء في تحليل الصحيفة.
صحيفة "آرمان أمروز" أشارت إلى تصريحات باقري كني أحد الشخصيات الأصولية والمنتقد السابق للاتفاق النووي، وكتبت: "اعتراف متأخر بفاعلية الاتفاق النووي".
الآن يمكن قراءة المزيد من التفاصيل في صحف اليوم:
"اعتماد": حكومة الظل ستبذل كل جهدها لإفشال بزشكيان
في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" أكد البرلماني الإصلاحي السابق محمود صادقي أن التيار المتطرف أو ما يسميه بـ"حكومة الظل" التي تعمل في الخفاء ستبذل كل جهدها من أجل إفشال عمل الحكومة الإصلاحية الجديدة.
وذكر الكاتب والبرلماني السابق أن هذا التيار، وبسب ما يملكه من ثراء ونفوذ واسع في مؤسسات الدولة، لديه القدرة الكافية على تهميش حكومة بزشكيان، والإضرار بكل أعمالها المستقبلية، ما لم يتم اتخاذ تدابير وقائية من قبل بزشكيان والمحيطين به.
ودعا صادقي الإصلاحيين وحكومة بزشكيان إلى عدم الاعتماد حصرا على وسائل الإعلام الرسمية في التواصل مع الشارع، وقال إنه ينبغي استغلال إمكانات وسائل التواصل الاجتماعي، كما حدث ذلك في أيام الانتخابات، للتواصل المباشر والصريح مع الشارع الإيراني، لأن الإعلام الرسمي يجيد لعبة إدارة الظهور، وسيحرم الرئيس الجديد من الحضور القريب من المواطن العادي.
"جوان": على بزشكيان الابتعاد عن الإصلاحيين والتقارب مع الأصوليين
صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، دعت في المقابل بزشكيان إلى عدم التأثر بخطاب الإصلاحيين الذي يدعو إلى تشكيل حكومة إصلاحية خالصة، دون وجود للمسؤولين الحاليين في حكومة رئيسي أو من يعرفون بمواقفهم السلبية والمتناقضة لأسس الفكر الإصلاحي، وقالت إن على بزشكيان أن يتعامل بقوة ضد ضغوط التيار الإصلاحي هذه الأيام.
وأشارت الصحيفة إلى مقال لرئيس جبهة الإصلاحيين السابق، بهزاد نبوي، الذي انتقد فيها تسابق بعض الشخصيات والمسؤولين إلى أخذ حصة في حكومة بزشكيان، وقالت إن هذه الانتقادات بحد ذاتها هي محاولة للتأثير على أن يكون بزشكيان مسيرا بيد هذا التيار وقادته، وأن يختار المسؤولين القادمين وفقا لرؤى "شيخ الإصلاحيين" بهزاد نبوي.
في المقابل دعت الصحيفة الرئيس الجديد إلى اختيار مسؤولين من "الثوريين" أي المنتمين إلى التيار الأصولي، "كونهم يجتهدون من أجل إنجاح عمل الحكومات الثورية" بغض النظر عن انتماء هذه الحكومة والشخص الذي يقودها.
وهاجمت الصحيفة ما يمسى بمجلس قيادة الفترة الانتقالية لتشكيل الحكومة، حيث من المقرر أن يرشح هذا المجلس الوزراء والمسؤولين لكي يختارهم بزشكيان. ورأت أن هذا المجلس الذي يترأسه وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف بألاعيبه السياسية هو السبب الذي دفع ببعض الشخصيات الإصلاحية انتقاد تسابق الإصلاحيين إلى اقتطاع جزء من الحكومة وتولي المناصب.
"آرمان أمروز": إعلان نائب ترامب الجديد الحرب ضد إيران
أشارت صحيفة "آرمان أمروز" إلى التصريحات النارية لمرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس، حول إيران، وقالت إن هذه التصريحات هي بمثابة إعلان حرب ضد طهران من قبل مسؤول محتمل في إدارة ترامب القادمة.
وكان جي دي فانس قد دعا إلى موقف أكثر صرامة تجاه طهران، قائلا إنه ينبغي التوقف عن توجيه الضربات المحدودة ضد إيران، بل ينبغي اعتماد أسلوب أكثر مباشرة في التعامل مع نظام طهران، مدافعا عما قامت به إدارة ترامب السابقة من قتل قاسم سليماني قائد فيق القدس الإيراني السابق.
وأضافت الصحيفة أن نائب ترامب الجديد "سل سيفه على إيران قبل أن يصل إلى منصبه"، موضحة أن جي دي فانس بدعوته إلى إعلان الحرب ضد إيران يعتبر ممثلا جيدا للتيار المتشدد في الولايات المتحدة، ومن يديرون تجارة الأسلحة، حسب تعبير الصحيفة.