وجدت صحف النظام، التي كانت تحاول تشويه المظاهرات بشتى السبل والأدوات، ضالتها المنشودة بعد قيام عنصر من داعش بمهاجمة ضريح في مدينة شيراز، وفتح النار على الحاضرين فيه مما أدى إلى مقتل 20 شخصا، حسب الإعلام الرسمي.
ورغم الشبهات التي لا تزال تحيط بالحادث وعدم انتهاء التحقيقات الحكومية بادرت صحف النظام، اليوم الخميس 27 أكتوبر (تشرين الأول)، مثل "كيهان" بالربط بين الاحتجاجات وبين الحادث الإرهابي، وعنونت في صفحتها الأولى: "ابحثوا عن الإرهابيين بين مثيري الشغب"، في إشارة إلى المحتجين الذين تسعى الصحيفة إلى ربط حادثة شيراز بهم.
وتسود حالة من الاضطراب في الرواية الرسمية، فبعد تناقضات في أعداد المهاجمين، بين من يقول إنهم كانوا ثلاثة أشخاص، وبين من يقول بل كان شخصا واحدا، اختلفت كذلك تصريحات المسؤولين حول هوية المهاجم، إذ ادعا مسؤول محلي أن المهاجم بحريني الجنسية، فيما نفت الحكومة عبر بيان لها بثه التلفزيون الرسمي هذه المعلومة، وقالت إن التحقيقات مع المهاجم مستمرة.
وبالرغم من ذلك فقد أعلنت بعض الصحف مثل "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، هوية المهاجم العقائدية وادعت أنه "تكفيري"، دون إعطاء المزيد من المعلومات والتفاصيل.
وعلى صعيد الاحتجاجات التي حاولت صحف اليوم حصرها في هامش من الاهتمام والتركيز على حادثة شيراز، شهدت إيران يوم أمس أحد الأيام الحافلة بالأحداث والمظاهرات في مختلف أنحاء البلاد، بعد دعوات كثيرة أطلقها ناشطون بالتزامن مع ذكرى أربعينية مهسا أميني التي قُتلت على يد الشرطة الإيرانية.
وشهدت مدينة "سقز"، مسقط رأس مهسا أميني أكبر احتجاجات في إيران من حيث العدد، إذ حضرها أكثر من 10 آلاف شخص حسب الإعلام الرسمي، وكما ذكرت ذلك صحيفة "سازندكي" في نشرتها اليوم، فيما شهدت طهران مظاهرات في العديد من المناطق والأحياء امتدت حتى وقت متأخر من مساء أمس.
وفي موضوع الاحتجاجات علقت بعض الصحف مثل "هم ميهن" على احتجاجات الأطباء يوم أمس أمام مبنى النظام الطبي، والتي انتهت باستخدام الأمن الغاز المسيل للدموع وتفريق مظاهرة الأطباء التي لا يستطيع أحد إنكار سلميتها، والتزامها بكافة معاير التظاهر والاحتجاج وفق ما تعلن عنه السلطات في إيران. فيما استقال رئيس النظام الطبي ونائبه من منصبهما بعد هذه الحادثة تنديدا بما تعرض له الأطباء من قمع وترهيب.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": ما هي الأسباب الحقيقية وراء الاحتجاجات الأخيرة في البلاد؟
حاول البرلماني السابق والناشط السياسي الإيراني، علي مطهري، في مقاله المنشور بصحيفة "اعتماد" الإصلاحية تحديد الأسباب والعوامل الكامنة وراء الاحتجاجات في إيران، مؤكدا أن حادثة مهسا أميني كانت مجرد ذريعة لاندلاع هذه الاحتجاجات، وأن هناك عوامل أخرى هي التي كانت السبب وراء هذه الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع.
وذكر مطهري أن "العامل الاقتصادي" هو السبب الأول والرئيس وراء هذه الاحتجاجات، إذ إن الحكومة- ومن خلال سلسلة من الإجراءات غير المناسبة في التوقيت والكيفية- أوصلت البلاد إلى حالة "مؤسفة" من حيث الغلاء وارتفاع الأسعار، ما جعل نسبة كبيرة من الشعب تفقد الأمل في غد أفضل لا سيما في ظل استمرار حالة الغموض حول الاتفاق النووي، وبقاء العقوبات والحظر الاقتصادي المفروض على إيران، مقررا أنه إذا كان الوضع الاقتصادي جيدا فإن الاحتجاجات لم تكن بهذا الاتساع والانتشار.
