جسدت الصحف الإيرانية، اليوم السبت 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، حجم الشرخ والاختلاف بين الإيرانيين من حيث طريقة التعاطي مع الأزمة الراهنة التي أشعلتها الاحتجاجات المستمرة في البلاد منذ أكثر من 40 يوما في عموم أرجاء إيران.
وبينما نجد الصحف الأصولية والمقربة من النظام تؤكد على الحل الأمني والعسكري للتعامل مع الأوضاع الراهنة، نجد في المقابل الصحف الإصلاحية والمعتدلة تدعو إلى أن يتعلم النظام من أحداث الماضي ويبحث عن حلول جذرية وأساسية تنهي هذه الأزمة التي هي نتيجة لتراكمات من المشاكل والأخطاء السياسية والاقتصادية في البلاد.
فهذه صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية تؤكد على ضرورة أن يتم حل المشاكل الداخلية وإنهاء حالات التمييز الديني والجنسي والعرقي في البلاد، مقررة أن مثل هذه الأخطاء هي التي تخلق المناخ المناسب للقيام ببعض الأعمال الإرهابية أو التأثير سلبا على المواطنين الإيرانيين في الداخل.
كما نشرت صحيفة "ستاره صبح" مقالا لرئيس تحريرها علي صالح آبادي، دعا فيه النظام إلى التفكير جديا في الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، مؤكدا أن الشعب الإيراني بات يزداد فقرا يوما بعد يوم ولا ينبغي أن يتوقع أحد من هؤلاء الفقراء أن يجلسوا مكتوفي الأيدي ولا يحركوا ساكنا.
ونشرت صحيفة "اعتماد" مقالا لوزير الثقافة في حكومة خاتمي عطاء الله مهاجراني والمقيم في لندن، انتقد فيه استمرار النظام على نهج بداية الثورة من حيث حرمان الأقليات الدينية والعرقية من تولي المناصب وممارسة طقوسهم وعباداتهم وطالب بضرورة إصلاح الدستور في البلاد بحيث يشعر جميع الإيرانيين بانتمائهم لهذه البلاد.
وفي المقابل، نجد صحف النظام اليوم السبت تحاول السير على خطاها السابقة والتي تركز فيها على رواية النظام، متجاهلة الطرف الآخر من المحتجين والمنتقدين لسياسات النظام، فهذه صحيفة "وطن امروز" مثلا تدعي أن مطلب الناس اليوم أصبح واضحا وهو أنهم يطالبون بضرورة التعامل بحزم وقوة مع "مثيري الشغب" و"المخلين بالأمن" في البلد، حسب تعبيرها.
أما صحيفة "كيهان" فقد هاجمت الرئيس الإيراني الأسبق، محمد خاتمي رغم أن بيانه حول إدانة حادثة شيراز وموقفه من الاحتجاجات قد أثار انتقادات الإصلاحيين أنفسهم بسبب ضعفه وعدم تفاعله مع الاحتجاجات كما كانوا يتوقعون، لكن الصحيفة لم تطق هذا الموقف أيضا، وقالت عن خاتمي إنه ينتقد الأوضاع الحالية ويدعو إلى خلق حياة أفضل للإيرانيين في الوقت الذي كان هو وأصحابه شركاء أساسيين في جميع الجرائم والخسائر التي حلت بإيران طوال العقود الأربعة الماضية.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"آرمان ملي": إجراءات لازمة لإنهاء الأزمة الحالية في إيران
في مقال بصحيفة "آرمان ملي" كتب الباحث والناشط الإصلاحي، محمد سلامي، أن طريق حل الأزمة الحالية التي تعيشها إيران يتمثل في عدد من الإجراءات اللازم اتخاذها، أولا: يجب على النظام أن يقوم بالعمل على تهيئة الأجواء والظروف لخلق وحدة وطنية بين الإيرانيين. ثانيا: إنهاء كل أشكال التقييد والإقصاء فيما يتعلق بنشاط الأحزاب والجماعات السياسية.
وأضاف الكاتب: "ثالثا يجب تهيئة المناخ السياسي لإجراء انتخابات أكثر تنافسية. رابعا الاستفادة من آراء ووجهات نظر الخبراء في مختلف القضايا والشؤون في البلاد. وأخيرا عزل وإبعاد كافة المسؤولين والمديرين الضعفاء وغير الأكفاء من تولي المناصب الهامة والحساسة في البلاد".
"همشهري": الهجوم على من يفرّق بين حادثة شيراز والاحتجاجات
هاجمت صحيفة "همشهري" الأصولية الأطراف الذين سمّتهم "المطالبین بالعدالة" كما هاجمت "الإصلاحيين المتشددين والأصوليين المعتدلين" حسب تعبيرات الصحيفة، وذلك لأنهم ومن خلال مواقفهم شاءوا ذلك أم أبوا يلعبون في ميدان العدو ويحققون أهدافه وغاياته.
واضافت الصحيفة: "أن يدعو المطالبون بالعدالة إلى الاستمرار في الاحتجاجات ويحاولوا التفرقة والتمييز بين الاحتجاجات وبين حادثة شيراز الإرهابية ويعتبرون الأمرين منفصلين فهم يكشفون عن عجز في التحليل وتفسير الأحداث وفي نفس الوقت يعززون جبهة الأعداء في التعامل مع نظام الجمهورية الإسلامية".
"اطلاعات": يجب أن لا تؤثر حادثة شيراز على القيام بالإصلاحات الجذرية في البلاد
في المقابل دعت صحيفة "اطلاعات" إلى ضرورة عدم استغلال النظام لحادثة شيراز الإرهابية. وقالت إنه ينبغي أن لا تؤثر حادثة شيراز على ضرورة القيام بالإصلاحات الأساسية والحوار الوطني.
وتابعت الصحيفة: "يجب على النظام أن لا تؤثر عليه هذه الحادثة في محاولاته معرفة أسباب جذور الأزمة والتي يرجع معظمها إلى المشاكل الاقتصادية وعدم رضا المواطنين من استمرار هذا الوضع السيئ.
"شرق": هروب الاستثمارات وكساد الأعمال وزيادة البطالة بسبب استمرار الاحتجاجات
في تقرير لها حول انعكاسات الأزمة الحالية واستمرار الاحتجاجات في إيران على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، قالت صحيفة "شرق" إن "الأزمة الراهنة خلقت تحديات كبيرة تتمثل في هروب الاستثمارات من البلاد وكساد المشاغل والأعمال الاقتصادية بالإضافة إلى زيادة البطالة بعد قطع الإنترنت على نطاق واسع في إيران".
وأضافت الصحيفة أن من الآثار البعيدة المدى لهذه الأزمة وتعطيل الحياة الاقتصادية في البلاد خلق نوع من التشاؤم تجاه المستقبل نتيجة تجاهل مطالب الناس الاقتصادية.