رغم وقوع أحداث سجن إيفين، مساء أمس السبت، قبل طباعة الصحف إلا أن أيا من هذه الصحف الإيرانية باستثناء صحيفة الحكومة لم تتناول الموضوع، منتظرة الرواية الرسمية التي قد لا تظهر بسبب التعتيم الذي يمارسه النظام فيما يتصل بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ شهر.
وقد شهدت إيران يوم أمس السبت احتجاجات واسعة وأحداثا كثيرة في مدن مختلفة مثل أردبيل وكردستان وهمدان وأصفهان وطهران ورشت ويزد وغيرها من المدن، إذ لبى المواطنون في هذه المدن والمحافظات دعوات الخروج إلى المظاهرات العامة. ولم ينته يوم السبت الصاخب إلا وانتشرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لدخان متصاعد من سجن إيفين بطهران وأصوات صفارات الإنذار وإطلاق النار.
أما رواية صحيفة "إيران" عن أحداث السجن فكانت هي رواية النظام بطبيعة الحال والتي تزعم أن تمردا حدث في قسم السجناء الجنائيين. وعنونت بالقول: " تمرد الأراذل والغوغائيين في سجن إيفين"، لتسارع بالقول إن الأمن استطاع السيطرة على السجن وأعاد الهدوء إلى سابق عهده، أما على صعيد الضحايا المحتملين فاكتفت الصحيفة بالإشارة إلى سقوط 8 جرحى فقط في هذه الأحداث التي تضمنت إطلاق نار وأصوات انفجارات بالإضافة إلى حرائق، مما يجعل رواية النظام تبدو هزيلة للرأي العام الإيراني الذي أصبح كثير التشكك والريبة في كل ما يصدر عن النظام وإعلامه.
أما بالنسبة للاحتجاجات فلم تكن التغطية أفضل حالا من انفجارات سجن إيفين ولم تتطرق الصحف إلى هذه الاحتجاجات وأسباب استمرارها كل هذه الفترة خلافا للسنوات الماضية التي عادة ما تتوقف المظاهرات عند قطع السلطات للإنترنت وممارسة القمع في التعامل مع المحتجين.
وفي المقابل ولكي لا تبدو الصحف بعيدة عن الواقع أمام من يتصفحها حاولت بعض الصحف مناقشة قضايا قد تكون متصلة بالاحتجاجات مثل الأزمات الاقتصادية والثقافية والسياسية التي قد تكون سببا في اندلاع واستمرار هذه الاحتجاجات، أو طرح موضوع ضرورة وضع قانون يجعل التجمعات والاحتجاجات قانونية لكي لا يتم التعامل معها كمخالفات قانونية ومعارضة للدستور.
فصحيفة "جمهوري إسلامي" مثلا عنونت حول هذا الموضوع وكتبت في مانشيت اليوم: "الإعلان عن تفاصيل مشروع البرلمان حول تنظيم الاحتجاجات"، لكن مع ذلك فإن الشروط التي طرحت في هذا الإعلان والتي يجب توفرها لكي تصبح المظاهرات قانونية من وجهة نظر النظام، يبدو أنها شروط تعجيزية ولا يمكن تحققها على أرض الواقع، فمن هذه الشروط مثلا يجب أن "لا تخل الاحتجاجات بهدوء المواطنين"، و"الحصول على ترخيص قانوني من الجهات الحكومية"، و"تحديد طبيعة الهتافات التي سيرددها المتظاهرون".
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"مستقل": تآكل شعبية النظام وصعوبة استعادتها
في مقابلة مع صحيفة "مستقل"، قال المحلل والناشط الأصولي، ناصر إيماني، إن شعبية النظام الإيراني قبل الأحداث الأخيرة كانت متراجعة إلى مستويات منخفضة والأحداث الأخيرة ضاعفت هذا التأكل، وأصبح من الصعب استعادة هذه الشعبية مما يجعل مهمة المسؤولين في الحكومة تبدو عسيرة للغاية.
كما أشار إيماني إلى ظاهرة خلع الحجاب أثناء المظاهرات وأكد أن كثيرا من المواطنات أصبحن يمارسن هذا التصرف كوسيلة للاحتجاج ورفض نهج النظام والحكومة، ما يعني أنه ليس بالضرورة كل من تخلع حجابها مقتنعة بذلك وإنما هو رمز للتعبير عن معارضة الحكومة.
