لا تزال الاحتجاجات وانعكاساتها تشكل الموضوع الرئيس في الصحف الصادرة اليوم، الخميس 29 سبتمبر (أيلول)، في إيران.
وتردد معظم الصحف رواية النظام في التعامل مع الاحتجاجات، ولا تتردد في وصف المظاهرات بـ"الفوضى" و"أعمال الشغب"، وتدعو إلى محاسبة المتظاهرين والشخصيات المشهورة على صعيد الفن والرياضة والتمثيل، والتي دعمت المظاهرات وانتقدت تعامل النظام مع الأحداث الجارية.
وعنونت صحيفة "أذربيجان" بالقول: "يجب أن يحاكم مثيري الشغب ومسببي الفتنة". كما لفتت بعض الصحف إلى كلمة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، مساء الأربعاء عبر التلفزيون الإيراني ومخاطبته الشعب الإيراني الذي يشهد احتجاجات واسعة منذ قرابة أسبوعين.
وبالرغم من دعوات الحريصين والمنتقدين لسياسات النظام إلى ضرورة الاستماع إلى صوت العقل، وتلبية مطالب المواطنين المتظاهرين، إلا أن رئيسي توعد بمحاكمة "مثيري الشغب"، في إشارة إلى المتظاهرين والمحتجين في عموم أرجاء إيران.
وفي السياق نفسه أشارت بعض الصحف مثل "آرمان ملي" إلى احتمالية أن يكون الحجب الذي طال عددا من المواقع والتطبيقات الهامة على خلفية الاحتجاجات مثل "واتساب" و"إنتسغرام" دائما وليس مؤقتا، موضحة أن تجارب الحجب في إيران تؤكد أن الموقع أو التطبيق الذي يُحجب لن يرى النور من جديد، ولن تتراجع السلطة عن قراراها، منتقدة هذه الخطوة التي تعتبر إضرارا بالاقتصاد إذ إن 11 مليون إيراني يرتزقون من تطبيق "إنستغرام" وحده.
وفي نفس الاتجاه سارت "ستاره صبح" وكتبت في المانشيت: "تأثير قطع الإنترنت على حياة الناس"، منوهة إلى أن "خسائر كل ساعة من قطع الإنترنت في البلاد تعادل 45 مليار تومان".
كما كتبت "مهد تمدن" تعليقا على الموضوع، وقالت إن "مشروع تقييد الإنترنت" دخل حيز التنفيذ رسميا بعد أن كانت أطراف أصولية ومتشددة تحاول تقنين ذلك عبر منصة البرلمان.
من الموضوعات الجديدة في تغطية صحف اليوم والتي قد لا تكون منفصلة عن الاحتجاجات الشعبية في إيران، موضوع الهجمات التي يشنها الحرس الثوري على مواقع كردية معارضة في إقليم كردستان العراق، إذ واجهت هذه الأعمال انتقاد واستنكار الجانب العراقي، بالإضافة إلى إدانات من قبل الكثير من الدول الغربية والعربية، بعد أن خلفت ضحايا مدنين والكثير من الجرحى والمصابين.
وبالرغم من ذلك فإن الصحف الموالية للنظام "باركت" هذه الاعتداءات على أراضي دولة جارة، وعنونت صحيفة "جوان"، وهي صحيفة مقربة من الحرس الثوري، بالقول: "الحرس الثوري: لن نعترف بالحدود في معاقبة المعتدين".
وكتبت "إيران" الحكومية مؤيدة هذه الهجمات: "إظهار القوة عبر إطلاق 73 صاروخ باليستي"، متجاهلة أن هذه الصواريخ تقع على دولة جارة ذات سيادة واستقلال.
واللافت أن هذه الصحف نفسها كثيرا ما تهاجم تركيا إذا ما قامت بعمليات مشابهة في سوريا أو العراق، وينبري كثير من المسؤولين في إيران في انتقاد أنقرة في مثل هذه الأوقات، متهمين إياها بأنها تنتهك سيادة دول جوارها، ولا تبالي بالقوانين والأعراف الدولية.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"مردم سالاري": الأصوليون يلقون باللوم على الاحتجاجات في عدم رفع العقوبات!
استهجنت صحيفة "مردم سالاري" مواقف وسائل الإعلام الأصولية مثل وكالة "فارس" للأنباء، حيث حاولت أن تربط بين عدم رفع العقوبات وبين الاحتجاجات التي شهدتها إيران، وأعربت الصحيفة عن استغرابها من هذا الربط، مشيرة إلى أن المعروف عن سبب تعليق المفاوضات النووية، وعدم رفع العقوبات هو مواقف إيران ومطالبها الجديدة، كما يقرر ذلك مسؤولون أوروبيون وأميركيون.
وأكدت الصحيفة في المقابل أن وصول المفاوضات النووية إلى طريق مسدود ليس له علاقة بالاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها إيران منذ قرابة الأسبوعين.
"ستاره صبح": شرائح مختلفة في إيران ليست راضية عن الأوضاع الفعلية في البلاد
أما الخبير والمحلل السياسي، محمود ميرلوحي، فقال لصحيفة "ستاره صبح" إن موجة الاحتجاجات التي شهدتها إيران عقب وفاة الشابة مهسا أميني كانت عبارة عن مجموعة من التراكمات التي تبحث عن شرارة للانفجار والظهور، وقد حدث ذلك بعد حادثة وفاة الشابة في مركز اعتقال شرطة الأخلاق في إيران.
وأوضح ميرلوحي أن الشرائح المجتمعية التي تشعر بالاستياء وعدم الرضا في إيران أصبحت كثيرة، منها شرائح الطبقة الدنيا من المجتمع، إذا يشعر هؤلاء بأن مطالبهم لم تحقق، والوعود الاقتصادية التي أعطيت لهم كانت محض سراب.
وأضاف ميرلوحي: "هناك طبقة من النشطاء والسياسيين الذين يشعرون أنه تم تهميشهم وإقصائهم في الانتخابات، ولم يكن هناك عدل في المنافسة الانتخابية، وهو ما ولد لديهم هذا الشعور بالاستياء وعدم الرضا".
كما أشار إلى شريحة النساء إذ تعاني هي الأخرى من مشاكل اقتصادية واجتماعية وثقافية كثيرة، ولهذا رأينا أن نسبة كبيرة من المشاركين في الاحتجاجات تشكلها النساء والفتيات عبر إعلان تمردهن على قوانين البلاد المتعلقة بالحجاب الإجباري.
"جهان صنعت": كان على النظام أن يعتذر بعد حادثة وفاة مهسا أميني
رأى النائب البرلماني السابق، عماد أفروغ، في مقابلة مع صحيفة "جهان صنعت" أنه كان يتوجب على النظام في الحد الأدنى أن يقدم اعتذارا بعد حادثة وفاة مهسا أميني، لكنه لم يفعل ذلك، وقرر الاكتفاء بإجراء تحقيق ليس معلوما متى تنشر تفاصيله.
ونوه أفروغ إلى أن ظاهر الاحتجاجات الجارية في إيران هو موضوع الحجاب، ومطالبة النظام بإظهار مزيد من المرونة حول الموضوع، لكن الحقيقة هي شيء آخر إذ إن هذه الاحتجاجات اندلعت لأسباب متراكمة.
وأضاف أنه في إيران اليوم نجد الفقر والتمييز والبطالة وعدم المساواة منتشرة على نطاق واسع، فالمجتمع يأن تحت وطأة هذه المشاكل، وكان يبحث عن ذريعة للانفجار، وقد وجدها في حادثة مهسا أميني.