بدا واضحا أن تجاهل وسائل الإعلام والصحف الإيرانية للاحتجاجات المستمرة ضد النظام داخليا وخارجيا، سياسة مقصودة للنظام في التعامل مع ما يمر به النظام من أزمة تجاوزت شهرها الثاني قبل أسبوع لتدخل في شهر ثان.
ومع مرور الوقت يتصاعد قلق السلطات الإيرانية لا سيما وأن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) بات على الأبواب، وهو الشهر الذي شهدت فيه إيران عام 2019 مظاهرات واسعة سقط خلالها مئات القتلى والجرحى، ولا يزال النظام يدفع تبعات هذه الأحداث حتى يومنا هذا.
وفي آخر تطورات الاحتجاجات ضد نظام طهران نظم الإيرانيون في الخارج، أمس السبت، مظاهرات واسعة في العاصمة الألمانية برلين، شارك فيها الإيرانيون من مختلف مدن أوروبا وهتفوا بصوت عال ضد النظام وطالبوا المجتمع الدولي بدعم "ثورتهم" وحماية المتظاهرين من قمع السلطات.
أما الصحف، اليوم الأحد 23 أكتوبر (تشرين الأول)، فهي إما التزمت الصمت التام وهو نهج اختارته معظم الصحف، وإما أشارت إليه بشكل معاكس كما فعلت صحف النظام، مثل "إيران" الحكومية و"جوان" التابعة للحرس الثوري، والتي زعمت أن الاحتجاجات في برلين شارك فيها عمال أجانب ما جعلها تبدو مظاهرات حاشدة وكثيرة العدد.
أما "كيهان" ومن سلك دربها فقد أغلقت موضوع الاحتجاجات منذ أسابيع ولا تتوقف عن الحديث عن "ما بعد الاضطرابات" متغافلة عن المظاهرات والاحتجاجات المستمرة في الداخل والتي كان آخرها ما شهدته مدن مختلفة في إيران يوم أمس السبت وتلبية كثير من المواطنين الإيرانيين دعوات التظاهر.
كما تزعم الصحيفة أن الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعد أن أدركت فشل "مشروع خلق الاضطرابات" في إيران تحاول الآن تقديم المقترحات والدعوات لإيران للقبول بالعودة إلى طاولة المفاوضات من جديد، وعنونت بالقول: "تضرع أميركا للمفاوضات بعد الفشل في الاضطرابات"، كما عنونت بذلك صحيفة "وطن امروز" وكتبت نقلا عن وزير الخارجية الإيرانية: "رسالة أميركية سرية للقبول بالاتفاق".
وفي شأن آخر، علقت بعض الصحف مثل "اعتماد" على استمرار وضع إيران في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي (FATF) وانتقدت تعلل الحكومة الإيرانية في قبول الانضمام إلى هذه الاتفاقية الدولية التي تكافح غسيل الأموال وتحارب الطرق الملتوية في دعم الإرهاب في العالم. ونوهت الصحيفة إلى أن إيران بقيت بجانب كوريا الشمالية في هذه القائمة السوداء لتنضاف إليهما ميانمار حديثا وتكون القائمة الثلاثية دليلا على سوء مكانة إيران في علاقاتها الدولية.
واقتصاديا، أشارت صحيفة "آرمان ملي" إلى الإحصاءات الأخيرة التي كشفت أن خط الفقر في إيران بلغ 18 مليون تومان في الوقت الذي لا يحصل فيه كثير من الموظفين الإيرانيين إلا على 6 ملايين تومان (نحو 182 دولار) ما يبين الفجوة الكبيرة بين الدخل وتكاليف الحياة الأمر الذي يفسر مدى الاستياء الشعبي بين الإيرانيين جراء استمرار هذا الوضع المزري من الناحية الاقتصادية.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"هم ميهن": لماذا يلتزم الرؤساء السابقون الصمت حيال الاحتجاجات؟
أشارت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية إلى الاحتجاجات في إيران، وتساءلت عن الأسباب التي تجعل الرؤساء الإيرانيين السابقين أمثال روحاني وأحمدي نجاد وخاتمي يلتزمون الصمت ويمتنعون عن اتخاذ مواقف مؤيدة أو معارضة للاحتجاجات الشعبية في البلاد.
