عزوف الأوروبيين عن المفاوضات مع إيران، ورضا روسيا عن اللجوء إلى العقوبات ضد طهران، وأسباب الاحتجاجات ومستقبلها في إيران، هي العناوين العريضة لصحف إيران الصادرة اليوم السبت 22 أكتوبر (تشرين الأول).
واهتمت صحف الإصلاحيين بمواقف الدول الأوروبية من إيران بعد أن كانت قبل شهور قليلة من أشد المناصرين لإحياء الاتفاق النووي والمشجعين لإيران على الانخراط سريعا في مفاوضات بناءة تنتهي برفع الحظر الاقتصادي عن إيران.
لكن هذه الصحف رأت أن أخطاء في الداخل وممارسات دول أخرى وتحديدا روسيا في الخارج قادت إلى استعصاء الحل الدبلوماسي واستحالته إلى الضد، بعد أن بات الأوروبيون في جبهة "المتشددين" تجاه إيران والمطالبين بفرض مزيد من العقوبات والضغوط الاقتصادية على النظام الإيراني.
ونقلت صحيفة "آرمان امروز" تصريحات مدير صندوق الأمن القومي الروسي للطاقة والذي صرح بأن استمرار العقوبات على إيران وتشديدها سيكون في صالح روسيا إذ إنه سيضاعف من الحضور الروسي في صناعة النفط والغاز الإيرانية.
فيما عنونت صحيفة "مردم سالاري" في مانشيتها وكتبت بخط عريض: "خيانة روسيا لإيران عبر جعل إيران شريكة في الحرب ضد أوكرانيا"، وتساءلت عما إذا كانت روسيا تحاول استخدام إيران كأداة لتحقيق نصرها في أوكرانيا ونقلت كلاما للنائب البرلماني السابق مصطفى كواكبيان الذي طالب الرئيس الإيراني باستدراك الأمور وعدم السماح لروسيا بتحقيق غاياتها عبر إشراك إيران وإقحامها في الحرب ضد أوكرانيا.
وفي سياق غير بعيد تحدثت بعض الصحف عن تغيير موقف الدول الأوروبية تجاه إيران بسبب أزمة الطائرات المسيرة الإيرانية والتي تستخدمها روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وكذلك "قمع الاحتجاجات في إيران".
وعنونت صحيفة "آرمان ملي" بهذا التغيير في المواقف الأوروبية وكتبت: "أوروبا تدير ظهرها للمفاوضات"، منوهة إلى أن الأوروبيين أصبحوا يعتقدون بأن طهران وعبر إرسالها طائرات مسيرة إلى روسيا تنتهك القرار رقم 2231 لمجلس الأمن الدولي.
أما عن الاحتجاجات التي أوشك أسبوعها الرابع أن ينتهي فقد نالت حصة يسيرة من تغطية صحف اليوم التي تحاول الادعاء بأن المظاهرات الشعبية قد انحسرت مع الإقرار بأنها قد كلفت البلاد خسائر كثير على صعيد الاقتصاد والسياسة والاجتماع، إذ تآكلت شعبية النظام أكثر فأكثر بعد لجوئه غير المبرر إلى العنف للتعامل مع المحتجين وكذلك زيادة الضغوط والإدانات الدولية بالإضافة إلى التبعات الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن قطع الإنترنت وتوقف الحياة الاقتصادية لكثير من الإيرانيين.
