تستمر الاحتجاجات الشعبية في إيران وتزداد لهيبا بعد مظاهرات حاشدة، أمس السبت، لطلاب الجامعات في الصباح، تلتها مظاهرات مسائية في العديد من المدن والمحافظات الإيرانية.
ورغم اتساع الاحتجاجات وتصاعدها، إلا أن الصحف ووسائل إعلام النظام، اليوم الأحد 2 أكتوبر 2022، تدعي أن موجة الاحتجاجات قد انتهت، وأن "الأعداء فشلوا في أهدافهم من هذه الاحتجاجات"، متهمة المتظاهرين بالعمل لصالح الأعداء وتنفيذ مخططاتهم.
وعلى سبيل المثال صدرت "كيهان" التي تعرض مقرها أمس إلى هجوم من المتظاهرين الغاضبين وكُسّرت بعض نوافذها، تصف المتظاهرين بالانفصاليين والإرهابيين، وطالبت بالقضاء عليهم وإنهاء أشكال الاحتجاج، كما دعت إلى تقديم الأوسمة مكافأةً للشرطة وقوات الأمن على مواجهتها لهذه الاحتجاجات والمظاهرات.
أما ماذا عن مواقف الصحف الإصلاحية التي تدعي في كثير من الأحيان أنها أقرب إلى صوت الشارع من الصحف الأصولية، فهي الأخرى لم تكن بالمستوى المطلوب في تغطيتها للأحداث ولم تتوسع في تحليلاتها لمعرفة الأسباب الحقيقية لاندلاع هذه الاحتجاجات واكتفت بترديد مطالب ليست بذات شأن بالنسبة للمتظاهرين في هذه المرحلة على الأقل، مثل "حل شرطة الأخلاق" أو "مناقشة الحصول على إذن قانوني للقيام بالتظاهر"، فالشارع الإيراني اليوم قد تجاوز- والهتافات تثبت ذلك- هذه المطالب، ولم يبال بأن تسمح الشرطة له بالتظاهر أم لا، حيث نجد المتظاهرين يجوبون الشوارع في معظم المدن دون انتظار موافقة الأجهزة الأمنية.
ومن الموضوعات الأخرى في صحف اليوم القيود المفروضة على الإنترنت، فبينما حذرت بعض الصحف مثل "أترك" من التبعات الاقتصادية والسياسية لتقييد الإنترنت، وحجب عدد من المواقع والتطبيقات، نلاحظ في المقابل دعوات بعض الصحف المتشددة إلى ضرورة الاستمرار في هذا الوضع باعتباره ضامنا لـ"استقلال" إيران وحاجزا أمام نفوذ الأعداء وتغلغلهم في الداخل، كما رأت صحيفة "كيهان" التابعة للمرشد علي خامنئي.
ومن القضايا الأخرى في تغطية الصحف موضوع الاتفاق النووي، فقد تساءلت صحيفة "ابتكار" الإصلاحية. وقالت: "هل اختفت فرصة إحياء الاتفاق النووي؟"، مشيرة إلى أن الوضع الحالي يؤكد أن أطراف الاتفاق النووي اليوم باتت أبعد ما يكون عن التوصل إلى اتفاق حول ملف إيران النووي، أما صحيفة "هم ميهن" فعنونت بكلام الخبير السياسي والدبلوماسي السابق، سيد جلال ساداتيان. وكتبت: "عقوبات أميركية جديدة في الطريق"، موضحا أن واشنطن سوف تغير من مواقفها تجاه إيران وتكون أكثر صرامة وتشددا في التعامل مع طهران.
وفي شأن متصل، علقت بعض الصحف مثل "اعتماد"، و"ستاره صبح" على ارتفاع سعر الذهب والعملات الصعبة في إيران متأثرا بغموض موضوع المفاوضات النووية والاحتجاجات التي عمت إيران خلال الأسبوعين الماضيين. وقد سجل سعر الدولار الواحد أمس 33 ألف تومان.
يمكننا الآن أن نقرأ تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم..
