عاد النظام الإيراني لمناهجه القمعية المتشددة تجاه توسع للاحتجاجات، حيث قام يوم أمس وبأمر من مجلس القومي الإيراني بتعطيل الانترنت، وصعّب الوصول إلى تطبيقات "إنستغرام" و"واتساب"، للحد من انتشار الأخبار والتواصل بين المتظاهرين.
نظام طهران لجأ إلى نهجه المعهود، وطريقته المتبعة لمواجهة الاحتجاجات التي شملت جميع نقاط البلد بمدنه الصغيرة والكبيرة، وتم قطع الإنترنت لتصبح إيران جزيرة منعزلة عن العالم "المتفرج"، وليتفرغ النظام المتهم بـ"الإرهاب" على صعيد العالم والمنطقة، لممارسة الإرهاب هذه المرة على مواطنيه العزل، بعد أن يلصق بهم ما شاء له من التهم والافتراءات.
سيناريو متوقع ونتيجة معروفة للمراقبين للشأن الإيراني خلال السنوات الماضية، سيكتفي العالم "الحر" و"المدافع عن حقوق الإنسان" كما السابق ببيانات الإدانة والاستنكار، بعد أن يطيل الإصغاء إلى تقارير حقوق الإنسان التي توثق وتتحدث عن قتلى الاحتجاجات بيد الآلة الحديدية والقبضة الأمنية للنظام.
وجلية هذه النتيجة المرعبة من القتل والدماء لا سيما إذا استمعنا إلى ما تردده صحف النظام، وعلى رأسها صحيفة لمرشد "كيهان"، المعروفة بتشددها وتشجيعها على القتل والضرب بيد من نار وحديد على المحتجين من أبناء الشعب الإيراني.
الصحيفة طالبت في عدد اليوم، الخميس 22 سبتمبر (أيلول)، بقمع المحتجين بعد وصفهم بـ"المجرمين" و"الداعشيين"، وقالت في عنوان لها بصفحتها الأولى: "لا تمهلوا المجرمين"، مدعية أن هؤلاء المحتجين يتبعون أعداء إيران، وقد كشفوا النقاب عن حقيقتهم خلال الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
كما سارت الصحف الأصولية والمقربة من الحرس الثوري بنفس اتجاه صحيفة "كيهان"، واتهمت المحتجين بالإساءة إلى قيم ثورة عام 1979 مثل الحجاب الإجباري، في إشارة إلى خلع كثير من المحتجات للحجاب أثناء التظاهر، للتعبير عن تضامنهن مع المغدور بها مهسا أميني، المقتولة على يد الشرطة الإيرانية الخميس الماضي.
فيما حاولت الصحف الإصلاحية التهرب إما بعدم النشر بشكل نهائي أو الحديث عن قضايا ليست ذات شأن مقارنة مع ما تشهد إيران حاليا.
كما اهتمت صحف اليوم بكلمة رئيسي في الأمم المتحدة أمس الأربعاء، ونشرت "وطن امروز"، المقربة من الحرس الثوري، صورة رئيسي وهو يرفع صورة قاسم سليماني في كلمته أمس، وعنونت: "المطالبة بالجزاء في نيويورك"، وكتبت "جام جم": "صورة المقاومة.. صوت العدالة" ناشرة نفس الصورة للرئيس الإيراني.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"كيهان": دعوة صريحة لقمع الاحتجاجات وعدم التهاون مع المتظاهرين
وصفت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، المحتجين بـ"الداعشيين الوطنيين"، وزعمت أن طريقة الاحتجاج ومسارها يكشف أن هؤلاء المحتجين مدربون بشكل جيد، وهم يحاولون إعادة أحداث عام 2009 و2019 بشكل أوسع وأبعد نطاقا.
كما هاجمت الصحيفة الرئيس الأسبق محمد خاتمي، ونائب الرئيس السابق إسحاق جهانغيري، وشخصيات أخرى مثل مهدي كروبي وعبدالله نوري، وأحزاب التيار الإصلاحي الذين أصدروا بيانات وانتقدوا سلوك "شرطة الأخلاق"، لكنهم لم يكتفوا بهذه البيانات والإدانات وعملوا على "تهييج أعمال الشغب" في الشوارع، حسب ادعاء الصحيفة.
