خرج المرشد الإيراني، يوم أمس السبت، بتصريحات تعد خير دليل على ما يذهب إليه بعض المراقبين والمحللين السياسيين من استحالة إصلاح النظام السياسي الراهن في إيران.
ولا يزال خامنئي- أهم شخص في النظام- غير معترف أصلا بوجود مشكلة في البلاد، ويؤكد في المقابل أن النظام سيتغلب على هذه "المؤامرة" و"الفتنة" التي يحيكها "أعداء إيران" باستمرار.
واحتفت صحف إيران اليوم الأحد 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، بتصريحات خامنئي أيما احتفاء، لاسيما الصحف الأصولية، التي عكست جزءا كبيرا من كلام خامنئي الذي وصف فيه المتظاهرين بـ"المرتزقة" و"الخونة" و"الجهلة" و"الغافلين" الذين انخدعوا بالدعاية الغربية ونزلوا إلى الشوارع بهتافات ضد النظام.
كما لفتت بعض الصحف مثل "ستاره صبح" إلى دعوات الإصلاح والتغيير عبر اعتماد سياسة أكثر عقلانية وانفتاحا على الولايات المتحدة الأميركية. ونقلت كلام خامنئي يوم أمس السبت الذي أكد فيه بشكل صريح أن "المفاوضات مع أميركا لن تحل مشكلة"، ليكون ردا قاطعا على هذه الدعوات.
فيما نقلت صحف أخرى ثناء المرشد على قوات الباسيج التي تدعم قوات الأمن في قمعها للاحتجاجات الشعبية. وأوضح خامنئي في خطابه أمس أن "الباسيج تعرض للظلم" بالرغم من تفانيه في الدفاع عن الشعب الإيراني.
وفي شأن متعلق بالرياضة وانعكاساتها على الواقع السياسي الإيراني، نشرت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية تقريرا حول أزمة عدم تشجيع الإيرانيين لمنتخب وطنهم بعد فوزه على منتخب ويلز، وقالت إنه "كان من المتوقع كما في السنوات الماضية أن يكون فوز منتخب إيران وسيلة للمصالحة الوطنية بين المتخاصمين السياسيين، لكن في هذه السنة لم يحدث ذلك، بل إن فوز منتخب إيران ضاعف من الاستقطاب في البلاد"، مشيرة إلى "احتفال قوات الأمن ومجموعات صغيرة من المواطنين بهذا الفوز وعزوف الأغلبية الساحقة عن المشاركة في الاحتفالات".
وفي شأن آخر، تناولت بعض صحف اليوم تطورات العلاقة بين إيران والدول الغربية، وتساءلت صحيفة "مردم سالاري" عما إذا كان الغربيون بدأوا باعتماد أدبيات جديدة في علاقتهم مع إيران. وكتبت في المانشيت: "تغيير أدبيات التعامل مع إيران.. استراتيجية أم تكتيك"، موضحة أن الدول الغربية لم تعد تهتم بموضوع إحياء الاتفاق النووي.
أما صحيفة "كيهان" فلا تزال تتحدث عن "الشتاء الصعب" في الدول الغربية وادعت أن الدول الغربية بدأت تحرض على الاحتجاجات في إيران من أجل الضغط على نظام طهران لقبول اتفاق جديد. وأكدت أن "طهران لن تقبل إبرام اتفاق خاسر مع الدول الغربية وستنهي الاضطرابات الداخلية ولن تشعر أوروبا بالدفء عبر إضرام النيران في إيران".
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"هم میهن": العلاقة مع أميركا ليست أولوية للشعب الإيراني
في مقالها الافتتاحي، أشارت صحيفة "هم ميهن" إلى خطاب المرشد خامنئي، يوم أمس السبت، وتأكيده على أن وجود مفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية لن يحل مشكلة البلاد، لتؤكد الصحيفة أن ما ذكره المرشد خامنئي يمكن اعتباره كلاما صحيحا إذا ما نظرنا إلى مطالب الشارع الرئيسية اليوم؛ إذ إنه لم تعد تهمهم قضية وجود مفاوضات مع أميركا من عدمها بل إن المطالب الرئيسية تركز على موضوع الحكم في إيران ومعالجة المشاكل الاقتصادية المتزايدة في البلاد والتمييز الصارخ الذي يلاحظ في كل مجال في إدارة البلد.