"كيهان" يجب إعطاء الأوسمة لقوات الأمن على أدائها الرائع في الأحداث الجارية
رأت "كيهان" في تحليلها للأحداث التي تشهدها إيران أن كل ما يجري من أحداث لا علاقة له بالتنديد بمقتل مسها أميني وإنما هناك دول مختلفة عملت على إشعال هذه الأزمة، والسبب في ذلك حسب كاتب الصحيفة، جعفر بلوري، راجع إلى "طبيعة النظام الإيراني المقاوم للاستكبار العالمي"، معتقدا أن "الضربات المؤلمة" التي وجهها النظام الإيراني إلى مخططات الغرب في المنطقة قد حيرت النظام الدولي وقادته، وهو ما يجعلهم يعملون على مواجهة إيران ونظامها الذي يستحق بكل جدارة صفة "الإسلام المحمدي الخالص"، حسب تعبير كاتب صحيفة "كيهان".
أما عن تعامل الأمن مع الأحداث الجارية في البلاد فيرى الكاتب أن الأمن الإيراني من أكثر الأجهزة الأمنية شعبية في العالم وهو في نفس الوقت مظلوم، فبالرغم من أدائه الرائع في مواجهة "الإرهابيين"، و"الانفصاليين" (المتظاهرين) لم نر من يعمل على تكريمه وإعطاء الأوسمة الفخرية له.
كما رأت الصحيفة في تقريرها الرئيسي ضرورة العمل بشكل سريع على "الاستقلال" في العالم الافتراضي، وهي طبعا تعني به مزيدا من التقييد والرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي ومنع المواطنين من التواصل فيما بينهم بعيدا عن أعين الأمن الإيراني واستخباراته، وهذا الأمر تسميه الصحيفة "استقلالا" يمنع الأعداء من "التغلغل" والنفوذ بين الإيرانيين.
"سازندكي": 4 عوامل رئيسية وراء اندلاع الاحتجاجات في إيران
في المقابل يرى علي ربيعي المتحدث السابق باسم الحكومة الإيرانية في عهد روحاني أن هناك "عوامل رئيسية" لاندلاع الاحتجاجات في إيران بين الفينة والأخرى، موضحا أن أسبابا مثل مقتل مسها أميني تكون مجرد فتيل لإشعال الأزمة وإخراج "العوامل الرئيسية" إلى السطح.
ونوه ربيعي إلى وجود 4 عوامل رئيسية في الأزمة الإيرانية حاليا، وهي: الفقر الاقتصادي المدقع، وزيادة البطالة، وتجاهل التغييرات التي طرأت على الأجيال، والانغلاق السياسي تجاه المرأة.
كما نوه ربيعي إلى أن الطبقة المتوسطة أيضا تشعر بأنها "محقرة" ومطرودة من قبل السلطة وهذا الشعور أصبح قويا ومتناميا بين المثقفين والأكاديميين ما يجعلهم على استعداد للنزول إلى الشارع والتعبير عن غضبهم بأشكال مختلفة.
"آفتاب يزد": هل أصبح الاتفاق النووي من التاريخ؟
في موضوع الاتفاق النووي، تساءلت صحيفة "آفتاب يزد" عن مصير الاتفاق النووي في ظل التطورات الكبيرة على صعيد الداخل والخارج الإيراني. وقالت هل باتت مأساة الاتفاق النووي جزءا من الماضي والتاريخ، ولم يعد هناك أمل في إحياء الاتفاق النووي؟
وقابلت الصحيفة المحلل السياسي الإيراني جلال خوشجهره الذي قال للصحيفة إن حسابات المسؤولين الإيرانيين في التعويل على الحرب الروسية الأوكرانية كانت خاطئة تماما، إذ إن بعض هؤلاء المسؤولين كانوا يتصورون أنه وبعد قطع روسيا لإمدادات الطاقة عن أوروبا فإن الدول الأوروبية وحليفتها الولايات المتحدة الأميركية ستضطر في الشتاء الأوروبي القارس إلى تقديم تنازلات لإيران من أجل الاستفادة من الطاقة الإيرانية.
وشدد الكاتب على ضرورة أن يتحمل هؤلاء المسؤولون تبعات ما اقترفوه من أخطاء على صعيد السياسة الخارجية الإيرانية وتعللهم الواضح في المفاوضات التي كانت ترمي لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات عن طهران.