صدمة وإرباك في وسائل الإعلام الإيرانية، أمس الجمعة، امتدت في تغطية الصحف اليوم أيضا، بعد انتشار خبر "الاتفاق" بين إيران والمملكة العربية السعودية بوساطة صينية، لاستئناف العلاقات بين البلدين بعد قطيعة دامت 7 سنوات.
وصفت صحيفة "آرمان ملي" هذا الخبر بـ"انفجار خبري من بكين"، فيما اعتبرت "آفتاب يزد" أن الاتفاق مع المملكة "مهم وباعث على الأمل وذو دلالة"، أما صحيفة"اعتماد" فوصفت هذه التحركات الدبلوماسبة بـ "موجة السلام" ودعت إلى توسيع نطاقها لتشمل المصالحة مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية عموما لإنهاء عزلة إيران الدولية والتخفيف عن الوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ الذي بات الإيرانيون يعانون منه بشكل كبير.
أما ردة فعل الصحف الأصولية فقد كانت لا تخلو من طرافة وتناقض، فبعد أن كانت هذه الصحف عند انقطاع العلاقات بين طهران والرياض مطلع عام 2016 من المؤيدين لقرار السلطات والمدافعين عن المشاغبين الذين اقتحموا السفارة السعودية في طهران، عادت اليوم لتصفق للاتفاق وتعتبره مكسبا لإيران التي تمر بأسوأ مراحلها عزلة.
صحيفة "كيهان" المعروفة بمواقفها المتشددة تصف الاتفاق بين إيران والسعودية بأنه "ضربة" لأميركا وإسرائيل ودعت "الإصلاحيين" إلى الاقتداء بالحكومة الأصولية الحالية لتعلم كيفية التفاوض والمصالحة مع الدول!
كما اعتبرت "وطن امروز" المقربة من الحرس الثوري أن الولايات المتحدة الأميركية هي الخاسر الوحيد في هذه المصالحة، أما صحيفة "سياست روز" فقد سمت عودة العلاقات بين طهران والرياض بـ"إنهاء 7 سنوات من التكدر".
وفي شأن آخر، قال المحلل السياسي مهدي مطهري نيا إن الأسواق الإيرانية والعملات الصعبة لا تزال تتعامل بحذر تجاه زيارة غروسي، فبالرغم من التحسن الملحوظ في العملة الإيرانية بعد الزيارة إلا أننا نلاحظ وجود تردد وحذر من المواطنين بعد أن أصبحوا يمتلكون خبرة في هذا المجال ويحتفظون بمدخراتهم من النقد الأجنبي والذهب، إذ إنهم يعلمون أنه سرعان ما تتكدر العلاقات مع الغرب بعد فترة قصيرة من الأجواء الإيجابية.
كما لفت الكاتب إلى موقف الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق مع إيران، وقال حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، فإن جزءا من العقوبات سيبقى ساريا على إيران، وهذا بكل تأكيد سيترك آثاره السلبية على الاقتصاد الإيراني.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"سازندكي": الأصوليون بذلوا كل شيء من أجل إحياء العلاقات مع المملكة بعد أن كانوا السبب في انقطاعها
وصفت صحيفة "سازندكي" ترحيب الأصوليين المتشددين بعودة العلاقات مع المملكة العربية السعودية بـ"الطرفة التاريخية"، وكتبت في تقرير لها اليوم بمناسبة استئناف العلاقات بعد 7 سنوات على خلفية اقتحام السفارة السعودية من قبل متشددين موالين للنظام في طهران عام 2016: "المتطرفون والأصوليون قاموا باقتحام السفارة السعودية عام 2016 لكي يفشلوا الدبلوماسية في عهد حكومة روحاني السابقة ودمروا كل شيء، لكن طرفة التاريخ تكمن في أنهم اليوم يبذلون الغالي والنفيس من أجل إحياء العلاقات بين البلدين بعد أن كانوا السبب في انقطاعها عندما تسلقوا جدران السفارة في طهران".
