تستمر الاحتجاجات بلا كلل أو فتور رغم محاولات النظام ووسائل إعلامه ادعاء غير ذلك، فبعد أسابيع من التظاهر والاحتجاج ضد النظام، خرجت يوم أمس عدة مدن في إيران، وعلى رأسها مدن محافظة بلوشستان، للتظاهر السلمي والتنديد بقمع السلطات للاحتجاجات الشعبية وقتل وإصابة المئات من الإيرانيين.
ويلجأ النظام في العادة إلى تشويه هذه الاحتجاجات عبر اتهامها بأنها مخطط لها من الخارج وأن دولا أجنبية تدير هذه الاحتجاجات متغافلة عن أن الأزمة الاقتصادية والفساد السياسي وفقدان الأمل في المستقبل هي الأسباب الأساسية لهذه الأزمة الشعبية كما يؤكد ذلك خبراء ومحللون إيرانيون في الداخل.
ومع ذلك تحاول بعض الصحف مثل "اطلاعات" التخفيف من حدة غضب الشارع عبر نقلها لتصريحات رئيسي التي أعرب فيها عن استعداد حكومته الاستماع إلى صوت الشارع وعنونت في المانشيت اليوم وكتبت بالخط العريض: "الحكومة تعمل بكل جهدها لتحقيق مطالب الشعب"، كما نقلت بعض الصحف تصريحات رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إيجه اي. وكتبت "كار وكاركر" نقلا عن إيجه اي: "يجب الاستماع إلى عتاب الناس واحتجاجهم وتحديد نقاط الضعف والخلل".
وفي شأن متصل بالاحتجاجات، علقت صحيفة "آرمان ملي" على ظاهرة "إسقاط العمائم" من قبل المحتجين في الشوارع، وبالرغم من معارضتها لهذه الأعمال إلا أنها أكدت أن هذه الحادثة لها جذور في التاريخ السياسي الإيراني وحتى في العهد القريب كان أنصار التيار الحاكم اليوم يقومون بها ضد خصومهم السياسيين موضحة أن بعض مَن يقوم بها يشعر بغضب واستياء تجاه أعمال وممارسات رجال الدين في السياسة.
ومن الموضوعات الأخرى التي علقت عليها بعض صحف اليوم، أزمة شح الدواء في الصيدليات الإيرانية والغلاء الفاحش في بعض الأدوية الضرورية. وعن الموضوع عنونت "آفتاب يزد" وكتبت في الصفحة الأولى: "ارتفاع سعر بعض الأدوية إلى 700 في المائة"، وعنونت "اقتصاد بويا" بـ"مصائب شح الدواء"، وقالت "شرق": "مشاكل مرضى التنفس في ظل أزمة الدواء".
كما احتفت صحف النظام بإعلان الحرس الثوري عن صنع صواريخ جديدة يمكنها ضرب إسرائيل خلال دقائق، محاولة بعناوينها الكبيرة أن تسدل الستار على أزمة الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ الإعلان عن قتل الشرطة للشابة مهسا أميني داخل مقر احتجاز لشرطة الأخلاق في طهران.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم
"آرمان امروز": لماذا لا يعتذر المسؤولون في إيران؟
تساءلت صحيفة "آرمان امروز" في تقرير لها عن الأسباب والعوامل التي تجعل المسؤولين الإيرانيين يمتنعون عن الاعتذار للمواطنين جراء الأخطاء والتقصيرات التي تقع في البلاد، مشيرة إلى ثقافة الاعتذار السائدة في سياسات الدول الأخرى، حيث تبادر الحكومة والمسؤولون فيها بتقديم الاعتذار لمواطنيها عند حدوث خطأ ما، لكن المسؤولين في إيران حتى أصغرهم مقاما يمتنع بإصرار عن تقديم الاعتذار حتى لو كان الخطأ فادحا وجسيما. وقالت إن قضية مهسا أميني كان من الممكن حلها عبر تقديم اعتذار رسمي وصريح من قبل المسؤولين في إيران.
وعن أسباب هذا السلوك من قبل المسؤولين الإيرانيين قال الخبير الاجتماعي جواد ميري للصحيفة إن المسؤول في إيران يشعر عند توليه لمنصب ما بأنه أصبح مالكا لذلك المنصب ولا يحتاج أن يقدم الاعتذار عند حدوث الخطأ لأن العملية السياسية تحكمها الثقافة الأبوية والعقلية القبلية، أي إن الأب ورئيس القبيلة لا يجب أن يعتذر، فالاعتذار لدى أمثال هؤلاء يعتبر إضعافا لمكانتهم وتقليلا من شأنهم.
"اعتماد": الإصلاحيون ينزفون وشعبيتهم في تراجع
في مقال له بصحيفة "اعتماد" انتقد الناشط السياسي الإصلاحي عباس عبدي التيار الإصلاحي الذي ينتمي إليه، مشيرا إلى صمتهم الطويل خلال فترة الاحتجاجات الشعبية التي تجاوزت 50 يوما، وقال إن ذلك ضاعف من نسبة الاستياء الشعبي تجاههم ولفت إلى أن البيانات والمواقف المتواضعة التي اتخذوها تجاه الأحداث ليست كافية بل إنه يشوبها كثير من الغموض الذي يضاعف من أشكال النقد والغضب تجاههم.
وأوضح عبدي أن الأوضاع الراهنة في إيران تكشف أن عملية إصلاح التيار الإصلاحي تزداد صعوبة يوما بعد يوم.
وعن أكبر خطأ وقع فيه الإصلاحيون رأى عبدي ان الإصلاحيين لم يحددوا لأنفسهم خطوطا حمراء، موضحا أن أي تيار لا يرسم لنفسه خطا واضحا يلتزم به بصرامة سيفقد شعبيته عاجلا أم آجلا.
وأضاف أن الإصلاحيين كانوا يعرفون مكامن الضعف والخلل لكنهم مع ذلك قبلوا تولي المناصب والمسؤوليات وكان عليهم حينها معالجة هذه المشاكل والأزمات أو ترك المناصب التي شغلوها.
"جمهوري إسلامي": التحديات الإقليمية لإيران يمكن حلها بعد حل أزمة الاتفاق النووي
في شان منفصل أشار المحلل العسكري حسين علائي إلى التحديات الإقليمية التي تواجه إيران ودعا سلطات بلاده إلى حل أزماتها الإقليمية والدولية، قائلا إن إنهاء مشكلة الاتفاق النووي هي الطريق الوحيد لإنهاء التوترات الإقليمية التي تواجهها إيران كما ذكر أن طهران والرياض يمكنهما حل المشاكل بينهما عبر الحوار والتفاوض.
ولفت علائي إلى صناعة إيران للصواريخ والأسلحة. وقال إن تطوير القدرات الدفاعية أمر حسن ومطلوب لكن امتلاك الشعبية ورضا الرأي العام في الداخل من النظام هو الطريق الأمثل لضمان قوة ردعية للبلاد.
كما نوه الكاتب في مقاله بصحيفة "جمهوري إسلامي" إلى عودة بنيامين نتنياهو إلى السلطة في إسرائيل، وقال إن نتيناهو هو أكثر وزراء إسرائيل عداء مع إيران، وهو يرغب في إشعال حرب في المنطقة، ويحاول بشتى السبل زيادة الشرخ بين إيران والدول الغربية والعربية.