أزمة الغاز هي حديث الساعة في إيران، بعد أن أعلن المسؤولون عن تعطيل الدوائر الحكومية والجامعات والمراكز في معظم المحافظات، وعلى رأسها العاصمة طهران، بأمل التخفيف عن إمدادات الغاز التي يبدو أنها باتت عاجزة عن تلبية احتياجات البلاد.
لكن هذه الأزمة الكبيرة تأتي بُعيد شهور قليلة من حديث المسؤولين الإيرانيين عن "الشتاء الصعب" الذي كانوا يتوعدون به الدول الأوروبية ويزعمون أنه سيكون مفتاح الحل لملف الاتفاق النووي، إذ إن الدول الأوروبية ستجد نفسها مضطرة للتنازل أمام إيران للاستفادة من الطاقة الإيرانية لسد النقص الحاصل بعد قطع روسيا لإمداداتها من الغاز إلى أوروبا.
وانتقدت بعض الصحف اليوم السبت هذا التخبط في إدارة أزمة الطاقة وشح الغاز في المحطات والمصانع والشركات مما جعل البلاد تبدو مجمدة أمام عجلة الحياة والحركة.
وأشارت صحيفة "جهان صنعت" إلى هذه الأزمة ووصفت طريقة إدارة المسؤولين للوضع في إيران بـ"الكارثية"، وقالت إن المسؤولين لا يعرفون ماذا عليهم فعله سوى اللجوء إلى تعطيل البلاد، فيما عنونت "شرق" بالقول: "العصر الجليدي للغاز"، في إشارة إلى ندرة الغاز واحتمالية أن تعود البلاد إلى العصور القديمة في التعامل مع برد الشتاء وقسوته. أما صحيفة "اترك" فنشرت صورة لخريطة إيران والمدن التي أعلن عن تعطيل الدوائر الحكومية فيها، وكتبت: "نصف البلاد معطلة".
أما الصحف الموالية للحكومة، فحاولت إنكار هذا الضعف والتخبط في إدارة الأزمة واتهمت المنتقدين بأنهم يسعون إلى تشويه عمل الحكومة، وتطرقت في المقابل إلى أن الشتاء هذا العام غير مسبوق، كمحاولة لتبرير عجز الحكومة في التعامل مع الأزمة.
وفي شأن آخر صبّت صحيفة "إيران" الصادرة عن الحكومة جام غضبها على زعيم أهل السنة في إيران، مولوي عبدالحميد، بعد مواقفه المنتقدة تجاه النظام والإعدامات الأخيرة ضد المتظاهرين، وقالت إن عبدالحميد يريد تحويل المسجد الجامع في مدينة زاهدان إلى "مقر للفتنة" و"التمرد" و"الفوضى"، وهو يستمر في دوره التخريبي في البلاد.
يأتي هذا الهجوم العنيف من الصحيفة تجاه مولوي عبدالحميد بعد تعريضه يوم أمس بتصريحات خامنئي الأخيرة حول "المداحين" الذين يقومون بالثناء على خامنئي ونظامه، ويضخمون "الإنجازات"، حيث أكد عبدالحميد أن مشكلات البلد الكثيرة لا يمكن حلها عبر "المداحين" بل إن هناك حاجة للخبراء وأصحاب التخصص في المجالات المختلفة.
واقتصاديا قال الناشط السياسي الإصلاحي عباس عبدي في مقاله بصحيفة "اعتماد" إن التيارات المتنازعة في إيران تختلف حول كل شيء إلا شيء واحد وهو "الوضع الاقتصادي السيئ" في البلاد، فيما أشارت صحيفة" اقتصاد بويا" إلى تنامي الفقر في إيران وذكرت أنه في الوقت الذي تؤكد فيه الإحصاءات والأرقام أن خط الفقر هو 20 مليون تومان نجد أن معظم الموظفين في البلاد لا يتقاضون راتبا أكثر من 7 ملايين تومان.
يمكننا أن نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"مستقل": أزمة الغاز في إيران لا تحل في ظل غياب الاستثمارات الخارجية واستمرار العقوبات
أجرت صحيفة "مستقل" مقابلة مع عدد من الخبراء والمتخصصين حول أسباب أزمة الطاقة في إيران بالرغم من أن البلد تعد من الدول الرئيسية في امتلاك الطاقة، حيث رأى المختص في شؤون الطاقة نرسي قربان نجاد أن حل أزمة الغاز في إيران يعتمد على حل الأزمة التي تواجهها طهران على صعيد السياسة الخارجية.
