انعكست التطورات الدولية والإقليمية والداخلية في إيران على أوضاع الاقتصاد المتدهور أصلا، فبعد عقوبات غربية وسياسية جديدة في العراق للتعامل المصرفي مع إيران، وكذلك أزمة الاحتجاجات التي استمرت أكثر من 4 شهور، ظهرت آثار ذلك على الأسواق الإيرانية.
وفي هذا السياق، بلغ سعر الدولار الواحد أكثر من 54 ألف تومان في حالة غير مسبوقة من الانهيار الذي أصاب اقتصاد إيران والوضع المعيشي لمواطنيها.
وعكست صحف كثيرة هذه الأزمة المتفاقمة، وطالبت "إسكناس" الاقتصادية بضرورة "الإصلاحات البنيوية"، مؤكدة أنها "حاجة ماسة للاقتصاد" الإيراني، فيما أشارت "اقتصاد بويا" إلى تبعات هذا الغلاء الكبير، وعنونت في مانشيتها اليوم السبت بـ"اتساع دائرة الفقر في ظل استمرار الغلاء".
أما "اقتصاد ملي" فلفتت إلى سياسات الحكومة الخاطئة في السيطرة على التضخم ورأت أن الحكومة الحالية غير قادرة على إدارة الأزمة، وكتبت بالخط العريض: "لا خبر من السيطرة على التضخم"، كما لفتت في تقرير آخر إلى أزمة الغلاء في اللحوم، وعنونت: "أسواق اللحوم في حالة حمراء" (شديدة الخطورة).
أما صحف النظام فلا تبالي بما يمر به الإيرانيون و"تغرد خارج السرب" كما يقول الإيرانيون، ومثال على ذلك صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري تركت كل هذه العنوان، واختارت عنوانا مقتضبا من كلام المرشد علي خامنئي، الذي قال: "اخلقوا الفرص من شبهات مثل العقوبات"، مطالبا الإيرانيين بأن يستغلوا فرصة العقوبات ويعززوا أوضاعهم من خلال الاعتماد على الذات وهو كلام لا يخضع لمعايير العقل والحكمة في عالم باتت تحكمه قوانين تنمية واحدة وعلاقات دولية متشابكة.
ورجحت صحيفة "كيهان" التي يعين المرشد خامنئي رئيس تحريرها، رجحت الحديث عن "الأزمة الاقتصادية في أوروبا" وعنونت في صفحتها الأولى: "الأوضاع في أوروبا خطيرة وسيزداد وضعها الاقتصادي سوءا"، متناسية هموم الإيرانيين ومعاناتهم جراء الأزمة التي يمرون بها.
وفي شأن آخر، وبمناسبة مرور عام على الغزو الروسي لأوكرانيا قدمت بعض الصحف تحليلات وقراءات، رأت فيها أن روسيا كانت الخاسر الأكبر من هذه العملية التي لم تحقق أهدافها المعلنة، كما رأى كاتب مقال صحيفة "ستاره صبح" أن روسيا وقعت في فخ الغرب، مطالبا النظام الإيراني بعدم الانخداع بهذه اللعبة وأن لا يقعوا هم أيضا فريسة لفخ الغرب وروسيا، كما نشرت الصحيفة صورة كبيرة لبوتين وهو غاضب وعنونتها بـ:"أيدي بوتين الفارغة بعد مرور عام على الحرب".
ومن الناحية الداخلية، نشرت صحيفة "مردم سالاري" بيان حزب "مردم سالاري" الذي تمثله الصحيفة والذي دعا بشكل صريح النظام الإيراني إلى تعديل الدستور. وقال إن "إصلاح الدستور لا بد منه من أجل بقاء النظام".
ودعا كاتب صحيفة "مستقل" إلى استغلال الفرص المتبقية للتفاوض مع الغرب وحل مشكلة الملف النووي، وكتب: "التفاوض لألف مرة خير من حرب لمرة واحدة".
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"جهان صنعت": يا سيد رئيسي! ألا ترى الفقر والحرمان؟
كتب الباحث الحقوقي نعمت أحمدي مقالا بصحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية وخاطب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي "أكثر الوعود وقلل العمل"، وقال: "يا سيد رئيسي! ألا ترى الفقر؟ أعلم أنك بفريقك الاقتصادي هذا لا تستطيع تحقيق شيء".
وأضاف الكاتب: "قلتَ إن حكومتك لن ترهن حياة الناس وإدارة البلاد في موضوع الاتفاق النووي والأجانب، لكن اليوم نرى ان حياة الناس باتت مرهونة بالدولار والذهب، أنا أشهد أنك لن تستطيع تحقيق شيء بوجود فريقك الاقتصادي الحالي".
وتابع أحمدي قائلا: "التلاعب بأسعار العملات الصعبة والذهب ومحاولة مد اليد في جيوب المواطنين وسوق البورصة لسد حاجة الحكومة ورفع النقص في ميزانيتها لن يكون محمود العقوبات".
"مستقل": الغلاء والتضخم وانعكاسات ذلك على المفاوضات النووية
رأى المحلل السياسي حسن بهشتي بور أن الوضع الاقتصادي السيئ والتضخم الكبير في إيران ستكون له تداعياته السلبية على المفاوضات النووية، حتى لو ادعت الحكومة أنها لن ترهن الاقتصاد بالمفاوضات، لكن الحقيقة أن الوضع المعيشي والاقتصادي بات مرتبطا بشكل وثيق بقضية الاتفاق النووي والعقوبات المفروضة على طهران.
كما أوضح بهشتي، حسبما نقلت ذلك صحيفة "مستقل"، أن الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة والتي وعدت بها الحكومة تسير ببطء شديد وفي الاتجاه السيئ، وليس معلوما متى تتحقق نتائج هذه الإصلاحات، لكن ما هو مقرر الآن أنه وبعد أكثر من سنة من مجيء الحكومة أصبحت الأوضاع الاقتصادية أسوأ.
"اقتصاد بويا": انهيار الاقتصاد الإيراني في حال استمرار العقوبات
أشارت صحيفة "اقتصاد بويا" إلى تخطى سعر الدولار حاجز الـ50 ألف تومان للمرة الأولى في تاريخ العملة الإيرانية، وقالت إن ذلك مؤشر على اقتراب موسم الغلاء وارتفاع نسب التضخم، كما نقلت عن خبراء قولهم إن الوضع الراهن يلقي بظلاله على الحياة اليومية للمواطنين وسنرى ارتفاعا كبيرا في حالات الطلاق والسرقة كنتيجة للأزمة الاقتصادية الراهنة.
وأوضح المحلل الاقتصادي مرتضى أفقه أن الوضع الراهن نتيجة لثلاثة عقود من السياسات الخاطئة التي اعتمدتها إيران وقال: إن الغلاء الحالي هو نتيجة لثلاثة عقود على فقدان التدبير، فقد دأبت إيران على الصدام مع العالم وكانت العقوبات هي نتيجة هذا الصراع والمواجهة مع مختلف دول العالم.
وحذر الكاتب من تبعات استمرار العقوبات على إيران، قائلا: "في حال استمرت العقوبات على ما هي عليه فإن الاقتصاد الإيراني سينهار".