وخلصت الصحيفة إلى أن امتناع هذه الشخصيات يأتي اعتقادا منها بأنها لم تكن سببا في ما وصلت إليه الأوضاع في إيران وهو ما يجعلها غير قادرة على اتخاذ موقف مع أو ضد الاحتجاجات، منوهة إلى أن الأحداث اليوم اصبحت أكبر من مكانة هذه الشخصيات ودورها في المشهد السياسي الإيراني.
"كيهان": الدعوة لزيادة ميزانية تطوير التطبيقات المحلية.. والتأكيد على استمرار حجب التطبيقات العالمية
دعت صحيفة "كيهان" الحكومة الإيرانية إلى زيادة الميزانيات لدعم التطبيقات المحلية لتكون بديلا جيدا للتطبيقات التي تم حجبها في إيران وعلى رأسها "إنستغرام"، و"واتساب".
وقالت الصحيفة: "ندعو الحكومة والبرلمان إلى زيادة الميزانية وتوظيف النخب الإيرانية لتحسين عمل التطبيقات المحلية ليتحول العالم الافتراضي إلى ساحة آمنة بعد أن تحول إلى مقصلة للشباب واليافعين كما قال المرشد علي خامنئي".
أما بالنسبة للموقف من التطبيقات العالمية الشهيرة فقالت "كيهان" إنه يجب الاستمرار في حجب هذه التطبيقات ما لم تستجب لشروط إيران وقوانينها.
"همشهري": إهانة المحتجين في المظاهرات يزيد من غضبهم في الشوارع
قال الخبير الاجتماعي حسن موسوي جلك في مقابلة مع صحيفة "همشهري" إنه يتوجب على السلطات الأمنية في إيران أن لا تتعامل بشكل مسيء مع المحتجين والمتظاهرين في الشوارع لأن ذلك يزيد من غضبهم ويضاعف حنقهم على النظام والأوضاع في البلاد.
وأضاف موسوي جلك قائلا: "إذا لم تتم تلبية مطالب الناس ويُرد على أسئلتهم فقد يلجأ هؤلاء الأفراد إلى اختيار طرق أخرى للحصول على أجوبة أسئلتهم ومطالبهم".
ونوه الباحث الاجتماعي إلى أنه وكلما طال الزمن أصبح المتظاهرون يمتلكون هدفا واضحا ومحددا في الاحتجاجات المستمرة في شوارع إيران.
"إيران": مظاهرة برلين فشلت فشلا ذريعا
زعمت صحيفة "إيران" الحكومية ودون أن تنشر صورة من احتجاجات الإيرانيين الواسعة التي شهدتها العاصمة الألمانية برلين أمس السبت، زعمت أن احتجاجات الإيرانيين في برلين أمس فشلت "فشلا ذريعا" وأن أعداء الجمهورية الإسلامية لم يستطيعوا أن يملأوا الساحة التي تجمعوا فيها.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الشرطة الألمانية أن الأعداء تجاوز عددهم 100 ألف مشارك وأن قواته "تفاجأت" بهذا الكم الهائل من المتظاهرين والمحتجين ضد النظام الإيراني ودعما للانتفاضة الشعبية داخل إيران.
"جوان": "الألمان سيدفعون الثمن غاليا" بعد استضافتهم لاحتجاجات الإيرانيين المناهضين للنظام
أما صحيفة "جوان" المقربة من الحرس الثوري في إيران فقد ساءها حجم المظاهرات التي شهدتها العاصمة الألمانية برلين أمس السبت، وهددت ألمانيا وتوعدتها بالرد قائلة: "إن ما تم بالأمس في برلين هو تدخل سافر وتأييد من ألمانيا للأطراف التي تعمل على إسقاط النظام في إيران"، مؤكدة أن هذا الأمر لن يبقى دون رد، وأن "الألمان سيدفعون الثمن غاليا".
كما زعمت الصحيفة أن اختيار برلين موقعا لهذه المظاهرات لم يكن صدفة، وإنما كان "مخططا له ومدروسا بشكل جيد" من الدول الغربية، حسب ادعاء الصحيفة.