بلا أي مبالغة يمكن اعتبار يوم أمس الأربعاء هو الأسوأ على صعيد الاقتصاد الإيراني والعملة الوطنية (التومان).
وشهدت أسواق العملات الأجنبية فوضى عارمة واضطرابا كبيرا انتهى بدخول الدولار خانة 44 ألف تومان، ليكون خير دليل على فشل النظام وحكومته بالتعامل مع الأزمة المستفحلة في إيران جراء حالة العزلة الدولية التي تعيشها، ونتيجة ثلاثة أشهر من الانتفاضة الشعبية التي أنهكت السلطات، وجعلتها حائرة في التعامل مع الواقع الاقتصادي والسياسي.
ويبدو أن الأزمة قد بلغت ذروتها، وهو ما دفع بصحيفة "كيهان"- القريبة من المرشد علي خامنئي- إلى الدخول على الخط ومخاطبة المسؤولين بشكل صريح بضرورة اتخاذ قرارات عاجلة وفورية للسيطرة على أسعار العملات الأجنبية، وعنونت الصحيفة في مانشيت اليوم، الخميس 29 ديسمبر (كانون الأول)، وكتبت بالخط العريض: "أسواق العملات الأجنبية قابلة للسيطرة.. على رؤساء السلطات الثلاث اتخاذ قرارات عاجلة".
كما أشارت بعض الصحف مثل "مردم سالاري" و"آرمان ملي" إلى انتقاد مراجع التقليد للأزمة الاقتصادية، وتصريحاتهم التي أكدوا فيها على ضعف الحكومة في القيام بمهامها، ومسؤولياتها القانونية، وكتبت "كار وكاركر" نقلا عن هؤلاء المراجع وعنونت في المانشيت: "الشعب مستاء للغاية من الأوضاع الاقتصادية في البلاد"، فيما عنونت صحيفة "جمهوري إسلامي" بالقول: "عدم رضا مراجع التقليد عن طريقة إدارة البلاد".
في شأن غير بعيد لفتت صحف أخرى إلى زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان إلى سلطنة عمان، ولقائه بالسلطان هيثم بن طارق، وتحدثت صحيفة "تجارت" عن "رسالة خاصة" حملها عبد اللهيان معه إلى عمان، وذكرت أن هذه الزيارة تعد رسالة إيجابية من جانب إيران إلى أطراف الاتفاق النووي، لا سيما في ظل حرص دولة عمان على لعب دور الوسيط للتوصل إلى اتفاق.
ومن الواضح أن نظام طهران يبحث بشكل حثيث عن منفذ للخروج من الأزمة الراهنة، وهو كما توحي بذلك مواقفه وتصريحات المسؤولين بالاستعداد لتقديم تنازلات إلى الأطراف الأخرى من أجل حل أزمة الملف النووي، لكن ما هو واضح أيضا- وكما ذهبت إلى ذلك صحيفة "اقتصاد بویا"- فإن الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية لا ترغب في استئناف المفاوضات بعد قمع النظام الإيراني للانتفاضة الشعبية، وكذلك دور طهران في الحرب الأوكرانية، وتراجعها عن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في صعيد آخر انتقدت صحيفة "جمهوري إسلامي" التعامل الخاطئ للنظام مع الأزمة الحالية، وقالت إن نظام الجمهورية الإسلامية قد يستطيع البقاء لكن ذلك مشروط بإصلاح عاجل وسريع للأخطاء التي ارتكبها، مؤكدة أن الخطر لا يأتي من الخارج، وإنما الخطر الحقيقي هو في الفهم المغلوط لحكام إيران، ومن الطريقة التي يعتمدونها في حكم البلاد، وتقييمهم الخاطئ لجماهير "المحتجين الصامتين".
وأكدت الصحيفة أن أبناء الشعب الإيراني اليوم باتوا يعانون من فقدان العدالة واستشراء الفساد الاقتصادي وعدم الوفاء بالوعود وانهيار العملة الوطنية والغلاء وضيق المعيشة وعدم مشاركتهم الحقيقية في تحديد مصيرهم.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"مهد تمدن": أين المسؤولون من ارتفاع سعر العملات الأجنبية؟ هل دخلوا البيات الشتوي؟
أشارت صحيفة "مهد تمدن" في تقرير لها إلى تدهور الوضع الاقتصادي في إيران، وقالت إن الأوضاع في البلد أصبحت سيئة للغاية، بحيث أصبح الجميع يعبر عن عدم رضاه واستيائه البالغ من الأوضاع، بدأ بالمواطنين العاديين ومرورا بنواب البرلمان وانتهاء بمراجع التقليد، الذين يؤكدون جميعا أن البلاد تسير على الطريق الخاطئ، ولابد من إيجاد مخرج للأزمة الحالية وتخليص الناس من المعاناة التي يعيشونها.