"مردم سالاري": استفتاء لتعديل الدستور هو طريق الخروج من الأزمة الراهنة
أما صحيفة "مردم سالاري" التابعة لحزب "مردم سالاري" فنشرت بيانا للحزب حول الأحداث والتطورات الأخيرة في البلاد وانتقدت نهج النظام في التعامل مع ما يجري في إيران وطالبت النظام بحل جذري للأزمة بدل محاولته التهرب من أصل الموضوع وجذور المشكلة.
وأكد البيان أن ما أثبتته الأحداث أظهر أن عمل "شرطة الأخلاق" وقانون "الحجاب الإجباري" أتى بنتائج عكسية ولم يحقق الغايات منه، مما يفرض ضرورة إعادة النظر حول هذه الموضوعات بشكل سريع وفوري.
وطالب البيان بضرورة تنفيذ القانون فيما يتعلق بالاحتجاجات حيث تنص المادة رقم 27 من الدستور الإيراني على مشروعية الاحتجاج والتظاهر لكن من الناحية العملية فإن السلطات تتعلل في تنفيذ هذا القانون وترفض كل أشكال المظاهرات في البلاد.
وختاما دعا البيان إلى إجراء استفتاء حول إعادة النظر في الدستور الإيراني معتبرا أن ذلك هو الوسيلة الناجعة للخروج من الأزمة الراهنة التي تشهدها إيران.
"كيهان": الأحداث في إيران نتيجة "رعب" الغرب من إنجازات حكومة رئيسي
في الاتجاه المعاكس ومقابل دعوات الأطراف المعتدلة داخل إيران والتي تدعو إلى إعادة النظر في قوانين البلاد والسياسات المعتمدة من قبل السلطات، نجد صحيفة "كيهان" التابعة للمرشد خامنئي تسير في نهجها المعروف والمتمثل بإنكار الواقع والحديث عن قضايا أصبحت محل سخرية في الداخل الإيراني.
على سبيل المثال، أشارت الصحيفة اليوم إلى الأحداث في البلاد ورأت أن ما تشهده البلاد هو بسبب "الرعب" الذي أحدثته سياسات حكومة رئيسي وإنجازاته على صعيد بث الأمل والثقة الشعبية تجاه الحكومة، حيث امتنع المواطنون في إيران عن تلبية دعوات الاحتجاج ضد الحكومة وذلك تقديرا منهم للنجاحات والأعمال التي تقوم بها الحكومة لاسيما شخص رئيس الجمهورية لحل المشاكل وإنهاء الأزمات.
"اعتماد": الإصلاحيون حاولوا عدم الصدام مع السلطة في السنوات الماضية فتآكلت شعبيتهم
انتقد الناشط الإصلاحي عباس عبدي في مقابلة مطولة مع صحيفة "اعتماد" سلوك التيار الإصلاحي في إيران خلال السنوات الماضية بسبب ما سماه "تخلي التيار عن مبادئه" إذ إنه لم يقف في كثير من المرات مع الشارع والمتظاهرين مستشهدا بعدد من الأحداث على رأسها أحداث عام 2009، حيث لم يتبن الإصلاحيون مطالب الشارع، وحاولوا التفاهم مع السلطة من أجل مصالح شخصية وحسابات أخرى، مؤكدا أن ذلك فيه تناقض صريح بين القول والعمل.
ونوه عبدي في مقابلته إلى أن الإصلاحيين كان بإمكانهم رفض الاستمرار في العملية السياسية عندما لاحظوا تعارض هذه العملية مع مبادئهم، موضحا أن ذلك وسيلة ضغط قوية كانت بيد هذا التيار.
كما لفت الكاتب إلى ضرورة أن يتحلى القادة السياسيون (المنتقدون للنهج الحالي) بالشجاعة والجرأة الكافية وأن يعلنوا مثلا أنهم يريدون تنظيم احتجاجات سلمية ويستمروا على ذلك ويؤكدوا أن تصرفاتهم قانونية ولا تتعارض مع الدستور.