بين منتقد لتنفيذ حكم الإعدام بحق المتظاهر محسن شكاري، ومرحب بذلك، ومدافع عنه، انقسمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت 10 ديسبمر (كانون الأول).
واللافت أن صحف النظام مثل "كيهان" لا تكتفي بتأييد قرار الإعدام، وإنما تهاجم كذلك المنتقدين لهذا الحكم، وقالت في عددها اليوم السبت إن المنتقدين لحكم الإعدام وعبر تركيزهم على الموضوع ينسجمون مع مواقف الأعداء. وأضافت أنهم يريدون تحريض "مثيري الشغب" من جديد، ووصفت الراحل شكاري بـ"المجرم" و"الجاني" دون تحديد ماهية الجريمة التي ارتكبها ليستحق الإعدام والقتل البشع.
كما دافعت الصحف الأصولية الأخرى عن هذا القرار دون أن تتحمل عناء البحث عن مشروعيته بعد أن اتخذ على عجل بهدف واضح وهو ترهيب المتظاهرين وإسكات أصواتهم.
أما الصحف الإصلاحية مثل "اعتماد" و"ستاره صبح" فكان حديثها عن خطأ هذا القرار وكونه لا يتفق مع مصلحة البلاد في الوقت الراهن.
وحذرت "اعتماد" من تنفيذ أحكام إعدام جديدة بتهم "الحرابة" التي يطلقها النظام على المتظاهرين، وعنونت الصحيفة في المانشيت، وكتبت: "أي حرابة؟ أي محارب؟"، وأكدت أن خبر إعدام شكاري قد صدم الإيرانيين.
فيما لفتت صحف أخرى مثل "هم ميهن" إلى قانونية هذا الحكم وفق الدستور الإيراني واستندت إلى كلام الخبراء والمتخصصين الذين أكدوا أنه وفي حال صحة الاتهامات التي وجهها النظام إلى الراحل محسن شكاري فإن عقوبته ستكون السجن وليس الإعدام لأنه لم يرتكب قتلا ولا جريمة تستحق القصاص.
وفي شأن متصل، أشارت صحيفة "دنياي اقتصاد" إلى تراجع الحكومة الصينية عن السياسات المتشددة حول التعامل مع قوانين الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا، وقالت الصحيفة إن الحكومة في الصين أظهرت مرونة واستجابة للمتظاهرين وتراجعت عن قراراتها السابقة، لكن الأمر في إيران لا يزال مختلفا والحكومة ترفض الاستماع إلى صوت الشارع، موضحة أن الحاجة في إيران للحصول على ثقة المواطنين تبدو كبيرة وملحوظة.
ومن الموضوعات الأخرى التي تطرقت إليها بعض الصحف الإصلاحية وتجاهلتها الصحف الأصولية موضوع زيارة الرئيس الصيني إلى المملكة العربية السعودية، وصدور بيان مشترك بين البلدين حول برنامج إيران النووي وعدم تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورأت صحيفة "شرق" أن التقارب السعودي الصيني يأتي في مواجهة إيران، وقالت إن العلاقات بين الدول لا تعتمد على الصداقات والولاءات، وإنما تسيرها المصالح الوطنية حصرا.
كما لفتت "آفتاب يزد" إلى البيان السعودي الصيني حول إيران، وأشارت إلى ما يدعيه النظام الإيراني من قوة العلاقات بين إيران والصين، وعنونت في المانشيت: "الصين شريك أم منافس؟".
يمكننا أن نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"اعتماد": ما هي الرسالة من إعدام محسن شكاري؟
انتقد الناشط السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، إعدام المتظاهر محسن شكاري، وقال إنه وبالرغم من التحذيرات والتوصيات التي أطلقها الحريصون على استقرار الأوضاع إلا أن النظام لم تكن له آذان صاغية ومضى في سياساته، مؤكدا أن قرار الإعدام هذا ستكون له تبعات قصيرة المدى وأخرى على المدى الطويل، ويجب على الإيرانيين انتظار تبعات مثل هذه القرارات.
ولفت الكاتب إلى أن الاحتجاجات في إيران كانت تتجه إلى احتجاجات مدنية بعيدا عن العنف، لكن يبدو أن بعض الأطراف (في النظام) لم يعجبها هذا الأمر وبالتالي فإنهم ومن خلال إعدام المتظاهر أرادوا إيصال رسالة للمتظاهرين تقول لهم إنه لا أحد يصغي إليكم.
ونوه عبدي في مقاله بصحيفة "اعتماد" إلى أن هذه الإعدامات لن تكون مؤثرة على مسار المظاهرات ولن ترهب المتظاهرين، وقال: "مثل هذه الإعدامات لن تستطيع القيام بهذا الدور لصالح الحكومة ولن تكون رادعة بالنسبة للمتظاهرين وإلا لكان هناك تأثير عليهم من خلال القتل في الشوارع والزج بهم في السجون".
"سازندكي": النظام يستمر في دفع مزيد من الشعب إلى الشوارع عبر سياساته الخاطئة
كما كتب السياسي الإصلاحي ورئيس تحرير صحيفة "سازندكي" حسين مرعشي، منتقدا هذا الحكم، وتساءل عن الفوائد التي يجنيها النظام منه، قائلا: "ما هو العائد على النظام من جرح مشاعر الإيرانيين وإيلامهم؟".
ونوه الكاتب إلى أن النظام في إيران وعبر سياساته الخاطئة يستمر في زيادة الزخم الشعبي للمظاهرات الحالية، وقال إن النظام لم يستفد من الفرص القليلة المتبقية، ويدفع بمزيد من الناس إلى الشوارع عبر أخطائه الكثيرة.
وأكد مرعشي أن إقناع الإيرانيين اليوم أصبح أمرا عسيرا، فالاحتجاجات ضد الجمهورية الإسلامية كثيرة ومتزايدة، معلنا بشكل غير ضمني براءته من النظام الإيراني، حيث قال: "بالنسبة لي وللتيار الإصلاحي، فإن المهم شيئان لا غير: إيران والشعب الإيراني".
"هم ميهن": تبعات إعدام شكاري داخليا
وكتبت صحيفة "هم ميهن" عن التبعات المحتملة لهذا الحكم، وقالت إن تنفيذ الحكم بشكل سريع يظهر عزم النظام على التعامل الحاسم مع المتظاهرين، ولهذا الإعدام تبعات داخلية، لافتة إلى احتمالية لجوء المتظاهرين إلى أعمال العنف بعد هذا القرار، كما رأت الصحيفة أننا قد نشهد يأسا متزايدا لدى الإيرانيين تجاه إصلاح الأوضاع في البلاد.
وأضافت الصحيفة: "لا ينبغي أن يشك النظام بأن إجراء هذا الحكم قضى على ثقة الناس واعتقادهم في إمكانية بقاء النظام الحالي".
"دنياي اقتصاد": لا أمل في إصلاحات اقتصادية أو تغييرات في السياسة داخليا أو خارجيا
في شأن آخر، رأى الخبير الاقتصادي مسعود نيلي، في مقابلة مع صحيفة "دنياي اقتصاد"، أن طرق إحياء ثقة الشعب الإيراني في النظام انتهت، موضحا أنه وعندما تكون الثقة بين الشعب والنظام معدومة فلا أمل في إجراء إصلاحات اقتصادية أو تغيير في السياسات على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
ودعا نيلي إلى ضرورة أن يقوم النظام السياسي في إيران بتغيير جذري في طريقة الحكم في البلاد للخروج من الأزمات المتراكمة في الداخل.