سبت صاخب بالأحداث شهدته المدن الإيرانية، يوم أمس، لا سيما العاصمة طهران، حيث تظاهر آلاف المواطنين الإيرانيين في أحياء مختلفة من العاصمة، ورددوا هتافات ضد النظام والمرشد علي خامنئي.
وحاولت الصحف الإيرانية، اليوم الأحد 9 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تصوير الأحداث بالعكس، ولا تنفك هذه الصحف في محاولاتها الرامية لتشويه الاحتجاجات وإعطاء مبرر للأمن لقمعها بعد وصفها بـ"أعمال شغب" وفوضى. فصحيفة "إيران" الحكومية مثلا عنونت حول أحداث طهران أمس السبت وكتبت في صفحتها الأولى: "مجموعة تقوم بأعمال شغب في إيران.. وقتل في كردستان"، في إشارة إلى سقوط قتيل في مدينة سنندج. وبالرغم من المقاطع المنتشرة التي تؤكد أن القتيل سقط برصاص الأمن إلا أن الصحيفة بادرت تبعا للرواية الرسمية باتهام المتظاهرين بقتل أنفسهم! وعنونت "ابتكار" بالقول: "ثاني سبت مضطرب في طهران".
وفي الجهة الأخرى حاولت الصحف المنتقدة لأداء النظام سواء على صعيد التعامل مع الاحتجاجات أو على صعيد سوء الإدارة الاقتصادية والسياسية للبلاد، التركيز على نقاط الضعف التي قادت إلى خلق هذه الأحداث في البلاد.
فصحيفة "جمهوري إسلامي" مثلا رأت أن المتظاهرين "الحقيقيين" لم يكونوا يهدفون إلى إسقاط النظام، لكنهم وبسبب تراكم بعض المشاكل مثل الفقر والتمييز والغلاء الفاحش، والفساد الاقتصادي، والفساد الإداري، وعدم انسجام الشعارات مع عمل المسؤولين، كل ذلك جعلهم مادة قابلة للانفجار وقد تنفجر في أي لحظة.
فيما تحدثت صحيفة "جهان صنعت" عن تبعات عدم الاستماع إلى صوت المتظاهرين وأكدت أن الجيل الجديد في إيران لم يعد يخشى لغة القوة، أما "هم ميهن" الإصلاحية فعنونت بالقول: "الصوت الذي لم يسمع"، في إشارة إلى مطالب المتظاهرين لا سيما شريحة الشباب منهم. وحذرت من تبعات استمرار النظام من تجاهل هذه الأصوات والمطالب.
ومن الموضوعات الأخرى التي غطتها صحف اليوم أزمة استمرار قطع الإنترنت وحجب المواقع والتطبيقات الشهيرة والآثار السلبية على صعيد السياسة والاجتماع في هذا المجال، كما تحدثت بعض الصحف مثل "أترك" حول الضبابية التي تسود هذا الجانب من الأزمة، إذ لم يبين المسؤولون بشكل واضح متى يتم إنهاء قطع الإنترنت وحجب المواقع الإلكترونية. فيما عنونت صحيفة "ستاره صبح" في مانشيت اليوم: "خسائر قطع الإنترنت".
وفي شأن غير بعيد أبرزت الصحف الموالية للحكومة زيارة رئيسي، يوم أمس، إلى جامعة "الزهراء" النسائية في طهران وحاولت خلق صورة مرضية للنظام مما يجري في الجامعات، وعنونت "وطن امروز" المقربة من الحرس الثوري: "إطار الحقيقة" ناشرة صورة لرئيسي مع مجموعة من طالبات الجامعة.
أما "همشهري" فنشرت نفس الصورة وعلقت عليها بالقول: "السبت نفسه والساعة نفسها" في إشارة إلى أن رئيسي ذهب إلى الجامعة في نفس اليوم الموعود للمظاهرات ضد النظام والتي تقرر انطلاقها في الساعة الثانية عشرة.
لكن هذه الصحف تجاهلت الاحتجاجات الكبيرة والواسعة التي شهدتها مختلف مدن إيران أمس السبت وحاولت تصوير الأوضاع وكأنها طبيعية ولا شيء يحدث على أرض الواقع.