أما ثاني أسباب الاحتجاجات في إيران- حسب مطهري- فهو يعود إلى شعور الناس بعدم مشاركتهم في القضايا السياسية وحرمانهم من لعب دور ما في تحديد مستقبلهم، إذ إن القرارات السياسية الهامة داخليا وخارجيا يتم اتخاذها في مؤسسات غير منتخبة ولا دور لها حسب دستور البلاد.
فيما كان "الابتعاد المجتمعي عن التربية الدينية" عاملا ثالثا في هذه الاحتجاجات حسب مطهري، موضحا أن نسبة كبيرة من الإيرانيين أصبحت غير مؤمنة بشعارات ثورة 1979 ومبادئها، ونوه إلى أن دعاية النظام والترويج للدين تأتي بنتائج عكسية بسبب ضعفها وكثرة أخطائها.
وأورد مطهري عددا آخر من الأسباب مثل طريقة التعامل مع المنتقدين والمعارضين، وضعف الإدارة الثقافية في البلاد، خاتما مقاله بضرورة الاستماع إلى مطالب الشارع، والقيام بإصلاحات جذرية في طريقة الحكم في البلاد، وأكد أن العناد واللجاج من قبل النظام لن يكون فاعلا ومؤثرا في حل الأزمة.
"كيهان": انتقاد عدم قمع السلطات للاحتجاجات في البلاد و"إيران إنترناشيونال" تساهم في تأجيج الأوضاع
اتهمت صحيفة "كيهان"، القريبة من المرشد الإيراني، إسرائيل وبريطانيا بالتسبب في حادثة أمس في شيراز وذلك عبر الإعلام المدعوم من هذه الدول، كما اتهمت قناة "إيران إنترناشيونال" بالمساهمة في تأجيج الأوضاع في إيران عبر دعمها للاحتجاجات والمظاهرات الشعبية في البلاد.
كما هاجمت الصحيفة إمام أهل السنة في زاهدان، مولوي عبدالحميد، بعد مواقفه الأخيرة التي حمّل فيها النظام بالوقوف وراء مجزرة بحق مدنيين عزل ومصلين أبرياء في مدينة زاهدان قبل شهر تقريبا، راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين.
كما انتقدت الصحيفة عدم ممارسة النظام لمزيد من العنف والقمع للتعامل مع الاحتجاج، موضحة أنه لو تم التعامل مع مثيري الشغب (المحتجين) بقوة وبشكل مناسب لما شهدنا حادثة شيراز أمس، وكتبت: "مع الأسف فإن التهاون مع مثيري الشغب ومحركيهم أوصلنا إلى هذه الحال".
"شرق": صورة قاتمة عن إيران في السنوات العشر المقبلة
قدم المرشح الرئاسي السابق، مصطفى هاشمي طبا، صورة قاتمة من إيران خلال السنوات العشر القادمة، وذكر استنادا على بعض التحليلات والاستنتاجات أن مجالات عدة ستتراجع فيها إيران خلال السنوات العشر القادمة.
ورأى الكاتب في مقاله المنشور بصحيفة "شرق" أنه وخلال السنوات العشر القادمة ستستمر السلطات الحاكمة على التركيز حول قضايا لا تشكل أولوية للإيرانيين، وبالتالي فلن يكون هناك تغيير في أساليب حكم البلاد.
ونوه هاشمي طبا إلى أن طهران ستتراجع على صعيد الزراعة، والطاقة والصناعة، كما سيزداد التضخم سوءا، وستستمر القيود على التبادل التجاري الإيراني مع العالم، بسبب استمرار أزمة عدم الانضمام إلى مجموعة (FATF) الدولية، كما ستكون إيران في موقف أضعف على المستوى الجيوسياسي، وذلك بسبب كثرة تحركات ونشاط أعدائها في المنطقة.