يبدو أن قناعة قوية بدأت تتشكل لدى الإيرانيين حول مصير الاتفاق النووي إذ بات معظم الإيرانيين يعتقدون أن الاتفاق النووي أصبح جزءا من الماضي الذي لن يعود، بسبب التطورات الكثيرة والخلافات المتصاعدة بين إيران والدول الأوروبية والغربية عموما.
وحاولت بعض الصحف الإيرانية الصادرة اليوم، الأربعاء 19 أكتوبر (تشرين الأول)، تجسيد هذه القناعة عبر عناوينها وتحليلاتها حول الموضوع، فهذه صحيفة "اترك" على سبيل المثال تشير إلى الموضوع وتكتب في المانشيت: "انكشف مصير الاتفاق النووي.. لم يعد هناك اتفاق نووي"، كما عنونت صحيفة "آرمان امروز" أحد مقالاتها وكتبت: "فقدان أمل أوروبا تجاه إيران".
ومن أسباب هذه القناعة القوية لدى الإيرانيين بطبيعة الحال هي الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ أكثر من شهر، إذ قوبلت بقمع شديد من قبل النظام، مما دفع بالدول الأوروبية إلى فرض عقوبات على نظام طهران، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وبالتالي زيادة الشرخ بين طهران والغرب.
وعكست صحيفة "سياست روز" الأصولية هذا التوتر في العلاقات بين إيران والدول الغربية وعنونت في صفحتها الأولى بالقول: "أميركا تكشف النقاب عن وجهها.. حذف كامل للمفاوضات النووية ودعم للاحتجاجات".
أما "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، فكتبت بالخط العريض في صفحتها الأولى حول الموضوع وقالت: "الاضطرابات فشلت.. أوروبا تلجأ إلى حبل العقوبات المهترئ"، معتقدة أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إيران دليل على هزيمة مشروع خلق الاضطرابات في إيران، في استمرار من الصحيفة على إنكار شعبية المظاهرات، ومشروعيتها التي تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية، واحترام حقوق الإنسان المنتهكة من قبل النظام خلال العقود الماضية.
في موضوع آخر أشارت صحيفة "جهان صنعت" إلى طلب الأرجنتين من قطر اعتقال محسن رضائي، مساعد الرئيس الإيراني للشؤون الاقتصادية، الذي سافر للدوحة للقاء أمير قطر، لتورطه في تفجير مبنى الجمعية التعاضدية اليهودية الأرجنتينية في بوينس آيرس عام 1994 والذي خلف 85 قتيلا.
وأفادت وكالة الأنباء الحكومية الأرجنتينية "تيلام" أن المدعين الخاصين بالبلاد وقعوا عريضة وأرسلوها إلى وزارة الخارجية الأرجنتينية، أشاروا فيها إلى إنذار الإنتربول الأحمر ضد رضائي ورحلته إلى قطر، مطالبين باعتقال هذا المسؤول الإيراني باستخدام كل الوسائل الدبلوماسية المناسبة، وبعد تأكيد وجود رضائي في قطر، قبلت وزارة الخارجية الأرجنتينية طلب المدعين الخاصين، وطلبت من الإنتربول التعاون في اعتقاله.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"آرمان امروز": الأوروبيون باتوا يائسين من إيران وبدأوا يعتمدون نهج التصعيد والمواجهة
أشارت صحيفة "آرمان امروز" إلى تصاعد وتيرة خطاب الدول الأوروبية تجاه إيران، وفرضها عقوبات جديدة على طهران بسبب قمع الاحتجاجات، وقالت الصحيفة إن هناك شواهد تدل على أن الدول الأوروبية أصبحت يائسة من طهران فيما يتعلق بموضوع المفاوضات النووية، لهذا سلكت أسلوبا يعتمد على المواجهة والتصعيد.
ونوهت الصحيفة إلى أن هذه المواقف الأوروبية جاءت نتيجة للموقف الإيراني من المبادرة الأوروبية حول الاتفاق النووي، حيث رحبت واشنطن بمبادرة بوريل، فيما عرقلتها طهران عبر طرحها لموضوع العقوبات خارج إطار الاتفاق النووي.
"جهان صنعت": إيران حسمت أمرها وقررت دعم روسيا في الحرب ضد أوكرانيا
في مقالها الافتتاحي أشارت صحيفة "جهان صنعت" إلى استمرار الخارجية الإيرانية إنكار تسليم طهران طائرات مسيرة لروسيا لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا، وقالت: "كثرة الأدلة والشواهد والمقاطع المنتشرة من داخل الأراضي الأوكرانية لا تبقي شكا في أن إيران قد سلّمت روسيا هذه الطائرات المسيرة، لكن ليس واضحا سبب إصرار وزير الخارجية الإيراني على رفض هذه الحقيقة الواضحة، وكيف يعتقد أن زعماء العالم سيقبلون برواية طهران التي ترفض هذه الحقيقة المكشوفة؟".
وأضافت الصحيفة أنه وبعد أن كانت أوروبا قبل شهور وسيطا حريصا على إنجاح الاتفاق النووي، أصبحت الآن من معارضي إيران بسبب التطورات الداخلية والاحتجاجات التي تشهدها البلاد، وكذلك بسبب تورط طهران وانخراطها في الأزمة الأوكرانية.
ونوهت الصحيفة إلى أن قيادات النظام الإيراني يبدو أنها قد حسمت أمرها، وقررت منع هزيمة روسيا في الحرب مع أوكرانيا، ولم تعد طهران تبالي كثيرا بتدهور علاقاتها مع الدول الأوروبية.
كما لفتت "جهان صنعت" إلى احتمالية أن تنخرط روسيا في دعم النظام الإيراني، لا سيما إذا ما ازدادت الأوضاع الداخلية في إيران تدهورا بسبب الاضطرابات التي تشهدها البلاد، كموقف متبادل من روسيا بعد دعم نظام طهران لها في الحرب ضد أوكرانيا.
"جمهوري إسلامي": ازدواجية النظام في التعامل مع احتجاجات طلاب المدارس
على صعيد الاحتجاجات علقت صحيفة "جمهوري إسلامي" على تصريحات بعض المسؤولين حول شريحة المحتجين في المظاهرات التي تشهدها البلاد، حيث يحاولون في كثير من الحالات التقليل من شأنها، مدعين أن صغار السن واليافعين وطلاب المدارس هم نواتها الأساسية والمحرك الرئيسي فيها، وبالتالي فإن ذلك ليس بالأمر المهم، حسب اعتقاد هؤلاء المسؤولين.
لكن الصحيفة انتقدت هذه النظرة الخاطئة في التعامل مع الاحتجاجات والمحتجين إذ إن المسؤولين الإيرانيين يتعاملون مع شريحة اليافعين بازدواجية مكشوفة، فمن جهة كانوا يعظمون نشاط طلاب المدارس أثناء ثورة عام 1979 التي أتت بالنظام الحالي، ويعتبرون وجودهم في الساحة دليل قوة ساعد على نجاح الثورة، وخصصوا يوم 4 من نوفمبر (13 آبان في التقويم الإيراني) لتكريم طلاب المدارس بسبب دورهم في الاحتجاجات، فيما يقللون من أهمية هذه الشريحة الآن، باعتماد هذه الازدواجية الخاطئة.
وتساءلت الصحيفة: "كيف يمكن أن يكون طلاب المدارس في عام 1979 أهل وعي وذكاء، أما طلاب عام 2022 لا يفقهون شيئا؟ هل هذا يعني أن نظام الشاه ربى طلابا أهل ذكاء ووعي ونحن لم نفعل..؟".