بتجاهل مقصود وفاضح، وربما بأوامر عليا، امتنعت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم، الثلاثاء 20 سبتمبر (أيلول)، عن تغطية الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها مدن إيرانية عدة، على رأسها العاصمة طهران أمس الاثنين، لتنديد بمقتل الشابة مهسا أميني على يد الشرطة الإيرانية الخميس الماضي.
ويبدو أن مسار الاحتجاجات بدأ يأخذ طابعا أكثر شمولية؛ إذ لم تعد التظاهرات مقتصرة على التنديد بمقتل الشابة مهسا أميني، وإنما – والشعارات تؤكد ذلك – أصبحت مطالبها أوسع من محاسبة المقصرين في الحادث لتشمل إلغاء قوانين "الحجاب الإجباري"، بل أكثر من ذلك إذ وصلت المطالبة إلى إسقاط النظام، ومحاسبة قياداته ممثلة بالمرشد الإيراني، على خامنئي، الذي ما ينفك المتظاهرون في ترديد الشعارات الموجهة إليه، مثل: "الموت للديكتاتور" و"عارنا عارنا.. مرشدنا الأحمق".
وبالرغم من تجاهل الصحف لهذه الاحتجاجات إلا أنها لم تستطع أن تتجاهل موضوع مقتل الشابة مهسا أميني، إذ إن الحادث لا يزال حديث الشارع الإيراني اليوم، ولهذا حاولت الصحف الإصلاحية -التي تدعي أنها تمثل مطالب شعبية تهملها السلطة الحاكمة بقيادة التيار الأصولي- حاولت هذه الصحف في نشراتها اليوم التأكيد على مطالب أصبحت ثانوية بالنسبة للمواطنين الإيرانيين، مثل: "حل دوريات الإرشاد" و"إلغاء قانون الحجاب الإجباري"، إذ إن الشارع الإيراني اليوم بات يرى المشكلة تكمن في وجود هذا النظام وسياساته الخاطئة المتبعة منذ أكثر من 4 عقود.
وأشارت صحيفة "سازندكي" إلى "شرطة الأخلاق"، وقالت إن الأزمة التي سببتها "شرطة الأخلاق" باتت تهدد النظام برمته، ونقلت عن الخبير الحقوقي محمود عليزاده، قوله إن قضية الحجاب في المجتمع الإيراني تحولت إلى شكل من أشكال الاحتجاج السياسي، والتي لم يعد من السهل مواجهتها والتعامل معها.
أما صحيفة "إيران" الصادرة عن الحكومة فلم تكتف بتجاهل تظاهرات أمس، كما فعلت كل الصحف الإيرانية الأخرى، بل حاولت تشويه هذه الاحتجاجات بعد وصفها بـ"المناوشات"، ومحاولات الأعداء لجعل محافظة كردستان الإيرانية غير آمنة، حسب تعبيرها.
كما اتهمت الصحيفة المحتجين في محافظة كردستان بأنهم انفصاليون وفوضويون.
أما الموضوع الآخر الذي كان له حصة من اهتمام الصحف الإيرانية اليوم هو مشاركة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحددة في نيويورك، حيث توجه رئيسي برفقة وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، وكبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، إلى نيويورك للمشاركة في هذا الاجتماع السنوي الهام.
وتأمل بعض الصحف أن تكون هذه الزيارة سببا في التوصل إلى صيغة لحل ملف إيران النووي المتأزم، بعد وصول المفاوضات النووية في فيينا إلى طريق مسدود.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": ضرورة تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة لمعرفة أسباب وفاة مهسا أميني
طالب الباحث الحقوقي، علي نجفي توانا، بتشكيل لجنة تقصي حقائق في قضية مهسا أميني ووفاتها بأحد مراكز الشرطة، وشدد على ضرورة أن تكون هذه اللجنة مكونة من قضاة مستقلين يبدؤون بدراسة الموضوع منذ بداية الاعتقال وحتى لحظة الوفاة، ليقدموا بعد ذلك تقريرا شافيا وواضحا للرأي العام.
وأكد الكاتب أن الرأي العام الإيراني متأثر بحادثة وفاة مهسا أميني، ويريد معرفة الحقيقة. وأضاف أن أي تقرير من قبل النيابة العامة أو لجنة تحقيق يعينها رئيس الجمهورية لن يكون ذا جدوى بالنسبة للمواطنين، لانهم يعتبرون هذه الجهات والمؤسسات غير محايدة، ولا تتمتع بالاستقلال الكافي الذي يؤهلها لتقديم تقرير نزيه وصادق.
"هم ميهن": محاولة تبرئة الشرطة تزيد الشكوك بشأن تورطها
أما الكاتب، علي مجتهد زاده، فانتقد في مقابلة مع صحيفة "هم ميهن" المؤتمر الصحافي لقائد شرطة طهران، والذي نفى فيه ضلوع الشرطة بوفاة مهسا أميني، وأكد مجتهد زاده أن الشرطة في هذه الحادثة هي نفسها موضع اتهام، ويجب أن تقدم الأدلة والبراهين على براءتها أمام المحكمة، وليس أمام وسائل الإعلام.
وأضاف الكاتب الحقوقي أن هذه المواقف تزيد من الشكوك حول ما إذا كانت هناك مساعي ومحاولات للتأثير على مسار ملف مهسا أميني في القضاء والمحاكم القانونية.
"آسيا": "المشروعية" و"الفاعلية" تحديان أساسيان يواجهان النظام الإيراني بعد أربعة عقود من عمره
فيما رأى الكاتب والمحلل السياسي، مهدي فقيه، في مقال له نشرته صحيفة "آسيا" أن نظام الجمهورية الإسلامية وصل إلى "مفترق طرق" بعد مرور أربعة عقود من توليه السلطة، وأصبح هناك تحديان يواجهان النظام، هما تحدي "المشروعية" وتحدي "الفاعلية"، وهذان التحديان يستهدفان جوهر السلطة الحالية، وهما يشهدان قوة متنامية ومتزايدة باستمرار.
وأوضح الكاتب أن المجتمع الإيراني اليوم بات في مرحلة التحول من الشكل التقليدي في الحياة إلى الشكل الحديث، وهو في حاجة إلى التغيير والتطور، وأي مقاومة من قبل النظام السياسي ستنتهي إلى مواجهة بين السلطة والمجتمع.
"آرمان امروز": تفعيل آلية الزناد من قبل الدول الأوروبية وأميركا
في شأن آخر أشار الكاتب والدبلوماسي السابق، سيد جلال ساداتيان في مقاله بصحيفة "آرمان امروز" إلى التعقيد الذي وصل إليه ملف الاتفاق النووي، ورأى أن التوصل إلى اتفاق عبر مفاوضات فيينا لم يعد ممكنا بعد الآن، لافتا إلى ارتفاع حدة المواقف الأوروبية والأميركية تجاه إيران.
وأضاف ساداتيان أن الأوروبيين وبعد أن كانوا يطمحون في التوصل إلى اتفاق مع طهران للاستفادة من الطاقة الإيرانية لتخفيف آثار أزمة الطاقة التي تشهدها أوروبا، أصبحوا الآن أكثر استعدادا للتشكيل جبهة مع أميركا تفعيل آلية الزناد ضد إيران في الفترة المقبلة.
واستبعد الكاتب حدوث حرب عسكرية بين طهران وواشنطن نتيجة الملف النووي، بل رأى أن العقوبات والضغط الاقتصادي سيكونان هما السلاح القوي بيد الأطراف الغربية، وسنشهد في الفترة القادمة ضغوطا اقتصادية كبيرة تمارس على إيران.