رواية جديدة اليوم تنسف ما كانت نشرته صحيفة "إيران" الحكومية أمس الأحد عن أحداث سجن إيفين التي تركت ضحايا ومصابين بين السجناء.
لكن الغريب في الأمر أن الصحيفة التي عارضت رواية الأمس هي نفسها الصحيفة التي انفردت بالرواية حول ما جرى من أحداث في سجن إيفين الواقع شمال العاصمة الإيرانية طهران.
فبعد أن كان الحديث، يوم أمس الأحد، يدور كله حول قيام عدد من "الأراذل والغوغائيين" أي السجناء الجنائيين مثل اللصوص، عادت صحيفة "إيران" الحكومية اليوم لتؤكد أنه لا ينبغي التعامل مع أحداث السجن باعتبارها حدثا عاديا، فهو حدث خطط له مسبقا، بل إنه كان عبارة عن خطة معقدة لتوسيع دائرة الاحتجاجات في البلاد والتي توقعتها أطراف "معادية للثورة" بالتنسيق مع أجهزة استخبارات أجنبية.
وفي أحدث إحصائية حكومية عن عدد الضحايا والمصابين أعلنت السلطات الإيرانية، اليوم الاثنين 17 أكتوبر (تشرين الأول)، عن ارتفاع عدد القتلى إلى 8 أشخاص بعد وفاة 4 آخرين من الجرحى والمصابين الذين ناهز عددهم السبعين شخصا حسب الرواية الحكومية.
وكان التلفزيون الإيراني قد أعلن أمس كذلك نقلا عن السلطة القضائية أن عدد القتلى 40 شخصا ليعود بعدها بقليل ويعلن أن المذيعة أخطأت في ذكر العدد، وأن القتلى كانوا 4 فقط ليكشف عن مدى التخبط والفوضى الإعلامية والتنسيقية التي يشكو منها نظام طهران هذه الأيام، في ظل استمرار المظاهرات المنددة بسياسات النظام ونهجه الأمني والبوليسي.
وقد أدركت صحيفة "ابتكار" هذا التناقض والتخبط في الرواية الرسمية لأحداث سجن إيفين، وعنونت في نشرة اليوم حول هذه المشكلة الإعلامية. وكتبت في صفحتها الأولى: "روايات متناقضة حول الليلة الصاخبة في سجن إيفين".
وبعناوين مشابهة تطرقت بعض الصحف إلى موضوع السجن، لكنها اكتفت بالإشارة إلى الروايات الحكومية حول الموضوع، فكتبت "آرمان امروز"، وقالت: "ليلة ساخنة في إيفين"، وأضافت "آرمان ملي": ليلة نارية في إيفين".
وفي المقابل، أشارت "كيهان" المقربة من المرشد خامنئي إلى المشاكل والأزمات التي تعاني منها إيران ورأت ذلك أمرا طبيعيا بامتياز إذ إن "نظام الجمهورية الإسلامية قد أفشل أكبر مشاريع الأعداء في المنطقة"، مؤكدة في مقال لها أنه "ما دام نظام الجمهورية الإسلامية قائما والمرشد خامنئي موجودا فلن يستطيع أحد فعل أي حماقة أو خطأ".
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"ابتكار": الإعلام الرسمي في إيران يواصل التعتيم وعدم الشفافية في نقل الأحداث
أشارت صحيفة "ابتكار" إلى أحداث سجن إيفين، وشككت في الرواية الرسمية التي أعلنت عنها السلطات، إذ حاول التلفزيون الإيراني وبعد ساعات من الحادثة إظهار كل شيء وكأنه حدث عابر تمت السيطرة عليه، مؤكدة أن هذا النهج التعتيمي يبدو أنه استمرار لنهج المؤسسة الإعلامية التي تصر دائما على نقل الرواية من جانب واحد وهو ما يعطي الفرصة لوسائل الإعلام الأجنبية لتمرير روايتها "المبالغ فيها" لهذه الأحداث ونقلها إلى المخاطب الإيراني.
