بعد أيام متتالية من الارتفاع في سعر الدولار الأميركي على حساب التومان الإيراني، تدخلت السلطات الإيرانية بضخ ملايين الدولارات في السوق لوقف نزيف الاقتصاد الإيراني والانهيار غير المسبوق في العملة الإيرانية.
ويرى مراقبون وخبراء في الاقتصاد أن سياسات الحكومة لن تفلح في خلق حالة من الاستقرار في سوق العملات، وأن نتائج أي إجراء في هذا الخصوص ستكون مؤقتة، فسرعان ما يعاود الدولار الصعود والارتفاع والذي سينعكس على كافة المجالات في الحياة الاقتصادية لإيران.
وأشارت كثير من الصحف، مثل "آرمان امروز"، و"اترك"، وغيرهما، إلى الانعكاسات السلبية لهذه الفوضى الاقتصادية وعدم استقرار سوق العملات. وعنونت بـ"حرب الدولار ضد نفسيات المواطنين".
وقد باتت أزمة الدولار والعملات الصعبة تهيمن على الساحة الإيرانية السياسية والشعبية هذه الأيام، فحتى الصحف الأصولية أو بعض منها على الأقل لم تستطع التهرب من الموضوع رغم رغبتها المعروفة في تجاهل كل ما يمس الحكومة ويوجه لها سهام النقد والتجريح، فهذه صحيفة "عصر إيرانيان" تعنون بـ"اللعب بأعصاب الناس"، فيما دعت "سياست روز"، وهي أصولية كذلك، دعت الحكومة إلى التدخل الفوري في الأزمة، وكتبت: "يا رئيس الجمهورية، افعل شيئا".
أما رئيس الجمهورية الذي تطالبه الصحف وكثير من الإيرانيين بإيجاد حل للأزمة، فقد حمل "العدو" مسؤولية انهيار العملة الإيرانية هذه الأيام، وقال حسبما نقلته صحيفة "آرمان ملي" إن: "إيران تتعرض لحرب هجينة على مختلف الجبهات، والعدو يعمل على تشويش الرأي العام، فبعد فشل مشروع الاحتجاجات توجه الآن إلى العملات عبر خلق الاضطرابات فيها".
وتحدث الخبير الاقتصادي آلبرت بغزيان، في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح"، عن الانعكاسات السلبية لانهيار العملة الإيرانية على الحياة المعيشية للإيرانيين، مؤكدا أن جذور هذه المشكلة في الحياة الاقتصادية هذه الأيام هي سياسية بحتة وحمل أخطاء السياسة الخارجية مسؤولية ما تمر به البلاد.
كما أشارت صحيفة "آرمان ملي" إلى بدء امتثال العراق لمعايير نظام التحويلات الدولي "سويفت" الذي بات ينبغي على المصارف العراقية تطبيقه منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) للوصول إلى احتياطات العراق من الدولار الموجودة في الولايات المتحدة، وانعكاسات ذلك على وضع العملة في إيران، وقالت إنه منذ اتخاذ العراق هذه الخطوة والذي يعد الشريك التجاري الثاني لإيران أصبح الالتفاف على العقوبات بالنسبة لطهران أمرا صعبا ومستعصيا.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"جوان": شراء المواطنين للدولار بأي ثمن يؤكد فقدان الثقة في الحكومة وتصريحات المسؤولين
قالت صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري، في إشارة إلى الفوضى في سوق العملات الصعبة، إنه عندما نشاهد أن المواطنين يشترون الدولار مهما كان الثمن للحفاظ على مدخراتهم النقدية فهذا يعني أن ثقتهم في الأسواق الحرة أكثر من ثقتهم في الحكومة.
وأوضحت الصحيفة أن تصريحات المسؤولين وإجراءات كافة الوزارات المعنية في هذا الموضوع غير مقبولة على الإطلاق وإذا قبلنا أن "الأعداء" أو "الأصدقاء الجهلة" هم المسؤولون عن تراجع قيمة العملة الإيرانية فإن الحكومة هي المسؤولة عن السيطرة على سوق العملات.
"ستاره صبح": السياسة الخارجية لإيران أربكت الاقتصاد الداخلي
أما الباحث والخبير الاقتصادي آلبرت بغزيان، فقال لصحيفة "ستاره صبح" إن السياسة الخارجية لإيران قد قد أربكت الاقتصاد في الداخل، فاستمرار العقوبات على البلاد جعل عائدات إيران من النقد الأجنبي محدودة ويتم تجميد أموال طهران لدى الدول الأخرى مما ينعكس سلبا على الأسواق الداخلية وزيادة نسب التضخم بشكل مستمر ويومي.
ولفت بغزيان إلى أن "جذور المشكلة الاقتصادية تعود للوضع السياسي، ويجب في المقام الأول تفعيل المفاوضات النووية لأن هذه ستكون أول خطوة في التأثير على سوق العملات، عندما تبدأ المفاوضات تصبح الأسواق متأملة لحصول اتفاق وهذا بحد ذاته يكون مؤثرا في الوضع".
كما ذكر الكاتب أن الغرب بات يعتبر إيران مساعدة لروسيا في عدوانها على أوكرانيا وأن أي أخبار سلبية في هذا الخصوص تنعكس سريعا على سوق العملات وتجعلها مضطربة.
كما أشار آلبرت بغزيان في هذه المقابلة إلى عدم انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، وقال إن إيران لا تستطيع بفعل هذه المشكلة استرجاع أموالها لدى العراق، وهكذا نرى أن جميع جذور المشكلة الاقتصادية الحالية تعود إلى السياسة وهي التي تستطيع أن تغير الوضع وتحسنه.
"جمهوري إسلامي": إيران رجحت إرادة حركة مسلحة غير معترف بها داخليا وخارجيا على إرادة الشعب الأفغاني
انتقدت صحيفة "جمهوري إسلامي" قرار النظام تسليم السفارة الأفغانية في طهران لحركة طالبان، وقالت: "لا يليق بإيران أن تسلم السفارة الأفغانية إلى حركة لا تتمتع بقبول شعبي داخل بلادها ولا تحظى بمشروعية دولية".
وقالت الصحيفة إنه "مما يثير العجب في هذا القرار هو أن الجمهورية الإسلامية رجحت إرادة جماعة مسلحة جاءت إلى السلطة بقوة السلاح ولم تعترف بها أي دولة بعد 18 شهرا، على إرادة الشعب الذي لا يعترف بشرعية حركة طالبان".
ونوهت الصحيفة إلى أن "تسليم السفارة إلى حركة طالبان بغض النظر عن المخاطر الأمنية التي يتضمنها سيكون نقطة سوداء في تاريخ علاقات إيران بأفغانستان"، حسب تعبير الصحيفة.