قبل أن يتم تأكيد خبر مقتل حسن نصر الله في الغارة الجوية الإسرائيلية التي جرت عصر أمس الجمعة، كان الغموض سيد الموقف، حيث صدرت الصحف الإيرانية اليوم السبت 28 سبتمبر (أيلول) وبين سطور عناوينها هذا الغموض والحذر بشأن مصير أمين عام حزب الله اللبناني.
وحتى كتابة هذا التقرير، لم تتجرأ صحيفة أو وسيلة إعلام إيرانية، على التطرق إلى تفاصيل حادث اغتيال أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصرالله، سوى صحيفة "كيهان"، واكتفت الصحف الصادرة اليوم السبت، بنقل الخبر بشكل عام، مؤكدة الرواية الإيرانية، التي تدعي أن نصرالله لم يُقتل، وأنه في مكان آمن.
لكن صحيفة "كيهان"، وهي من الصحف المقربة من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إيران، ذكرت ما يوحي بأن لديها معلومات تفيد بتلقي حزب الله ضربة كبيرة، ربما هي اغتيال زعيمه حسن نصرالله؛ حيث كتبت في عنوانها الرئيس ليوم السبت تعليقًا على أحداث الضاحية الجنوبية: "إسرائيل حفرت قبرها بنفسها.. والآن ادفنوا جثتها".
وأضافت الصحيفة أن تقارير إعلامية ذكرت أن حسن نصرالله كان موجودًا في المبنى المستهدف، لكنه لم يمت في الحادث، وإنما أُصيب بجروح فقط، وأكدت أنه حتى كتابة تقريرها لم تستطع التأكد من "استشهاد" نصر الله أو نجاته.
ومن الملفات الأخرى، التي تناولتها بعض الصحف، قضية إرسال إيران قوات ومستشارين عسكريين لدعم حزب الله في حربه الجارية مع إسرائيل؛ إذ اختلف الأصوليون مع الإصلاحيين في ذلك؛ فالأصوليون أو بعضهم يدعون إلى ضرورة المشاركة في مساندة حزب الله عسكريًا، وخلق قوة رادعة ضد إسرائيل، مؤكدين أن نهج إيران خلال العام الأخير لم يكن كافيًا لردع تل أبيب من تصفية قادة إيران وقادة الجماعات المسلحة الموالية لها.
أما الكُتّاب الإصلاحيون فرأوا أن الدعوات للتدخل في الحرب، بجانب حزب الله، هي انجرار نحو مؤامرات إسرائيلية لتوريط إيران في فخ المواجهة العسكرية المباشرة، مؤكدين أن البلاد لم تعد تحتمل المزيد من الأزمات والمشاكل، وأن شعبية النظام ليست بالمستوى، الذي يسمح له بخوض مثل هذا الصراع، كما كان الحال في العقود الماضية.
والآن يمكن لنا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف الإيرانية...
"كيهان": سياسة الردع الإيرانية السابقة مع إسرائيل لم تنجح وهجوم الضاحية غيّر قواعد اللعبة
قالت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن إعلان إسرائيل بشكل صريح قيامها باغتيال حسن نصرالله، يؤكد أنها مستعدة لأي سيناريو، وأن "سياسة الردع" السابقة، التي اعتمدتها إيران وحلفاؤها، لم تكن ناجحة، ومِن ثمّ فإن الطريق الوحيد لاستعادة هذا الردع هو القيام بهجوم قوي ورادع ضد إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى بيان السفارة الإيرانية في بيروت، التي أعلنت أن إسرائيل بهجومها الأخير على ضاحية بيروت قد غيّرت قواعد اللعبة، موضحة أن مثل هذا التصريح يمكن أن تكون له دلالة كبيرة لدى تل أبيب، ويبدو أن "إسرائيل قد حفرت قبرها بنفسها"، حسب ما جاء في الصحيفة.
"هم میهن": هل ترسل إيران قوات إلى لبنان لدعم حزب الله؟
تساءلت صحيفة "هم ميهن" الإصلاحية عن احتمالية إرسال إيران عناصر لدعم حزب الله اللبناني أمام ما يتعرض له من هجمات غير مسبوقة، مستشهدة بمواقف شخصيات أصولية وإصلاحية، اختلفت رؤيتها تجاه قضية إرسال قوات إيران لمساندة حزب الله في لبنان.