"ستاره صبح": اقتحام السفارة السعودية عام 2016 قدم صورة سلبية للغاية عن إيران دوليا
رحب الباحث والدبلوماسي السابق نصرت الله تاجيك في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، وقال إن استئناف العلاقات كان خطوة ضرورية لإصلاح أخطاء الماضي، مشيرا إلى حادثة اقتحام السفارة السعودية في طهران والتي وصفها بأنها الخطأ الكبير والعامل الرئيسي الذي قاد إلى توتر العلاقات بين البلدين.
وقال تاجيك إن قيام المتشددين باقتحام السفارة السعودية قد أعطى صورة سلبية من إيران على الصعيد الدولي حيث صورها بأنها عاجزة عن توفير الأمن للمقار والمواقع الدبلوماسية لديها كما عزز من موقف المملكة العربية السعودية في خلافاتها مع إيران.
وأوضح الباحث أنه وقبل انقطاع العلاقات كانت العلاقات بين إيران والسعودية تسير بالاتجاه الصحيح وكان هناك عدد من الاتفاقيات للتعاون الأمني والتي تم التوقيع عليها في عهد حكومة محمد خاتمي الإصلاحية في أعوام 1998 و2001.
"اعتماد": تحسين علاقات إيران الخارجية مطلب شعبي وضرورة لإصلاح الوضع الاقتصادي
قالت صحيفة "اعتماد" إن الأوضاع الاقتصادية السيئة والغلاء الفاحش وما حمله على المواطنين من عناء ومشقات يفرض على صناع القرار في إيران تحسين علاقات البلاد مع العالم والتوصل إلى اتفاق حول الملف النووي لإنهاء الجدل المستمر منذ سنوات حول الموضوع.
وأشارت الصحيفة إلى الاتفاق بين إيران والسعودية على عودة العلاقات ووصفته بالقرار الذي يدعو للأمل لكنها استدركت بالقول إن بعض القضايا لا تزال تشكل تحديا أمام إيران لتحسين علاقاتها مع العالم، فبعد أزمة الاحتجاجات عادت البلاد اليوم لتنشغل بأزمة تسميم الطالبات، وبالرغم من من مرور شهور على الأحداث فلا يزال الداخل والخارج لم يقتنع بإيضاحات المسؤولين.
وقالت إن قراءتين لا تزالان تتصدران الموضوع؛ الأولى ترى أن أحداث التسمم ذات بعد أمني وأن أطرافا خارجية تقف وراء الموضوع. فيما يرى البعض أن متطرفين موالون للنظام يقومون بأعمال تسميم الطالبات بعد الاحتجاجات الأخيرة، والتي شهدت مشاركة واسعة من شريحة النساء.
"كيهان": الاتفاق مع السعودية عبارة عن تقديم "تنازلات" متبادلة
هاجمت صحيفة "كيهان" التيار الإصلاحي بسبب انتقادهم استمرار انقطاع العلاقات بين إيران والسعودية بعد ممارسات المتشددين الذين تدعمهم "كيهان" ومن دار في فلكها.
وقالت الصحيفة إن هجوم وانتقادات التيار المعارض للحكومة لا يستند إلى أسس قويمة حيث إنهم يدعون أن الحكومة عادت إلى المربع الأول بعد قطع العلاقات الذي قاد إليه المتطرفون في إيران.
وأوضحت الصحيفة أن ما يميز هذا الاتفاق على الاتفاقيات السابقة هو أنه لم يكن على قرار ما يقوم به الإصلاحيون أثناء توليهم للحكم حيث إنهم يعطون الامتيازات ويقدمون التنازلات للطرف الأخر فقط دون أن يجنوا شيئا لصالح البلاد أما الاتفاق الأخير مع المملكة العربية السعودية حسب الصحيفة فهو اتفاق متوازن من حيث تقديم الامتيازات والحصول على الامتيازات في المقابل دون أن تبين طبيعة هذه "الامتيازات" المتبادلة.