تضاربت الإحصاءات الرسمية الإيرانية حول عدد ضحايا الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهرين، مما يشير إلى تخبط على المستوى الحكومي في التعامل مع الأزمة.
وبعد أن اعترف قائد القوات الجوية في الحرس الثوري، أمير علي حاجي زاده، قبل أيام، بسقوط أكثر من 300 قتيل في الاحتجاجات الأخيرة، ظهر بيان أمس لما يسمى "مجلس أمن البلاد" الذي يتبع مجلس الأمن القومي الإيراني، وزعم البيان أن قتلى الاحتجاجات 200 شخص يشملون القتلى في صفوف المتظاهرين وفي صفوف قوات الأمن كذلك، وهو رقم أقل بكثير مما جاء على لسان حاجي زاده.
وتساءلت صحيفة "ستاره صبح" عن سبب هذا التضارب في الأنباء حول موضوع بهذه الأهمية، وعنونت في صفحتها الأولى: "عدد قتلى الاحتجاجات 200 أو 300؟".
كما أعربت الصحيفة في مقالها الافتتاحي عن استغرابها من هذا الإحصاء حيث إن احتجاجات نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2019 التي لم تستمر سوى بضعة أيام خلفت 230 قتيلا، بينما الاحتجاجات الحالية والمستمرة منذ أكثر من 70 يوما لم تؤدِ إلا لمقتل 200 شخص حسب الرواية الرسمية.
أما صحيفة "اعتماد" فتساءلت عن حقيقة هذه الأرقام وكونها تتناقض مع تصريحات سابقة، وعنونت في المانشيت: "أي 200 قتيل؟"، وذكرت أن الإعلام الرسمي أورد في نشرات سابقة أن عدد قتلى الاحتجاجات حتى يوم 27 سبتمبر (أيلول) الماضي بلغ 60 قتيلا، فيما أقر نائب مدينة مهاباد أن المدن الكردية وحدها شهدت مقتل 105 قتلى حتى الآن ما يجعل الإحصاء الذي ذكره مجلس أمن البلاد يتناقض مع منطق هذه الإحصاءات في أعداد القتلى.
ونوهت الصحيفة إلى أن تقارير المنظمات الحقوقية تتحدث عن سقوط أكثر من 400 قتيل حتى الآن، مؤكدة أن أحد المطالب الرئيسية للشارع الإيراني اليوم هو وجود شفافية في عدد الضحايا وأن يتضح أين سقط هؤلاء الـ200 شخص وفي أي فترة زمنية وكيف تم ذلك؟
وفي شأن متصل بالاحتجاجات نقلت صحيفة "آرمان ملي" كلام الناشط السياسي الإصلاحي ونائب الرئيس الأسبق محمد خاتمي، محمد علي أبطحي والذي كشف عن إرسال خاتمي 3 رسائل إلى المرشد حتى الآن دون أن يرد المرشد عليها وتجاهلها بشكل كامل. وقال أبطحي في هذا الخصوص: "السيد خاتمي بعث 3 رسائل إلى المرشد وطلب منه مناقشة القضايا بشكل جذري لكن المرشد لم يرد على أي من هذه الرسائل ثم تطالبون الآخرين بأن يساهموا في حل الأزمة؟".
يمكننا أن نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"هم ميهن": يجب أن تعترف الحكومة بوجود استياء شعبي واسع في البلاد
في مقابلة مع صحيفة "هم ميهن"، أشار مرتضى مبلغ المساعد السياسي لوزارة الداخلية الإيرانية في عهد حكومة محمد خاتمي الإصلاحية إلى الأرقام والإحصاءات حول عدد قتلى الاحتجاجات. وقال إن هذا التضارب في عدد القتلى يجعل المواطنين يفقدون الثقة في أي إحصاء رسمي، مؤكدا أنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تقنع هذه الإحصاءات والأرقام المواطنين بحقيقة ما جرى في البلاد.
وأوضح مبلغ أن ربط المظاهرات بالأعداء والانفصاليين هو "افتراء" وادعاء، مضيفا: "يجب أن تعترف الحكومة بوجود استياء شعبي واسع في البلاد نتيجة فشل المسؤولين وصناع القرار في إدارة البلد".
"آرمان ملي": الجيل الحالي يرفض الصمت عن عدم تلبية مطالبه
في غضون ذلك، قالت صحيفة "آرمان ملي" إن عدم الرضا والمعارضة لسياسات الحكومة في إيران كان موجودا منذ سنين طويلة، لكن الجيل الحالي أصبح أكثر إصرارا على مطالبه ولن يسكت عن حقه الذي يشعر أنه مسلوب منه وسيستمر في المطالبة بحقوقه، مشددة على ضرورة أن تعيد الحكومة النظر في سياساتها وتعمل على إجراء إصلاحات اساسية تشمل إعادة النظر أو حتى تغيير الدستور.
لكن الصحيفة استدركت وقالت إن بعض المسؤولين يرفضون أساسا أي حديث عن الدستور أو تغييره أو إعادة النظر فيه ويصرون على أنه لا توجد أي مشاكل في الوقت الحالي ولا داعي للإصلاح أو التغيير.
"جوان": إحصاءات هجرة الإيرانيين مخيفة
قدمت صحيفة "جوان" الأصولية تقريرا مخيفا حول نسبة المهاجرين في إيران خلال العام الأخير، حيث ذكرت أن مليونين و800 شخص هاجروا من إيران خلال عام 2022 أي ما يعادل 3.3 في المائة من إجمالي عدد السكان، وخطورة هذه النسبة تتبين عندما ندرك أن المهاجرين في العادة يكونون من بين النخب والحرفيين والخبراء في مجالاتهم مما يفرغ البلاد من هؤلاء المتخصصين.
وذكرت الصحيفة نفسها أن العام الماضي وحده شهد هجرة 160 أخصائي قلب من إيران، منوهة إلى أن 37 في المائة من الأشخاص الذين احتلوا الرتب العليا في اختبارات الدخول إلى الجامعة يهاجرون من إيران.
ورغم هذه الإحصاءات الرسمية فإن مسؤولي حكومة رئيسي لا يزالون يقدمون معلومات مضللة ومغايرة للواقع، حيث زعم المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي في وقت سابق أن إيران شهدت في العام الأخير عودة كبيرة لنخبها من الخارج.