خيبة أمل بين الصحف المعتدلة والإصلاحية في إيران الصادرة اليوم، الثلاثاء 13 ديسمبر (كانون الأول)، بعد قيام النظام بإعدام ثاني متظاهر على خلفية الانتفاضة الشعبية في البلاد.
وقامت السلطات الإيرانية فجر أمس الاثنين بإعدام الشاب مجيد رضا رهنورد في مدينة مشهد بعد أن وجهت له تهمة قتل عنصرين من عناصر الباسيج.
وأشارت صحيفة "اعتماد" إلى هذه الإعدامات، وقالت إن إعدام محسن شكاري ومجيد رضا رهنورد يظهر فقدان الشفافية في أحكام القضاء الإيراني، وأوضحت أن الشابين أعدما دون إخبار أهلهما بذلك قبل التنفيذ، وهو ما جعل المجتمع الإيراني في الأيام الأخيرة يعيش صدمة وحيرة.
مقابل ذلك أشادت الصحف الأصولية، والمقربة من المرشد والحرس الثوري، مثل "كيهان" و"وطن امروز" بهذه الأحكام والإعدامات، وعنونت هذه الأخيرة بـ"حكم قاطع"، موضحة أنه لا ينبغي الاهتمام بالانتقادات التي توجه إلى هذه الأحكام، ويجب تنفيذ القانون بشكل حاسم وبلا تردد.
على صعيد اقتصادي لفتت صحيفة "دنياي اقتصاد" إلى الارتفاع الكبير في الأسعار في قطاع السكن في العاصمة طهران، وقالت إن سعر المتر الواحد في طهران يتم بيعه حاليا بما يقارب 48 مليون تومان، وهو رقم كبير للغاية يكشف حجم المأساة التي وصلت إليها الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
في سياق آخر لفتت صحيفة "اعتماد" إلى انهيار العملة الإيرانية مقابل العملات الأجنبية، إذ شارف سعر الدولار الواحد يوم أمس الاثنين سعر 38 ألف تومان إيراني، وهو رقم قياسي في تاريخ الاقتصاد الإيراني، موضحة أن العملة الإيرانية خلال الشهور الثلاث الأخيرة فقدت 22 في المائة من قيمتها أمام العملات الأجنبية.
من الموضوعات الأخرى التي تناولتها صحف اليوم هو زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية، إذ رأت بعض الصحف مثل "آرمان امروز" أن الحكومة الصينية تعاملت مع إيران باستخفاف واضح، إذ دعمت مواقف الدول العربية في القضايا الخلافية بينها وبين طهران.
كما نقلت الصحيفة عن عطاء الله مهاجراني، وزير الإرشاد في حكومة محمد خاتمي، قوله إن الصين تعاملت بمقتضى ما تمليها عليها مصلحتها، ولا ينبغي أن نتوقع من الدول غير ذلك، مؤكدا أن الصين وروسيا وأي دولة في العالم تنتهج هذا الطريق، وهذا هو أمر طبيعي في عالم السياسة.
من الموضوعات الأخرى التي أشارت إليها بعض الصحف مثل "أترك" و"مستقل" هو اعتراف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف وتأكيده على أن النظام الإيراني قد عجز عن حل بعض القضايا.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": 4 أخطاء من النظام جعلت المظاهرات واسعة وممتدة
قال الباحث الاجتماعي، حميد رضا جلايي بور، في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية إن ما يجري في إيران بعد مقتل الشابة مهسا أميني هو "انتفاضة" احتجاجية وليس "أعمال شغب عمياء"، ولهذه الانتفاضة مطالب واضحة، معتقدا أن هناك أربعة عوامل جعلت الاحتجاجات الحالية تستمر وتمتد كل هذه الفترة, وقال إن هذه العوامل تعود بالجملة إلى 4 أخطاء وقع فيها النظام، وهي: تضييق دائرة الحكم، والفشل الاقتصادي، والسياسة الخارجية المولدة للأعداء، ومحاولة هندسة المجتمع الإيراني ثقافيا من أعلى إلى أسفل.