"جهان صنعت": خسائر الفجوة العميقة بين الشعب والنظام
كما تحدثت صحيفة "جهان صنعت" عن الخسائر الكبيرة التي تحل بالبلاد جراء اتساع الفجوة العميقة بين الشعب والنظام، مشيرة إلى حادثة سجن إيفين، وكيف أن المواطنين ورغم رواية الحكومة حول هدوء الأوضاع في السجن بعد الحادثة لم يعودوا يصدقون ما ترويه السلطات من أخبار وحكايات حول هذه الحادثة وما شابهها من أحداث.
وقال الخبير الاجتماعي محمد فاضلي للصحيفة إن الشرخ بين الشعب والحكومة يزداد يوما بعد يوم والمسؤولون الإيرانيون لا يصغون إلى تحذيرات الخبراء الاجتماعيين الذين يحذرون من تراكم الاستياء الشعبي، لا سيما خلال السنوات القليلة الماضية، مؤكدا أنه وفي حال استمرار الوضع على ما هو عليه يصبح من الصعب على السلطات السيطرة على الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها البلاد بين الفينة والأخرى.
كما لفت المحلل الاجتماعي أحمد بخارائي إلى هذه المعضلة التي بات النظام يعاني منها والمتمثلة في تشكيل حالة من الاستياء الشعبي بين الإيرانيين، إذ أصبحوا يغضبون لكل حادث يقع في البلاد ويعتبرون الحكومة مقصرة في ذلك، لافتا إلى وجود خصيصتين في الاحتجاجات الحالية، الأولى من حيث "الكم"، إذ إن معظم مدن ومحافظات إيران شهدت خروج مظاهرات سلمية منددة بالأوضاع الحالية، والثانية من حيث "الكيف" إذ إن مطالب المحتجين في هذه المرة أصبحت أكثر عمقا، وبالتالي حتى لو تمت السيطرة على هذه الاحتجاجات فإن الأمر سيبقى مؤقتا وسنشهد تكرارها في قادم الأيام.
"شرق": انغلاق كل أشكال الحوار والانتقاد في إيران
انتقد الناشط السياسي والبرلماني السابق، علي مطهري التوجه السائد في إيران والذي يمنع ظهور أي نقد تجاه نظام "الجمهورية الإسلامية"، مؤكدا أن هذا التفكير ومحاولة تعميمه خطر يهدد البلاد.
وأضاف مطهري أن إيران اليوم تشهد انغلاقا تاما على أي "حوار" حقيقي وأصبح هناك خوف من سماع أي نقد أو معارضة، مشيرا إلى الاعتقالات التي تحدث في صفوف الأشخاص الذين يقدمون ملاحظات وانتقادات كلامية لعمل السلطات وهذا يتناقض مع ما يأتي على لسان المرشد علي خامنئي حسب تعبيره.
وشدد البرلماني السابق في مقابلة مع صحيفة "شرق" على ضرورة الاستماع إلى كل الآراء ونقلها في الإعلام الرسمي للبلاد، قائلا: "حتى المرأة التي تخلع حجاب رأسها وتحرقه في الشوارع يجب أن يكون لها مكان في الإعلام الإيراني ونستمع إلى رأيها وكلامها".
"جوان": أحداث سجن إيفين صناعة الإعلام الأجنبي
أما صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري فقد حمّلت الإعلام الأجنبي مسؤولية ما جرى من أحداث في سجن إيفين وادعت أن الإعلام الأجنبي بدأ بالحديث عن وجود حادثة في سجن إيفين ساعات قبل وقوع الحادثة وهو ما لا دليل على صحته إذ إن المتداول في نشرات الأخبار العالمية التي غطت الموضوع يؤكد أن كل ما نُشر جاء بعد انتشار مقاطع وصور تؤكد اشتعال النيران وتصاعد الدخان وسماع الانفجارات في منطقة سجن إيفين في العاصمة طهران.
وكعادة الإعلام المؤدلج استمرت الصحيفة في ترديد كذبة صاغها الإعلام الإيراني نفسه واتهم بها قناة "إيران إنترناشيونال" مدعيا أن شريطا مكتوبا أسفل شاشة القناة يأمر مدير التحرير فيه بذكر عدد القتلى 40 قتيلا في اليوم الأول من الحادثة، وهي كذبة حاول النظام تمريرها على السذج من مؤيديه.