بدأ كثير من الصحف الإيرانية اليومية، لا سيما غير التابعة للحكومة، بشكل مباشر وواضح تقديم تحليلات الخبراء والمتخصصين حول الأحداث التي تمر بها إيران، واستمرار الاحتجاجات، وإصرار الشباب واليافعين على المضي قدما بالاحتجاج لتحقيق أهدافهم.
وفي ضوء هذه الأحداث بات كثير من المحللين السياسيين يرون أن الشباب في إيران أصبح لا ينتمي إلى أي من التيارين الرئيسي في إيران (الإصلاحي والأصولي)، بل أصبحت مطالبه تتجاوز هذين التيارين اللذين يدوران في نهاية المطاف داخل فلك النظام وإطاره.
وفي مقابلة مع صحيفة "آرمان ملي" قال الناشط السياسي، علي صوفي، إن مطلب الشباب الإيراني الرئيسي اليوم هو استعادة حقوقه، ولا يريد أن يُصنف ضمن التيارات السياسية في البلاد.
كما قال سيد محمود ميرلوحي للصحيفة إن الشاب الذي يصبح غير إصلاحي لم يعد يعني ذلك أنه تحول إلى التيار الأصولي أو العكس، وإنما بات الشباب خارجين عن هذه التصنيفات والانتماءات التقليدية.
وفي سياق متصل بالأحداث التي تشهدها إيران هذه الأيام قال حسين مرعشي في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" إن بعض الأطراف السياسية في إيران تعتقد خاطئة بأن تقييد المساحات (قطع الإنترنت) سيقرب المنتقدين إلى النظام، لكن الأحداث الأخيرة كشفت عكس ذلك، وأظهرت أنه كلما تم التضييق على الناس ازدادوا بعدا عن النظام.
وأضاف مرعشي: "أعتقد أنه من الأفضل للنظام السياسي في إيران تغيير استراتيجياته بعد هذه الأحداث، ويجب عليه العمل على كسب رضا أكثرية الشعب، وتلبية حقوقهم بدل الاعتماد على أقلية ستكون مؤيدة لسياساته في كل الأحوال".
ومن الأحداث المتصلة بالاحتجاجات أشار عدد من الصحف الصادرة اليوم الثلاثاء، 25 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى المواجهة التي شهدتها جامعة "خواجه نصير" يوم أمس بين الطلاب الجامعيين وبين المتحدث باسم الحكومة، علي بهادري جهرمي، إذ منع الطلاب هذا المسؤول الحكومي من الاستمرار بكلمته بعد محاولته تهدئة أجواء الجامعة المشاركة في الاحتجاجات اليومية في البلاد.
أما صحف النظام مثل" إيران" و"جوان" فحفلت في تغطيتها اليوم بالحديث عن "بدء محاكمات المتظاهرين"، ناقلة كلام رئيس السلطة القضائية الذي أكد أن القضاء بدء فعليا بمحاكمة المحتجين الذين يسميهم النظام "مثيري الشغب"، و"الغوغائيين".
على الصعيد الدولي علقت بعض الصحف على تطورات الاتفاق النووي والعلاقة مع الغرب في ظل أزمة أوكرانيا، وانخراط إيران بشكل كبير فيها عبر بيعها الأسلحة والطائرات المسيرة إلى روسيا.
كما لفتت بعض الصحف مثل "ابتكار" إلى موضوع انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي (FATF)، وقالت إن النظام يتعلل عامدا في عدم الانضمام إلى هذه الاتفاقية الدولية، في حين أنه قبِل الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، وهي منظمة تطلب الانضمام إليها قبول شروط وقيود أكثر تعقيدا من القيود المفروضة في سبيل الانضمام إلى فاتف.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"هم ميهن": الاقتصاد المحرك الأساسي للاحتجاجات
تطرقت صحيفة "هم ميهن" إلى الأسباب والجذور الكامنة وراء الاحتجاجات الجارية في البلاد، وما إذا كانت العوامل الاقتصادية لها دور فيها أم لا؟، لتؤكد أنه وبالرغم من اعتقاد البعض أن المظاهرات الجارية في البلاد لا تنبع من العوامل الاقتصادية، إلا أن الحقيقة هي أن العامل الاقتصادي له الدور الرئيسي في ما تشهده البلاد.
وأضافت الصحيفة: "شح المياه، والغاز، والكهرباء، والوقود، والتضخم المستدام، ونقص الميزانية، والنمو الاقتصادي السلبي، كلها عوامل تضاعف من حجم الاستياء والغضب العام في الشارع الإيراني، وبالتالي تحرك عجلة الاحتجاجات والمظاهرات".
ونوهت الصحيفة إلى سياسة تقييد الإنترنت في إيران، وأوضحت أن قطع الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي جعلت الكثيرين يصبحون بلا دخل ومردود مالي، كما أن الاحتجاجات قد عرقلت عجلة الاقتصاد في البلد.
"شرق": هل يمكن تهدئة الشارع من خلال قطع الإنترنت؟
في شان متصل تساءلت صحيفة "شرق" عما إذا كان النظام الإيراني قادرا على السيطرة على الأوضاع وتهدئة الشوارع من خلال فرض قيود على الإنترنت، وحجب مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن تحولت هذه الأدوات إلى مصادر رزق وطرق للتواصل الاجتماعي على نطاق واسع بين الإيرانيين.
وأضافت الصحيفة: "هل كانت الإنترنت موجودة في الأحداث التي شهدتها إيران في الحقبة الدستورية أو ثورة عام 1979 أو انهيار الاتحاد السوفيتي أو الدولة العثمانية أو كوارث الحرب العالمية الأولى والثانية؟".
وفي هذا السياق ذكرت الصحيفة أن الأدلة التاريخية تؤكد أن التكنولوجيا (الإنترنت) قد تؤثر على كيفية حدوث التطورات الاجتماعية والسياسية، لكنها لن تكون قادرة على وقف هذه التطورات وحرف مسارها.
السبب في ذلك- تضيف الصحيفة- هو أن هذه التطورات الاجتماعية والسياسية لها جذور في مطالب الناس وحاجاتهم الأساسية، وفي رؤية أعمق لها جذور في القواعد والأصول (الحركة، التغيير والتكامل) الذي تسيطر على طبيعة الظواهر في عالم الكون.
"اعتماد": تطورات الحرب في أوكرانيا تنقلب ضد مصالح إيران
رأت صحيفة "اعتماد" أن تطورات الحرب في أوكرانيا انقلبت ضد المصالح الإيرانية، وقالت في هذا السياق: "تطورات الحرب في أوكرانيا باتت وبشكل مقلق تنقلب ضد مصلحة إيران، فوزارة الخارجية الأوكرانية تقترح قطع العلاقات مع طهران، والاتحاد الأوروبي يفرض العقوبات على المؤسسات والمسؤولين الإيرانيين".
وتابعت: "طرح موضوع بيع إيران طائرات مسيرة إلى أحد طرفي النزاع وربط هذه القضية بقرار مجلس الأمن رقم 2231 تحول خطير ومقلق للغاية".
ونوهت "اعتماد" إلى أن هذا الموضوع يجب النظر إليه في إطار "تدخل إيران بشكل مباشر في حرب" يقف في الطرف المقابل أقوى تحالف عسكري في العالم (الناتو)، وإن كان بشكل غير مباشر.