وقال نرسي قربان إن ما تحتاجه إيران هو إمكانية الاستثمار الخارجي في قطاع الطاقة وكذلك التكنولوجيا اللازمة للحفاظ على صناعة الغاز، مؤكدا أنه وفي ظل الظروف الحالية والعقوبات المفروضة على إيران وكذلك العزلة الدولية التي تعيشها لا تستطيع البلاد الحصول على هذه الاستثمارات والتكنولوجيا المطلوبة.
وأضاف الباحث أن استمرار الوضع الراهن وبقاء إيران في عزلتها الدولية لعام قادم وحرمانها من الاستثمارات في قطاع النفط والغاز سيضع إيران في أزمة غازية غير مسبوقة.
كما رأى المحلل في شؤون الطاقة هادي بيكي نجاد أن حل أزمة الطاقة في إيران لا يتيسر إلا من خلال الاستثمار الخارجي.
"اعتماد": وضع دولي صعب لإيران لاسيما بعد الإعدامات الأخيرة
في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" أشار محمد صدر المساعد السابق لوزير الخارجية الإيراني وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام إلى الأزمة التي تعيشها إيران على صعيد الخارج، وقال في هذا الخصوص: "لقد تشكّل وضع خطير جدا للنظام على الصعيد الدولي، خاصة بعد إعدام المتظاهرين".
كما لفت صدر إلى المواقف الدولية تجاه الأوضاع في إيران، وقال: "في الأيام الأخيرة لاحظنا مواقف الدول الأوروبية وأميركا وكندا والأهم من كل ذلك البابا فرنسيس (بابا الكنيسة الكاثوليكية) الذي قلما يتدخل في القضايا السياسية، وإدانتهم جميعا للإعدامات في إيران".
وأضاف: "في حال استمرت السياسات الخاطئة في الداخل فقد نواجه عقوبات دبلوماسية أي سيتم طرد سفراء إيران من الدول وتقوم هذه الدول باستدعاء سفرائها لدى طهران".
وفي شأن آخر، أشار صدر إلى أزمة إيران على صعيد الاتفاق النووي واحتمالية عودة العقوبات الدولية، وقال: "في هذه الحالة ستكون إيران معزولة دوليا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا، وهذه العزلة ستكون مقدمة لأمور أخرى إذا لم نقم بالإصلاحات"، في إشارة إلى احتمالية انفجار الأوضاع وخروج البلاد من سيطرة النظام.
وادعى صدر أن الرئيس الإيراني الحالي إبراهيم رئيسي أمر بإحياء الاتفاق النووي، لكن أطرافا أمنية مستفيدة من العقوبات أو تلك التي تجهل طبيعة السياسة الخارجية والعلاقات الدولية لا تسمح بإحياء الاتفاق النووي.
"جمله": مسؤولون يتوهمون السيطرة.. ومتظاهرون يعودون للشوارع
هاجمت صحيفة "جمله" الرئيس الإيراني الذي قال في كلمة له: "أعتقد بقوة أننا قادرون" في إشارة إلى قدرة النظام على حل مشاكل البلاد، وصدرت الصحيفة تقريرها حول الموضوع بعنوان "وهم السيطرة"، لكن الصحيفة يبدو أنها تعاملت بدهاء، إذ إنها نشرت هذا العنوان بجوار صورة كبيرة لمرشد إيران علي خامنئي وهو ما قد يكون تعريضا بخامنئي نفسه، من باب "إياك أعني واسمعي يا جارة"؛ إذ إن خامنئي هو الآخر لا يتوقف عن ترديد هذه التصريحات التي تعتبرها الصحيفة مجرد "وهم" و"خيال".
ولفتت الصحيفة إلى هذه التصريحات التي يكررها المسؤولون، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية. وقالت إن "وهم السيطرة" أخطر بكثير من العجز والفشل، لأن من يتوهم أنه قادر وقوي لا يشعر بالحاجة للتصحيح أو الاعتذار.
وتوقعت الصحيفة أنه وبسبب فشل الحكومة في حل مشاكل البلد سيعود المتظاهرون إلى الشوارع من جديد، كما أن وصفهم بـ"مثيري الشغب" من قبل السلطات هو مجرد هروب من المسؤولية ومحاولة للتغطية على الفشل الذي منيت به الحكومة.