وقالت "كيهان" إن ما نشهده من اضطرابات في البلاد هو نتيجة لتساهل السلطات مع محركي "الفتنة"، وعدم التعامل معهم بشكل صارم وقانوني، مؤكدة أن هؤلاء الأفراد يرتكبون جريمة "تشويش الرأي العام"، و"العمل ضد الأمن القومي".
وختمت الصحيفة تقريرها بالادعاء أن مطلب الشعب الإيراني اليوم هو التعامل بحزم وعزيمة مع المحتجين الذين وصفتهم بالغوغائيين، وقالت: "مطلب الشعب الإيراني الواعي هو أن لا تتهاونوا مع المجرمين".
"آسيا": الاستبداد يدعي محاربة الظلم والاستعمار والفقر والحرمان وهو سبب كل هذه المساوئ
أما كاتب صحيفة "آسيا"، محمد باقر تاج الدين، فقد كتب مقاله اليوم عن "الاستبداد"، بعد أن أصبح الإيرانيون كثيرا ما يسمعون هذه الكلمة في الاحتجاجات الحالية، وهي تشير إلى "استبداد" المرشد وانفراده بالسلطة والثروة، لكن الكاتب والصحيفة ليس لديهما القدرة اللازمة- وهما معذوران- ليحددوا المقصود من الاستبداد وصاحبه، واكتفى المقال بذكر المعنى، وإن كان من السهل على القارئ فهم المقصود والهدف من المقال.
يقرر صاحب المقال أن الاستبداد هو أسوأ ما في الأنظمة الديكتاتورية، التي تظن وتدعي طوال التاريخ أنها تحارب المنكرات والسيئات، في حين أن الاستبداد الذي تتصف به هو أسوأ هذه السيئات، والمنكرات على الإطلاق.
وذكر الكاتب أن الاستبداد يغلق الطريق أمام الحرية والمساواة بين مواطنيه، ويخلق احتكارا في السلطة والمال والجاه لصالح أنصاره ومريديه.
وتابع تاج الدين: "الحكومات المستبدة تدعي أنها تحارب الظلم والاستعمار والأعداء والفقر والحرمان، لكن الحقيقة هي أن نوعية حكمها الاستبدادي هذه هو أسوأ من كل هذه المساوئ، وفي الأساس فإن جميع هذه المساوئ هي نتيجة للاستبداد، وإذا ما تمت إزالته فيصبح هناك أمل بالتحسن وتخلص المجتمع من هذه المساوئ".
"آرمان امروز": مقترح إيراني جديد لحل الاتفاق النووي
وفي موضوع الاتفاق النووي أشارت صحيفة "آرمان امروز" إلى تطورات الملف، ولفتت إلى مواقف مفوض السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل من المفاوضات النووية، وتأكيده على عدم وجود مقترحات جديدة لحل أزمة اتفاق إيران النووي.
لكن الصحيفة نوهت إلى وجود مقترح إيراني في الأيام الأخيرة لـ"حلحلة" جمود مفاوضات الاتفاق النووي، يتمثل بحل موضوع تحقيقات الوكالة الدولية قبل الدخول العملي في الاتفاق النووي المرحلي، حيث سيتم العودة إلى الاتفاق بشكل مرحلي، ويجب- وفق المقترح الإيراني- أن تتوقف تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول مواقع إيران النووية قبل البدء بالمرحلة الأولى.
وأشارت الصحيفة إلى المواقف الأوروبية والأميركية من بعض القضايا التي تعتبرها "خارجة عن إطار الاتفاق النووي"، وقالت: "لا يُعرف هل يكون المقترح الإيراني الجديد سببا في حل مشكلة الاتفاق النووي أو بالعكس من ذلك يصبح عاملا في تأزم الأوضاع أكثر فأكثر".