ونقلت الصحيفة كلام البرلماني الأصولي المتشدد، حميد رسائي، الذي أكد استعداده للذهاب إلى لبنان أو غيرها من الجبهات لدعم "محور المقاومة"، لكنه استدرك بالقول إن هذا الطلب والرغبة قد رُفضت لسببين؛ الأول أن حزب الله وحده قادر على التصدي لإسرائيل، ولا حاجة لإرسال قوات من جانب إيران، والسبب الثاني- حسب رسائي- هو أن مؤامرة في الداخل الإيراني يقوم بها "الخونة وعملاء أميركا وإسرائيل" تحت اسم الإصلاحات والاعتدال ويجب أن لا يتم إفراغ الساحة لها.
كما قال المحلل السياسي، حسن كنعاني مقدم، للصحيفة: "إن قرار إرسال قوات من عدمه يعود للمرشد، علي خامنئي، ويجب على الجميع من إصلاحيين وأصوليين إدراك ذلك"، مضيفًا: "إن إرسال إيران قوات إلى سوريا كان بطلب من الرئيس السوري بشار الأسد، كما الحال كذلك في العراق، لكن إرسال قوات إلى لبنان فيجب القول إن هناك قوات كثيرة بما فيها الكفاية ولا حاجة لكي ترسل إيران قوات".
أما الكاتب الإصلاحي، غلام علي رجائي، فقال إن قضية إرسال قوات إلى لبنان، التي يثيرها بعض الأصوليين والمتطرفين، قضية خطيرة، وهي فخ يُنصب لإيران، موضحًا أن "ظروف إيران الحالية حساسة للغاية، وأظهرت الانتخابات الماضية أن مقبولية النظام لدى الشارع الإيراني أصبحت هشة. ولم نعد كما كان الحال في ثمانينيات وتسعينيات القران الماضي، عندما كان هناك دعم شعبي لقرارات السلطة، والظروف الاقتصادية أيضًا أصبحت صعبة".
وأضاف رجائي: "يجب أن لا نكرر خطأ دخولنا في الصراع الروسي- الأوكراني"، مشددًا على ضرورة الاكتفاء بالدعم السياسي والإعلامي وليس عبر إطلاق الصواريخ أو إرسال القوات والعناصر إلى مواقع الصراع.
"ستاره صبح": لماذا يجب أن لا تشارك إيران في الحرب؟
كتبت رئيس تحرير صحيفة "ستاره صبح"، علي صالح آبادي، مقالًا في افتتاحية الصحيفة، تطرق فيه إلى ضرورة عدم دخول إيران في الحرب الجارية بين حزب الله وإسرائيل.. معددًا أسبابا كثيرة تدفع بهذا الاتجاه؛ حيث رأى أن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي هو صراع عربي- عبري- غربي، ولا علاقة لإيران بذلك، وأكد أن طهران يمكن لها تدعيم فلسطين حقوقيًا ومعنويًا، ودعم القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
ورأى صالح آبادي أن إيران أخطأت مبدئيًا في تعاملها مع قضية الوجود في دول المنطقة؛ حيث اكتفت بالحضور العسكري وتجاهلت النفوذ، واكتفت بإرسال الأسلحة والعناصر العسكرية، ولم تعمل على أن يكون لها نفوذ ثقافي على أرض الواقع، مشددًا على أن الجماعات الموالية لإيران في دول المنطقة لن تستطيع أن تصد أي هجوم محتمل على إيران، وعلى هذا الأساس يجب أن لا تنجر طهران إلى الخيار العسكري المباشر مع إسرائيل.
وتساءل الكاتب بالقول: "إذا كان حزب الله غير قادر على حماية نفسه فكيف يمكن أن يصبح قوة رادعة لصالح إيران؟"، مضيفًا: "يبدو أن إسرائيل قد حسمت أمرها وقررت تدمير لبنان، كما فعلت في غزة، والواقع يقول إن إيران ومحور المقاومة غير قادرين على محو إسرائيل أو هزيمتها، وفي مثل هذه الحالة يحكم العقل بتغيير النهج والأساليب واعتماد طرق السلام والدبلوماسية لحل المشكلة".