قُبيل ساعات من انطلاق المظاهرات الشعبية في إيران وبدء الإضرابات العامة، لا يزال الإعلام الإيراني يتعامل بطريقة غير موضوعية مع الحدث؛ إذ إن معظم الصحف الصادرة اليوم تجاهلت هذا الموضوع.
وقد تعاملت صحف إيران اليوم الاثنين 5 ديسمبر (كانون الأول) مع الاحتجاجات والإضرابات كأنها أمر قد انتهى وأغلق ملفه، لتصحو على الموضوع مضطرة للعودة إليه رغما عنها وتوزع الاتهامات على هذه الدولة أو تلك.
تتحدث الصحف الأصولية، اليوم الاثنين، عن محاسبة "مثيري الشغب"، و"الإرهابيين"، و"الخونة"، و"المرتزقة"، وغير ذلك من الأوصاف التي تلصقها بالمتظاهرين السلميين الذين سئموا الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد وطالبوا بتغيير جذري لمشاكلهم.
ومن جانبها تدعي الصحف الإصلاحية هي الأخرى انتهاء الاحتجاجات، لكنها تحجم عن اتهام المتظاهرين بتلك التهم الفارغة وتتناول في المقابل الحديث عن ضرورة إيجاد حلول للأزمة بعد انحسار المظاهرات الشعبية، كما ذهبت بعضها مثل "اعتماد" إلى أن تراجع نسبة الاحتجاجات والمظاهرات لا يعني انتهاء الغضب والاستياء الشعبي تجاه الحكومة وأعمالها.
كما لفتت صحيفة "آرمان ملي" إلى موضوع الاستفتاء، ونقلت عن خبراء ومحللين قولهم إن الاستفتاء حول بعض القضايا الهامة في البلاد كموضوع الملف النووي أو الحجاب الإجباري وما شابه، لن يتم إجراؤه على أرض الواقع، لأن النظام في إيران تعوّد على إخماد المشاكل وليس حلها، بمعنى أنه يقطع السبل المؤدية لحلها بأساليب قهرية وأمنية ولا يفكر في حل المشاكل جذريا وبشكل أساسي.
على صعيد متصل، هاجمت صحيفة "كيهان" المتحدث باسم الحكومة السابقة، علي ربيعي، بعد حديثه عن وساطات بين المتظاهرين والنظام، وقالت إنه لا معنى للمفاوضات والوساطات بين النظام والمتظاهرين، إذ إن المظاهرات عبارة عن "حرب هجينة" قادتها إسرائيل وأميركا والدول الغربية، وأنها تهدف إلى تقسيم إيران وتدميرها على يد مجموعات إرهابية.
وفي موضوع آخر، لفتت صحيفة "سازندكي" إلى موضوع "لجنة تقصي الحقائق" التي أعلن النظام عن تشكيلها لمعرفة ملابسات الأحداث الأخيرة، وقالت إنه كان من المتوقع أن تضم اللجنة ممثلين عن الأحزاب الإيرانية والمتظاهرين، لكن وزير الداخلية رفض هذه المشاركة، وأكد أن أعضاء اللجنة المزعومة سيكونون من الحكومة وحدها.
وفي شأن آخر، تحدثت بعض الصحف عن تأزم ملف إيران النووي أكثر فأكثر في ضوء غياب أي بوادر لحل قريب، وتصعيد العلاقات بين إيران والدول الغربية، ونوهت بعض الصحف إلى احتمالية أن يتم تفعيل آلية الزناد ضد إيران في القريب العاجل.
وقالت "آرمان امروز" إن "المفاوضات هي الطريق الوحيد لمنع تفعيل آلية الزناد ضد إيران"، ونوهت إلى أنه وفي حال قيام الدول الغربية بهذه الخطوة فسيتم تفعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، وستقدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم...
"مستقل": الأوضاع الاقتصادية تتفاقم ولا أمل في حل المشاكل
قال الخبير الاقتصادي آلبرت بغزيان، في مقابلة مع صحيفة "مستقل"، إن الدوائر الحكومية في إيران تحولت إلى مجمع لغير الخبراء والفاقدين لأي حرفية أو مهارة، وهو ما ساهم في تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، مؤكدا أن الأزمة المعيشية في إيران أعمق مما يظن البعض، ولا إرادة لدى الحكومة للتغيير وإصلاح السياسات الحالية.