واللافت أن هذه الصحف تجاهلت أيضا الاحتجاجات التي شهدتها جامعة "الزهراء" نفسها، إذ نظمت طالبات في الجامعة قريبا من المكان الذي كان يتواجد فيه رئيسي مظاهرة وهتفت ضد النظام.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"جهان صنعت": اتهام الأعداء بالتخطيط للأحداث في إيران تحليل ساذج
حاول الكاتب صلاح الدين هرسني في مقاله بصحيفة "جهان صنعت" الرد على كلام المرشد، لكنه بطبيعة الحال ليس قادرا على معارضة ما جاء في تصريحات خامنئي قبل أيام، علانية، مما اضطره إلى أن يسلك طريقا آمنا بدأه بالموافقة المبدئية لكلام المرشد حول استغلال أعداء إيران لما يجري في البلاد، لكنه استدرك وقال إن هذا الاستغلال من جانب "الأعداء" يأتي كنتيجة "بعدية" وليس كعامل "قبلي"، بمعنى أن الخلل يكمن في سوء إدارة البلاد الذي أدى إلى ظهور هذه المشاكل والأزمات التي تتيح للأعداء استغلالها والاستفادة منها لضرب إيران.
وأضاف هرسني: "في الواقع نسبة هذه الأحداث إلى الأعداء حصرا والتعامل الأحادي معها هو تحليل ساذج وتبرير للضعف الداخلي ومحاولة للرد على الانتقادات".
وتابع هرسني بالقول أن السبب الرئيسي لما تعيشه إيران اليوم هو ما أورده الأساتذة الجامعيون في اجتماع 90 أستاذا جامعيا بجامعة طهران قبل أيام، حيث أكد هؤلاء الأساتذة أن مشاكل إيران تكمن في: الطريقة الخاطئة في الحكم، وغياب رؤية شمولية في التعامل مع الشباب وعدم التفاهم معهم، والشرخ بين الأجيال، وتجاهل مطالب الناس، واعتبار البعض بأن الشعب وأن الحق محصور لديه، وتشكيل حكومة موازية، وتدخلات بعض المؤسسات في عمل مؤسسات أخرى.
"شرق": الاحتجاجات تدخل أسبوعها الثالث وشرائح جديدة تدخل إلى الواجهة
أشارت صحيفة "شرق" إلى دخول الاحتجاجات أسبوعها الثالث في إيران وبدء مشاركة شرائح جديدة من المجتمع، فبعد مظاهرات واعتقالات في صفوف الطلاب الجامعيين يدخل الآن طلاب المدارس إلى هذه المظاهرات العامة في إيران، مشيرة إلى دعوة رئيس شرطة طهران أهالي هؤلاء الطلاب وتشجيعهم على عدم المشاركة في المظاهرات.
ونوهت الصحيفة إلى قطع الإنترنت ونقلت كلام المسؤولين الإيرانيين الذين أكدوا أن الإنترنت لن تعود إلى سابق عهدها إلا إذا انتهت الاحتجاجات، لكن الصحيفة تساءلت بالقول: "كيف تنتهي هذه الاحتجاجات؟ من يجب أن يتخذ الخطوات اللازمة لإنهاء الاحتجاجات؟".
"خراسان": خسائر كبيرة جراء استمرار قطع الإنترنت وحجب المواقع والتطبيقات
انتقدت صحيفة "خراسان الأصولية استمرار قطع الإنترنت والتبعات الاقتصادية الناجمة عن ذلك، مشيرة إلى أنه ومنذ بدء قطع الإنترنت قبل سبعة عشر يوما تحملت البلاد خسائر تقدر بـ17 ألف مليار تومان وهو مبلغ رهيب للغاية حسب تعبير الصحيفة.
ونوهت الصحيفة إلى تقرير لمنظمة الأعمال الإلكترونية في طهران، حيث ذكر التقرير أن أكثر من 41 في المائة من الشركات خسرت ما بين 25 إلى 50 في المائة من أرباحها بسبب قطع الإنترنت في إيران، كما تراجعت مبيعات 47 في المائة من هذه الشركات بنسبة 50 في المائة.
ونقلت الصحيفة كلاما لمدير اتحاد الأعمال الإكترونية، قال فيه إن دخل أكثر من 10 ملايين إيراني يعتمد على العالم الافتراضي، وبالتالي فإن قطع الإنترنت يشكل ضربة اقتصادية كبيرة على هؤلاء المواطنين.