في حادثة تعتبر دليلا واضحا للرأي العام العالمي والإيراني على فقدان النظام السياسي الحالي للمشروعية الشعبية؛ رفض لاعبو المنتخب الإيراني لكرة القدم ترديد "النشيد الوطني" أثناء لقائه بالمنتخب الإنجليزي في إطار مباريات كأس العالم في قطر.
واضطر التلفزيون الإيراني إلى قطع صور عدم ترديد اللاعبين الإيرانيين لنشيد النظام الإيراني في مونديال قطر وقام ببث صور أخرى.
وتجاهل كثير من الصحف هذا الموضوع، واهتمت الصحف بالحديث عن الهزيمة الساحقة للمنتخب الوطني الإيراني حيث خسر المباراة 6 مقابل 2 لصالح إنجلترا.
لكن صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد خامنئي، كانت جريئة بحكم موقعها من أروقة الحكم، وانتمائها المتطرف تجاه كل تصرف أو حركة يشم منها ريح المعارضة.
وهاجمت الصحيفة، في عدد اليوم الثلاثاء 22 نوفمبر (تشرين الثاني)، اللاعبين الإيرانيين وجردتهم من "الغيرة" الوطنية بعد رفضهم ترديد نشيد إيران الوطني، كما ادعت أن اللاعبين قد تأثروا سلبا بالدعاية الإعلامية التي انتشرت على نطاق واسع في الإعلام الغربي والعربي والإسرائيلي ضد المنتخب الوطني، وعنونت في المانشيت وكتبت: "إيران 2 وإنجلترا والسعودية وإسرائيل والخونة الداخليون والخارجيون 6"، مدعية أن كل هذه الدول قد توافقت وعملت على هزيمة المنتخب الإيراني.
فيما لفتت صحيفة "اترك" إلى هجوم مدرب المنتخب الإيراني على المشجعين الإيرانيين في الملعب، والذين رددوا هتافات ضد اللاعبين، واتهموهم بعد التضامن مع أبناء شعبهم الذي يُقمع هذه الأيام على يد السلطات الأمنية، وقال "كارلوس كيروش" للمشجعين: "إذا لم تريدوا تشجيع المنتخب فلا تأتوا إلى الملعب".
في شأن متصل بالاحتجاجات وانعكاساتها أشارت صحيفة "آرمان ملي" إلى مصادرة السلطات لصحيفة "جهان صنعت" الإيرانية بعد نشرها خبرا عن مقتل الطفل "كيان بيرفلك" في احتجاجات إيذه، جنوب غربي إيران، ونقلها تصريحات للأستاذ الجامعي والناشط الإصلاحي، صادق زيبا كلام، حول الحادثة.
وشهدت إيران، أمس الاثنين، يوما داميا لا سيما في مدن محافظة كردستان، حيث سقط أكثر من 5 قتلى و10 جرحى في صفوف المتظاهرين في مدينة "جوانرود" على يد رصاص الأمن الإيراني، لكن ملاحظ بوضوح تجاهل متعمد للصحف الصادرة اليوم الثلاثاء لهذه الحادثة المؤلمة.
ورغم كثرة المقاطع التي توثق كيفية قتل المتظاهرين في شوارع المدينة وأزقتها، إلا أن وكالة "فارس" نقلت عن مصادرها أن خمسة أفراد (متظاهرين) قتلوا بعد أن تعرض مقر للحرس الثوري في المدينة إلى محاولة للهجوم من قبل هؤلاء الأفراد، في محاولة لتبرير القتل الوحشي الذي تعرض له المواطنون في مدينة "جوانرود"، شمال غربي إيران.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"مهد تمدن": الإساءة إلى المتظاهرين وتحقيرهم يوسع دائرة معارضي النظام
أشارت صحيفة "مهد تمدن" إلى هجوم بعض الأطراف والشخصيات المتطرفة في الداخل على المتظاهرين، وقالت إن الأسلوب البذيء والاتهامات الفضفاضة التي يطلقها هؤلاء الأفراد بحق المتظاهرين والمحتجين هي وسيلة لزيادة العنف والخشونة في الشارع، وقالت إن مشكلة هؤلاء الأفراد المتطرفين أصحاب المنابر والنفوذ هي أنهم يعتقدون أنهم محور كل شيء، ويرون الآخرين على خطأ وانحراف.
ونوهت الصحيفة إلى أن صحفا مثل "إيران" الحكومية و"كيهان" و"همشهري" هي أكثر الصحف التي شهدت نشر مثل هذه الهجمات والأساليب المهينة تجاه المنتقدين والمتظاهرين، مؤكدة أن مثل هذه الأساليب في الإساءة إلى المتظاهرين تكلف النظام كثيرا من الخسائر، وتوسع من دائرة معارضي النظام ومنتقديه.
"ستاره صبح": المنتخب الوطني الإيراني متردد في الوقوف بجانب المتظاهرين أو النظام
قال المحلل السياسي والناشط الثقافي، محمد جواد حق شناس، إن بعض الأطراف في إيران يرفضون أن يفهموا السبب الحقيقي وراء هزيمة المنتخب الوطني الإيراني لكرة القدم مقابل منتخب إنجلترا، مؤكدا أن هذه الهزيمة كشفت عن وجود شرخ كبير بين النظام والشعب، وقال إن سياسات الحكومة ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمي خلقت قطبية ثنائية كبيرة في الداخل الإيراني.
وأضاف حق شناس في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" أن المنتخب الوطني الإيراني لا يزال مترددا في أن يقف بجانب النظام أم المتظاهرين، وهذا الأمر جعله يفقد حاضنته الشعبية في البلاد، وأصبحت نسبة كبيرة من المواطنين تحتفل بهزيمته أمام منافسه، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ كرة القدم في العالم.
"ابتكار": جبهة غربية واسعة ضد إيران
في شأن متعلق بالاتفاق النووي أشار الدبلوماسي السابق، فريدون مجلسي، إلى التحركات الأوروبية الأخيرة وتقديم مسودة قرار لمجلس محافظي الوكالة والضغط من أجل المصادقة عليه، وقال إن هذه التحركات تؤكد لنا أن الدول الغربية ومنذ أمد بعيد قد أصبحت يائسة من الحكومة الإيرانية تجاه حل مشكلة الاتفاق النووي، وباتوا يؤمنون بأن الحكومة الحالية في طهران هي معارضة منذ بدء مجيئها لإحياء الاتفاق النووي، بل إنهم يعتقدون أن فريق إيران التفاوضي يرى إن إحياء الاتفاق النووي يتعارض مع استقلال البلاد.
وأضاف مجلسي في مقابلته مع صحيفة "ابتكار": "بغض النظر عن تطورات اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية والقرار المتخذ ضد إيران، إلا أننا نلاحظ تشكيل جبهة جديدة ضد إيران بين قادة الدول الغربية"، مشيرا إلى تصريحات رئيس وزراء كندا، جاستين ترودو، الذي تحدث عن ضرورة تغيير النظام في إيران، وكذلك لقاء الرئيس الفرنسي لنشطاء معارضين للنظام، ووصفه ما يجري في إيران بـ"الثورة" ومواقف المستشار الألماني ضد قيادات النظام.
وقال فريدون مجلسي إن مجموع هذه التطورات تؤكد لنا تشكيل جبهة جديدة وواسعة ضد إيران، موضحا أن تطورات الملف النووي وموضوع إرسال الطائرات إلى روسيا لاستخدامها بالحرب ضد أوكرانيا تشدد من المواقف الغربية تجاه طهران.