وأوضح بغزيان أن الأوضاع الحالية ستزداد سوءا بمرور الأيام وأن حياة الناس ستتعقد أكثر فأكثر، لأنه لا توجد أي آفاق مستقبلية إيجابية، ولا نشاهد أي تخطيط لإصلاح الأوضاع من قبل الحكومة، منوها إلى أنه لا يوجد أي أمل في حل المشاكل الراهنة في البلاد.
"کیهان": الاحتجاجات مستمرة لعدم الرد الحاسم على المتظاهرين
انتقد رئيس تحرير صحيفة "كيهان" المتشددة والمقربة من المرشد، حسين شريعتمداري، ما سماه عدم التعامل الحاسم مع المتظاهرين، وأعرب عن استيائه وغضبه من استمرار المظاهرات رغم اعتقال الكثير منهم، كما أعرب عن غضبه من دعم دول العالم من المظاهرات التي يصفها بأعمال شغب واضطرابات.
وعن سبب استمرار هذه المظاهرات رأى شريعتمداري أن السبب الرئيسي هو عدم التعامل الحاسم مع المتظاهرين وتساءل بالقول: "ألا يعتبر الإعلان المستمر والمتكرر عن عدم حمل القوات الأمنية للسلاح الناري سببا في تشجيع المتظاهرين على التظاهر والاستمرار في الاحتجاج؟".
كما دعا شريعتمداري إلى رد أقوى من جانب إيران على الدول الغربية الداعمة للاحتجاجات، وقال إن استدعاء السفراء والإدانة والاستنكار لن يعالج المشكلة، ويجب أن تدفع هذه الدول ثمن جرائمها. دون أن يحدد آلية الرد والمواجهة مع هذه الدول.
"شرق" غموض حول مصير "شرطة الأخلاق" بعد تصريحات المدعي العام
في تقرير لها حول تصريحات المدعي العام الإيراني حول إنهاء عمل "شرطة الأخلاق"، حاولت صحيفة "شرق" استقصاء الموضوع من مصادر رسمية، وأجرت مقابلة مع مسؤولين في شرطة طهران العاصمة، حيث ذكرت أنه وبعد محاولاتها معرفة حقيقة الأمر إلا أن مدير العلاقات العامة في شرطة طهران رفض الاجابة على سؤال الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن المسؤول أجاب على سؤال الصحيفة برد غريب، حيث قال لمراسل الصحيفة: "لا تخبروا أحدا بأنكم اتصلتم بنا.
الوقت ليس مناسبا الآن للحديث عن هذا الموضوع. عندما يكون الوقت مناسبا فإن الشرطة ستتحدث".
وأكدت الصحيفة أن مدير العلاقات العامة في شرطة طهران مارس تهديدات على مراسل الصحيفة الذي حاول معرفة حقيقة الأمر وطبيعة التصريحات التي أدلى بها المدعي العام الإيراني.
"آرمان امروز": إذا لم تعالج الأمور بشكل جذري فستزداد سوءا بمرور الوقت
تحدث علي مطهري النائب البرلماني السابق لصحيفة "آرمان امروز"، واصفا بعض الشخصيات المتشددة في الداخل الإيراني بـ"أصدقاء الثورة الجاهلين"، وهم الذين يعتقدون بوجوب أن يستمر الوضع الراهن دون القيام بإصلاحات أساسية، وقال إن هؤلاء يتفقون مع أعداء الثورة على ضرورة استمرار الوضع الراهن، رغم أن ذلك سيؤدي إلى انهيار الثورة وهزيمتها حسب تعبيره.
وقال مطهري، كما أوردت ذلك صحيفة "آرمان امروز"، إن "أصدقاء الثورة العقلاء يطالبون بتغيير الوضع الراهن، لأن استمرارية هذا الوضع لا يمكن ان تدوم، وسيزداد عدد المتظاهرين يوما بعد يوم وستصل الأمور إلى مرحلة أكثر تأزما.