حذرت الدول الأوروبية الثلاث والولايات المتحدة خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي لمناقشة تنفيذ القرار 2231 والاتفاق النووي، حذرت من استمرار إيران في الابتعاد عن التزاماتها بموجب الاتفاق النووي. وشددت على أن الوقت قد حان لأن تتخذ طهران خطوات عملية لوقف توسع برنامجها النووي وعكس مساره.
في مستهل الاجتماع، قرأت روزماري دي كارلو، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، التقرير الثامن عشر الذي أعده أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة. ودعت خلاله الدول الكبرى وإيران إلى العمل سريعًا لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الذي كان يهدف إلى الحد من برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات عنها.
يُذكر أن الاتفاق النووي وُقّع عام 2015 بين إيران وكل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا والصين. إلا أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق عام 2018 خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى.
موقف الصين وروسيا
وأكد فو تسونغ، مندوب الصين، أن الاتفاق النووي كان الخيار الأفضل لحل القضية النووية الإيرانية، قائلاً: “ندعو جميع الأطراف إلى بذل المزيد من الجهود لاستئناف الحوار والمفاوضات.” وأضاف أن سياسة “الضغط الأقصى” هي التي تسببت في الوضع الحالي للبرنامج النووي الإيراني، محذراً من أن “آلية الزناد يجب ألا تتحول إلى أداة للابتزاز.”
أما مندوب روسيا، فحذّر من أن أي محاولة لتفعيل آلية الزناد لن تؤدي إلى أي نتيجة، مضيفاً: “ندين أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.”
موقف الاتحاد الأوروبي
من جانبه، قال رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة، ستافروس لامبرينيديس، إن ضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي أو تطويره يمثل إحدى الأولويات الأمنية الرئيسية للاتحاد الأوروبي.
وأعرب لامبرينيديس عن قلقه إزاء المسار النووي الإيراني، مشيراً إلى تقريري الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرين بشأن تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 60%. وأضاف: “نحن قلقون بشدة من التوسع المستمر في البرنامج النووي الإيراني، بما في ذلك تراكم اليورانيوم عالي التخصيب وتطوير البنية التحتية للتخصيب النووي.”
وحذّر لامبرينيديس من أن هذه الإجراءات تحمل “مخاطر كبيرة للغاية” وتثير “قلقاً جدياً حول نوايا إيران.”
موقف القوى الأوروبية الثلاث
وأشار جيمس كاريّوكي، نائب المندوب الدائم لبريطانيا، إلى أن إيران تواصل تطوير برنامجها النووي عند مستويات “لا تملك أي مبرر مدني مقبول.” وأضاف: “لم يكن البرنامج النووي الإيراني يوماً بهذا القدر من التقدم، والوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تعد قادرة على تأكيد أن أهداف هذا البرنامج سلمية بحتة.”
كما صرح كاريّوكي: “أمام رئيس إيران خيار واحد: إما مواصلة التصعيد في الأشهر المقبلة أو اختيار الدبلوماسية.” وأكد أن إيران لا تلتزم بتعهداتها في الاتفاق النووي، مشيراً إلى أن “التصريحات الإيرانية المثيرة للتوتر حول قدراتها النووية وعقيدتها العسكرية تُفاقم الأوضاع.”
كما شدد المندوب البريطاني على أن “مع اقتراب موعد انتهاء القرار 2231 لمجلس الأمن في أكتوبر المقبل، تزداد الأمور حساسية.” وأضاف: “سنقوم بكل خطوة دبلوماسية ضرورية لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، بما في ذلك تفعيل آلية الزناد إذا لزم الأمر.”
من جهته، قال توماس زانايْسِن، مندوب ألمانيا في مجلس الأمن، متسائلاً: “لماذا تعد إيران الدولة الوحيدة التي وصلت إلى تخصيب بنسبة 60% دون امتلاك سلاح نووي؟” وأضاف: “الوقت قد حان لأن تتخذ إيران خطوات عملية وقابلة للتحقق لوقف توسع برنامجها النووي وعكس مساره.”
وحذر زانايْسِن من أن “عدم التزام إيران، الذي توثقه الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل دقيق، يزداد سوءاً باستمرار.” وأضاف أن التصريحات الإيرانية الأخيرة، إلى جانب استمرار عدم التزامها، تثير “قلقاً عميقاً.”
وأكد أن “هذه التصريحات تتعارض بوضوح مع التزامات إيران بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وبسبب عدم التزام إيران، اضطررنا إلى اتخاذ إجراءات، ونحتفظ بحق اتخاذ خطوات إضافية إذا لزم الأمر.”
الموقف الأمريكي بشأن البرنامج النووي الإيراني
وحذر رابرت وود، نائب سفير الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن، من أن “إيران تواصل تأجيج الصراعات وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، في حين أن أنشطتها النووية لا تزال مصدر قلق بالغ.”
وأشار وود إلى أن إيران تزعم أن أهدافها النووية سلمية ومدنية، لكنه قال: “تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يشكك في هذا الادعاء.”
وأضاف: “بدلاً من توسيع برنامجها النووي وإثارة الشكوك بشأن نواياها، يجب على إيران اتخاذ خطوات لتعزيز الثقة الدولية وخفض التوترات.”
وأكد وود مجدداً أن “الدبلوماسية تبقى الخيار الأفضل، لكن الولايات المتحدة أوضحت مراراً أن امتلاك إيران سلاحاً نووياً ليس خياراً مقبولاً. نحن مستعدون لاستخدام جميع أدوات قوتنا الوطنية لضمان تحقيق هذا الهدف.”
الموقف الإيراني في مجلس الأمن
ورد أمير سعيد إيرواني، ممثل إيران في الأمم المتحدة، على التصريحات الغربية بالتأكيد على أن “إيران أظهرت صدق نواياها في المفاوضات”، وأضاف: “الدبلوماسية تتطلب احتراماً متبادلاً، وإيران لطالما اعتبرت الدبلوماسية الطريق الصحيح الوحيد.”
وحذر السفير الإيراني من أن “الاستناد إلى آلية الزناد لإعادة فرض العقوبات على طهران غير قانوني وغير مجدٍ”، مشيراً إلى أن “هذا الإجراء ليس أداة للابتزاز أو تهديد إيران. وإذا حدث أي تصرف استفزازي، فإن رد إيران سيكون حاسماً ومتناسباً.”
قلق الأمم المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني
وأعلنت وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران سرعت بشكل كبير من عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو مستوى يقترب من العتبة المطلوبة لصناعة الأسلحة النووية، التي تبلغ حوالي 90%.
وأكدت الدول الغربية أن “تخصيب اليورانيوم عند هذه المستويات العالية لا مبرر له في أي برنامج مدني، ولا توجد دولة أخرى تقوم بذلك دون السعي للحصول على سلاح نووي.”
في المقابل، تنفي إيران سعيها لتطوير أسلحة نووية وتؤكد أن برنامجها ذو طبيعة سلمية. لكن روزماري دي كارلو، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، أبلغت مجلس الأمن بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية “لا تستطيع أن تقدم ضمانات للمجتمع الدولي بشأن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني.”