ويضيف جلايي بور أن الاحتجاجات في إيران حتى الآن هي في مرحلة الانتفاضة، لكن وفي حال عدم تحقيق مطالبها من جانب الحكومة فقد تصبح الأوضاع أكثر حدة، في إشارة إلى امكانية أن تتحول إلى ثورة عارمة تطيح بالنظام السياسي الحاكم.
وقال الباحث إنه حتى الآن لا يرى أي نقاط إيجابية بشأن تراجع الطرفين عن مواقفهما، لكنه في نفس الوقت أعرب عن أمله في أن يتعب الطرفان في نهاية المطاف ويتوصلا إلى حل يرضيهما، حسب تعبيره.
"سازندكي": الإعدامات تصب الزيت على النار وستزيد من غضب الشارع
نقلت صحيفة "سازندكي" بيان الأحزاب الإصلاحية التي طالبت النظام بوقف الإعدام، وعنونت في المانشيت وكتبت: "لا تعدموا".
وكان بيان الأحزاب الإصلاحية اعتبر هذه الإعدامات التي يقوم بها النظام هذه الأيام بمثابة صب الزيت على النار، وستزيد من غضب الشارع الإيراني.
كما لفتت الصحيفة إلى انتقاد "مجمع مدرسي الحوزة العلمية في قم" لهذه الأحكام الصادرة بحق المتظاهرين، وأكد البيان الصادر عن المجمع ضرورة أن يسمع النظام صوت الشعب، والعمل على تهدئة الأوضاع الجارية في البلاد، مؤكدا أن حكم "الحرابة" لا ينبغي أن يشمل المتظاهرين والمحتجين.
"كيهان": يجب تنفيذ الإعدامات دون تردد
في المقابل انتقدت صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد، تردد السلطة القضائية في إعدام المتظاهر ماهان صدارت، وهاجمت الإصلاحيين بعد أن أبرزوا مطلب "لا للإعدام"، وركزت على موضوع إعدام صدارات، ما جعل القضاء الإيراني يتراجع عن عزمه السابق في الإعدام- الأمر الذي بدا وكأن الصحيفة تحزن عليه- مطالبة بالإعدام الفوري دون تعلل أو تردد.
"شرق": النظام في إيران عاجز عن مواجهة الصين ومواقفها الجديدة
في موضوع آخر أشار المحلل السياسي كورش أحمدي في مقاله بصحيفة "شرق" إلى موقف الصين الأخير من القضايا الخلافية بين إيران والدول العربية، وأوضح أن الصين يبدو عليها أنها بدأت تسلك طريقا مختلفا.
وأضاف: "ربما تكون الصين قد رأت أن العلاقة بين إيران والدول الغربية وصلت إلى مرحلة اللاعودة، كما أن النظام السياسي في إيران يواجه مشاكل على الصعيد الداخلي" ما جعل الحكومة الصينية تشعر بعدم الارتياح تجاه علاقاتها مع إيران، ورأت أن هذه العلاقات مع نظام طهران لا تحقق مصالحها الاقتصادية.
ونوه الكاتب إلى موقف النظام الإيراني من هذه السياسات التصعيدية من جانب الصين، وقال إن المسؤولين في إيران يجدون أنفسهم أمام أزمة في الداخل وانتقادات واسعة من الخارج (الغرب)، وبالتالي فيبدو عليهم أنهم قرروا تجاهل مواقف الصين وعدم التركيز عليها، مستشهدا بطريقة الانتقاد الرسمية حيث لم يتم ذكر كلمة "الاستدعاء" للسفير الصيني وإنما أعلنت الخارجية عن لقاء بين السفير الصيني ومسؤولين في الخارجية الإيرانية تم خلاله تقديم ملاحظات على زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية.