تتعالى الأصوات المنتقدة لبيان وزارة الاستخبارات الإيرانية، وجهاز استخبارات الحرس الثوري، حول الأحداث الأخيرة واتهام صحافيين معروفين في الإعلام الإيراني بأنهم "عملاء" للخارج، من خلال نشر صورة مهسا أميني التي قتلت على يد "شرطة الأخلاق" الإيرانية.
وبعد البيان علت الأصوات المنتقدة في صحف الإصلاحيين التي انبرت اليوم للدفاع عن صحافيتين اتهمت إحداهما بأنها أول من نشر صورة عن المقتولة مهسا أميني، فيما اتهمت الأخرى بأنها أول من أعد تقريرا صحافيا حول الموضوع.
وقبل تعليقات الصحف وردودها، خرج مدير تحرير صحيفة "شرق"، مهدي رحمانيان، ودافع عن عمل مراسلة الصحيفة "نيلوفر حامدي"، وأكد أن المراسلة عملت بمقتضى مهنتها ورسالتها الإعلامية، مؤكدا أن نشر الصور والتقارير هو جوهر عمل الصحافة ولا ينبغي أن يساءل عليه ويحاسب. كما استغرب من انشغال مؤسسات أمنية بمثل هذه الموضوعات غير الهامة.
وعنونت صحيفة "اعتماد" في عدد اليوم الأحد 30 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وكتبت في المانشيت تعليقا على الموضوع: "الصحافة ليست جريمة"، فيما أشارت صحيفة "جهان صنعت" إلى هذه الاعتقالات في صفوف الصحافيين والإعلاميين، وقالت: "أطلقوا سراح الصحافيين المعتقلين"، وكتبت "شرق" في عدد اليوم: "الدفاع عن مهنة الصحافة".
أما صحيفة "كيهان" فهاجمت منتقدي هذا البيان من قبل الاستخبارات الإيرانية، وذكرت بالاسم رئيس تحرير صحيفة "شرق" مهدي رحمانيان، وكذلك عباس عبدي، وزعمت أن دفاع هؤلاء الشخصيات عن هؤلاء الصحافيين "المأجورين"، نابع من خشيتهم من يد العدالة التي ستصل إليهم كذلك.
وفي موضوع آخر، هاجمت صحيفة "وطن امروز" المقربة من الحرس الثوري الإيراني الصحافيين الذين حاولوا حسب ادعائها اتهام النظام بالوقوف وراء عملية شيراز الإرهابية وتبرئة داعش، مطالبة بضرورة محاسبة هؤلاء الصحافيين والإعلاميين الذين يشككون في رواية النظام ويحاولون اتهام النظام نفسه.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"آرمان امروز": غياب دور الأحزاب في أحداث إيران الجارية
انتقدت صحيفة "آرمان امروز" في تقرير لها حول الأحداث في إيران غياب دور الأحزاب والجماعات السياسية في التأثير على تطورات الأوضاع، إذ إن الأصوات المتشددة هي التي تتصدر الواقع وهناك غياب وعزلة ملحوظة للأصوات المعتدلة مثل الإصلاحيين أو الأصوليين المعتدلين، إذ باتوا منعزلين عن الواقع ولا حضور لهم في المشهد السياسي الذي يتطلب مشاركة الحريصين على استقرار الأوضاع حسب ما جاء في الصحيفة.
وقال المحلل السياسي رسول منتخب نيا للصحيفة إن هناك قاعدة معروفة تقول إنه إذا كانت الأحزاب مهملة في بلد من البلدان فإن ذلك البلد سيفشل بكل تأكيد في تحقيق التنمية والاستقرار، وفي إيران هذه الأيام نشهد غيابا تاما للأحزاب؛ إذ أصبحت الشخصيات المعروفة من الأصوليين والإصلاحيين مجرد "متفرجين على الأزمة" ولا دور عمليا لهم في مواجهة هذه المشاكل التي تمر بها البلاد، موضحا أن هذه العزلة والصمت من قبل هذه التيارات والجماعات لهما جذور في تجاهل النظام السياسي للأحزاب والجماعات السياسية.
"آرمان ملي": قبل الجلوس مع المتظاهرين لا بد للنظام أن يحاور نفسه لتحديد الطريق الذي سيسلكه
أجرت صحيفة "آرمان ملي" مقابلة مع أحمد مازني الناشط الإصلاحي والبرلماني السابق، والذي أكد أن ما تحتاجه إيران حاليا هو أن نجلس ونستمع إلى مطالب الشباب وأبناء الجيل الجديد، لكن قبل ذلك نحتاج إلى أن يجري حوار بين قيادات النظام السياسي نفسه، موضحا: "أعتقد أنه وبالإضافة إلى حاجتنا للجلوس مع الجيل الجديد والتحاور معه، نحتاج كذلك إلى أن تجلس الجماعات السياسية والفكرية في البلاد وتتحاور فيما بينها، فالحوار داخل منظومة الحكم يجب أن يسبق الحوار بين النظام والمتظاهرين، حتى نعرف ماهية الطريق الذي ستسلكه البلاد".
وعن الأسباب الحقيقية وراء الاحتجاجات، قال مازني للصحيفة إن أحد السببين الرئيسيين وراء هذه الاحتجاجات هو أزمة الرئاسة السابقة، إذ تمت دون وجود منافسين في حلبة الصراع، مما مهد الطريق لفوز شخص بعينه (إبراهيم رئيسي) ما جعل نسبة كبيرة من الإيرانيين يشعرون أنه لا تمثيل لهم في العملية السياسية. أما السبب الثاني فهو أنه وبعد مجيء رئيسي وكثرة وعوده، كان هناك اعتقاد بأن الحكومة ستنفذ وعودها على أرض الواقع لا سيما وأن المؤسسات الأخرى منسجمة مع الحكومة ونفس التيار السياسي، لكن ما حدث على أرض الواقع هو العكس من ذلك، مما خلق شعورا باليأس والتردد تجاه النظام ككل.
"كيهان": الإصلاحيون متورطون مع داعش ومثيري الشغب في افتعال الأزمة الحالية
في المقابل نجد صحيفة المرشد (كيهان) التي بات الغضب والانفعال هما محركاها الأساسيان في تغطيتها للأحداث، وما تشهده إيران من احتجاجات مناهضة للنظام، ومستمرة منذ أكثر من 40 يوما، نجدها في تغطية اليوم كذلك تجسد هذا الغضب من خلال اتهام الإصلاحيين وداعش ومثيري الشغب، بالضلوع في الأزمة الحالية وتعنون بالخط العريض: "مثيرو الشغب وداعش والمتشددون من أدعياء الإصلاح معا في نفس الخانة"، موضحة أن الإعلام (الإصلاحي) هو الذي صب الزيت على النار وأجج الأوضاع في البلاد فشهدنا أعمال تخريب وتدمير بالإضافة إلى جريمة داعش في شيراز.
"اعتماد": انتقاد بيان وزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات الحرس الثوري
في مقال له بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية، انتقد الكاتب عباس عبدي بيان وزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات الحرس الثوري، والذي اتهم صحافيات بالعمالة للخارج عبر نشر صور وتقارير حول حادثة مقتل مهسا أميني، وقال عبدي إن في إيران اليوم هناك توجهان واضحان؛ الأول يزعم أن ما يجري في إيران حاليا هو "مؤامرة" خارجية يتم تنفيذها عبر الإعلام، وهذا التوجه (توجه النظام) لا يعتبر المشاكل الاقتصادية الداخلية ذات شأن في مسار الأحداث.
أما التوجه الثاني (توجه المتظاهرين) فيرى عكس ذلك، إذ يرى أن موضوع تدخل أعداء إيران في الأحداث الأخيرة هو موضوع فرعي وغير هام، وأن المشكلة تكمن في سوء إدارة الأوضاع داخليا، وكان أحد مظاهر هذا الخلل يظهر في الإدارة الإعلامية الضعيفة للأحداث، إذ تحولت وسائل الإعلام الداخلية إلى أبواق تردد ما يريده الحاكم.
كما علق عبدي على قطع الإنترنت من قبل النظام، وقال إن قطع الإنترنت لا معنى له إلا "الهزيمة"، إذ إنه يتم حرمان أكثر من 85 في المائة من الإيرانيين و100 في المائة من الدارسين والمتعلمين من الإنترنت، مقررا أن هذه السياسة هي "إعلان عن الفشل" قبل حدوث هذا الفشل عمليا.