أما صحف النظام مثل "كيهان" ومن دار في فلكها فقد لجأت إلى أسلوب السخرية والاستهزاء بالمظاهرات ونتائجها، إذ عنونت في صفحتها الأولى وكتبت: "الاحتجاجات آتت أكلها.. الحكومة سقطت.. لكن في بريطانيا"، مشيرة إلى عزم رئيسة الوزراء البريطانية الاستقالة من رئاسة حزبها قبل أن تكمل الشهرين في منصبها الجديد.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"ستاره صبح": الفجوة بين الأجيال في إيران والتعامل الخاطئ للنظام مع الجيل الجديد
في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" تناول الباحث والخبير الاجتماعي، مجيد أبهري، طبيعة وسلوك الشباب المشاركين في الاحتجاجات الإيرانية وأكد أن هؤلاء الشباب الذين ينتمون إلى الفئة العمرية 20 عاما ومادون ذلك، يتصفون بخصائص مختلفة وسلوكيات متفاوته مع الأجيال الأقدم، إذ إن هؤلاء اليافعين لهم منطقهم الخاص ولم تعد تقنعهم الأشياء البسيطة ويتمردون إذا ما شعروا بأنهم يتعرضون إلى استهزاء أو خداع من طرف ما.
وانتقد الباحث طريقة تعامل النظام الإيراني مع هذا الجيل الجديد وأكد أنه لم يعد صالحا أن يتم التعامل مع هؤلاء الشباب من بشكل فوقي، مضيفا أن منطق المعلم والتلميذ لم يعد يجدي في التعامل مع الجيل الجديد.
"مردم سالاري": إيران وتفكيك الدولة العثمانية بعد إقحامها في الحرب العالمية الأولى
قارن الباحث الإيراني محمد حسين روانبخش، في مقال له بصحيفة "مردم سالاري" بين موقف الدولة العثمانية في بدايات الحرب العالمية الأولى من الصراع الدائر بين الدول الغربية وموقف إيران من الحرب الروسية الأوكرانية، وأكد أن موقف الدولتين متشابه إلى حد بعيد، إذ إن الدولة العثمانية كانت قد أعلنت في بداية الحرب حيادها (كما فعلت إيران اليوم) لكن ألمانيا وبعد أن شعرت بالحاجة إلى إدخال الدولة العثمانية إلى الحرب عملت على إقحام العثمانيين فيها (كما تفعل روسيا الآن) ما دعا الدول الأوروبية إلى إعلان حالة حرب مع الدولة العثمانية.
وتساءل الكاتب بالقول: "هل من الممكن أن يتكرر تاريخ الدولة العثمانية في إيران؟ أليست روسيا اليوم في حاجة إلى إقحام إيران في حربها ضد أوكرانيا؟ أليس طرح موضوع الطائرات الإيرانية المسيرة قد تم لهذه الغاية؟ هل أميركا هي التي تعادينا أم إن روسيا هي التي تطعننا في الظهر؟".
ونوه الكاتب الذي جعل أسئلته بلا إجابات- وإن كانت واضحة المقصود والجواب- وذكر أن الدولة العثمانية آنذاك قد اعتمدت على الموقف الألماني ولم تحتج أو تدافع عن نفسها وقد انتهى بها الأمر إلى التقسيم والانهيار.
"اعتماد": الغرب يسمح للمنظمات غير الرسمية بالتظاهر وفي إيران الأحزاب الرسمية محرومة من هذا الحق
في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية تحدث رئيس مجلس بلدية طهران السابق محسن هاشمي رفسنجاني، نجل الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، تحدث عن الإشكاليات التي تعاني منها إيران على صعيد تقنين الاحتجاجات، مشيرا إلى تجربته في العمل الشعبي ومشاركاته في الاحتجاجات في الدول الأوروبية.
ونوه هاشمي إلى أنه يتذكر عندما كان طالبا وعضوا في منظمة غير رسمية في إحدى الدول الأوروبية، كيف أنهم وبعد إرسالهم طلبا لبلدية إحدى المدن الأوروبية يحصلون على الرخصة القانونية لتنظيم الاحتجاجات ويشاركون في مظاهرة ضد إسرائيل دون أن تعترضهم السلطات في تلك الدولة.
ويضيف هاشمي رفسنجاني: "لكن في إيران وحتى الأحزاب العريقة والمعروفة لا يتم السماح لها بتشكيل مظاهرة في البلاد وتُرفض جميع طلباتها المشروعة في هذا الخصوص".