ولفتت الصحيفة إلى عجز المسؤولين في حكومة رئيسي عن معالجة الأزمة، وتساءلت بالقول: "أين المسؤولون؟ هل دخلوا البيات الشتوي؟ مشيرة إلى مواقف وتصريحات رئيسي وعدد من الشخصيات النافذة في حكومته قبل توليهم لكرسي الحكم في البلاد، حيث كانوا يدعون سهولة السيطرة على الأزمة وينتقدون في سبيل ذلك حكومة روحاني، لكنهم الآن وبعد وصولهم للحكم يلاحظ الجميع كيف تسير الأمور من سيء إلى الاسوأ، وباتوا عاجزين عن حل مشكلة العملات الأجنبية والارتفاع الكبير في الأسعار.
وأكدت الصحيفة أن المتوقع هو استمرار هذا التدهور في قيمة العملة الوطنية الإيرانية ما دامت الأسواق لا ترى بوادر حل للأزمات الداخلية والخارجية التي تواجهها البلاد.
"اعتماد": المظاهرات في إيران قد تنحسر لكنها لن تنتهي
في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" قال المرشح الرئاسي السابق،، مصطفى هاشمي طبا، إن طريقة الاحتجاجات في إيران خلال السنوات الأخيرة أثبتت أنها لن تتوقف بالكامل، بمعنى أنها قد تنحسر أحيانا لكنها لن تنتهي بالكامل، ويمكن ملاحظة ذلك منذ مظاهرة عام 2017 وحتى اليوم، وبالتالي فعلى المسؤولين أن لا ينسوا أصل المشكلة، ويدعون عدم وجود مشاكل إذا ما شعروا بانحسار المظاهرات، مؤكدة أن اعتماد مثل هذه الطريقة في التعامل مع الوضع سيزيد من لهيب النيران التي باتت كامنة تحت الرماد.
"آرمان ملی": دون رفع العقوبات الدولية وتحسين العلاقة مع العالم لا يمكن الحديث عن حل مشاكل البلاد
نقلت صحيفة "آرمان ملي" تصريحات الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، حول ما يجري في إيران خلال اجتماع عقده مع مسؤولين في حكومته السابقة، وأكد أنه أجرى عدة اتصالات مع مسؤولين في الحكومة الحالية، وكذلك المرشد علي خامنئي كمحاولة منه لتقديم مقترحات وتوصيات للخروج من الأزمة الراهنة، منوها إلى أن الشعب عندما يصبح يائسا من صناديق الاقتراع فإنه سينزل بكل تأكيد إلى الشوارع.
كما لفت روحاني إلى الأزمة التي تواجهها إيران على صعيد الخارج، وقال إن الحكومة الحالية بإمكانها تفعيل الاتفاق النووي، مؤكدا أنه لو أريد إحداث تحول في الأزمة الاقتصادية في إيران فيجب أولا إحياء الاتفاق النووي، لأنه وبدون إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن إيران وتحسين العلاقة مع العالم فلا يمكننا أن نتوقع حل المشاكل الاقتصادية.
وأضاف روحاني: "البعض يتصور أنه ومن خلال التعامل مع العالم قد نشهد وجود مندسين من الخارج، لكن في الحقيقة فإن العزلة هي التي ستسبب في وجود المندسين".
"كيهان": على جميع قيادات النظام الدخول إلى "ساحة المعركة"
دعت صحيفة "كيهان" مسؤولي السلطات الثلاث في إيران إلى التدخل على خط الأزمة الراهنة، وكتبت: "إذا كنا نؤمن بحقيقة الحرب الشاملة التي تشن على إيران فينبغي أن لا نضيع الفرصة، وعلى جميع قادة النظام الدخول في ساحة المعركة ومواجهة هذا الهجوم على البلاد".
وقدمت الصحيفة توصياتها إلى السلطة التشريعية (البرلمان) والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية للقيام بالمسؤوليات المخولة لها للتأثير على أزمة العملات الأجنبية، وإيجاد حلول سريعة وآنية، منتقدة فقدان التنسيق والتناغم في عمل الحكومة.