كما وضعت الصحيفة قائمة من الأمور التي يطالب بها المتظاهرون الآن مثل إصلاح مؤسسة الإعلام الرسمية التي تحولت إلى منبر للأقلية على حساب الأكثرية في البلاد، وكذلك عزل المديرين الفاسدين، وأيضا عدم تناسب القوانين مع حاجات البلاد المستجدة، والتضخم والبطالة وفقدان العدالة القضائية، وبالتالي فإن الشعب اليوم لا تهمه كثيرا قضية بناء علاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.
وختم المقال بأن هذه المطالب والمشاكل التي يقر الجميع بوجودها أيضا لا توجد إرادة لدى النظام لحلها ولا يوجد المسؤولون الأكفاء القادرون على معالجتها وإيجاد الحلول لها.
"مستقل": كثير من مدن محافظة كردستان تشهد إضرابات ومظاهرات واسعة
أجرت صحيفة "مستقل" مقابلة مع النائب البرلماني عن مدينة سنندج مركز محافظة كردستان الإيرانية، جلال جلالي زاده، والذي أكد عدم وجود مطالب انفصالية لدى الأكراد المتظاهرين هذه الأيام وهو موضوع كثيرا ما تحاول السلطات الإيرانية تضخيمه لإلصاق هذه التهمة بالمتظاهرين ليسهل قمع الاحتجاجات. وأكد في الوقت نفسه أن مدن محافظة كردستان إيران اليوم معظمها تشهد إضرابات ومظاهرات عامة، ويندد المواطنون في هذه المدن بعنف النظام وممارسته للأساليب القهرية بحق المتظاهرين وهو أمر أغضب المواطنين وجعلهم يستمرون في التظاهر والاحتجاج كل هذه المدة.
وطالب جلالي زاده النظام بإنهاء العنف الشديد بحق مدن محافظة كردستان غربي إيران وأن ينتهجوا على الأقل نهج النظام في تعامله مع الاحتجاجات في محافظة بلوشستان؛ حيث بعث بوفد ممثل لخامنئي إلى المحافظة والجلوس مع ممثلين عن المتظاهرين للاستماع إلى مطالبهم وما يريدونه من النظام.
"آرمان امروز": نسبة كبيرة من الإيرانيين لا تجد لها ممثلا في النظام السياسي
في مقابلة مع صحيفة "آرمان امروز" قال الناشط السياسي بيجن عبدالكريمي، إنه وخلال العقود الأربعة الأخيرة وبسبب الأخطاء الكثيرة انهارت كثير من الجسور بين الشارع والنظام، والسبب الرئيسي في ذلك هو تحييد شخصيات كانت تمثل دور الوسيط بين الطرفين.
ويضيف عبدالكريمي: "وفي الوقت الحالي إذا ما أريد إدارة الأوضاع بشكل سليم فمن الضروري السماح بعودة هذه الشخصيات أمثال السيد محمد خاتمي، لكن شريطة أن تتاح لها حرية الحركة والمبادرة؛ فلو أريد من تحركاته أن تكون مهندسة ومسيطرا عليها من قبل النظام نفسه فإنها لن تاتي بنتائج عملية".
وأوضح أن نسبة كبيرة من المجتمع الإيراني اليوم أصبحت لا تجد لنفسها ممثلا في النظام السياسي ويتم تجاهلها بشكل ملحوظ.
كما أشار عبدالكريمي إلى رفض نسبة كبيرة من الشارع الإيراني إلى عودة مثل هذه الشخصيات إلى المشهد السياسي، فالشارع اليوم يرفض جميع اللاعبين في المشهد السياسي، وقال: "المعارضون المتشددون لا يقبلون بعودة أمثال محمد خاتمي وأعتقد ان هذا خطأ كبير يقع فيه المتظاهرون إذ إنهم يرفضون وجود مثل هؤلاء الوسطاء"، مؤكدا أن "التحولات الاجتماعية يجب ان تحدث بالتدريج والتسلسل؛ فلو أراد المتظاهرون تبني مطالب وسلوك متطرفين فإنه لن يحدث شيء إيجابي على الإطلاق".