تستمر حالة الغضب والسخط في تغطية الصحف الإيرانية اليومية تجاه روسيا، بعد موقفها الأخير الداعم لفتح ممر "زنغزور" الواصل بين أذربيجان وإقليم نخجوان عبر الأراضي الأرمينية، وهي قضية تعتبرها إيران "خطًا أحمر"؛ كونها تقطع اتصالها بأرمينيا بشكل نهائي.
وأعادت الصحف الإصلاحية التأكيد على ضرورة ألا تثق الحكومة والنظام الإيراني بسياسات روسيا والكرملين، وأكدت أنه من الخطأ بمكان اعتبار موسكو حليفًا أو صديقًا لإيران وهي تمتلك سجلاً طويلاً من "الخيانات" والغدر بحق إيران.
واستشهدت هذه الصحف بملفات أخرى، مثل عرقلة المفاوضات النووية من قِبل روسيا، ومحاولة توريط إيران في ملف أوكرانيا، وكذلك دعم موسكو لموقف الدول العربية، فيما يتعلق بالجزر الثلاث المتنازع عليها بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة.
لكن صحيفة "إسكناس" الأصولية اتهمت دولاً أخرى بمحاولة إفساد العلاقة بين طهران وموسكو، وأكدت أن روسيا لا تريد الانضمام إلى تركيا وأذربيجان في مخططاتهما، وإنما تحاول كسب امتيازات من أرمينيا بهذه السياسات والتصريحات، مؤكدة أن روسيا لن تقبل إطلاقًا بحضور "الناتو" في منطقة جنوب القوقاز.
وفي موضوع آخر احتفت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، بتصريحات الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال زيارته مقر "خاتم الأنباء" التابع للحرس الثوري، ولقائه قادة ومسؤولي الحرس الثوري؛ حيث أكد بزشكيان أن "طريقة إنقاذ إيران هي الاعتماد على روح الباسيج الحقيقي مثلما كان الأمر في بداية الثورة وخلال إدارة الحرب".
كما قال بزشكيان إنه "كان باسيجيًا وسيبقى باسيجيًا"، ووصفت الصحيفة هذه التصريحات بأنها "كلام شيق" وإعطاء "وصفة دقيقة" لمعالجة المشاكل والأزمات التي تواجهها إيران.
كما رحبت بذلك صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري، وكتبت في صدر صفحتها الأولى بكلام مقتضب من كلام بزشكيان وعنونت: "الرؤية الباسيجية ستنقذ البلد".
ومن الملفات الأخرى التي أبرزتها بعض الصحف أيضًا قضية أزمات العاصمة طهران المتراكمة؛ حيث قال بزشكيان في تصريحات له أمس إن الطريق الوحيد لحل هذه الأزمات هو نقل العاصمة إلى مكان آخر.
واعتبر غلام حسين كرباسجي، الذي كان في السابق عمدة طهران، هذه التصريحات غير صائبة؛ كونها لن تعالج الأزمة، مؤكدًا لصحيفة "هم ميهن" أن تجربة الدول التي قامت بنقل عاصمتها لم تكن ناجحة، وأن العاصمة القديمة ستظل بمثابة غدة سرطانية في كيان البلد، مطالبًا بحلول أخرى أكثر منطقية.
والآن يمكن لنا قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"إسكناس": مَنْ المستفيد من التوتر بين إيران وروسيا في قضية فتح ممر "زنغزور"؟
دعت صحيفة "إسكناس" الأصولية النظام الإيراني إلى بحث قضية فتح ممر زنغزور بشكل هادئ مع روسيا، وقالت إن أي خلاف أو توتر في العلاقات بين إيران وروسيا سيكون في صالح الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.
وحاولت الصحيفة تبرير موقف روسيا، عبر الادعاء بأن موسكو تحاول الحصول على امتيازات من أرمينيا، واستبعدت أن تقبل موسكو بفتح الممر، بحيث يصبح تابعًا للسيادة الأذربيجانية وحضور تركيا، وقالت إن فتح الممر بهذه الصيغة يعني حضور "الناتو" في تلك المنطقة، وهذا ما لا يُعقل أن تريده روسيا.
وذكرت الصحيفة أن روسيا تريد أن يكون الممر مجرد طريق تجاري وتحت سيطرتها ورقابتها هي، لا غيرها من الدول.
وفضلت الصحيفة وجود روسيا في هذه المنطقة بدلاً من إسرائيل، وكتبت "إسكناس" في هذا الخصوص: "كلما زاد حضور روسيا في هذه المنطقة قل في المقابل حضور إسرائيل. هذه الأطراف تحاول تضخيم سوء الفهم الحاصل وإظهاره بمظهر الخلاف والتوتر. الرأي العام الإيراني ليس مطلعًا على ما يدور خلف الكواليس، ويجهل حضور ممثلين عسكريين عن الاتحاد الأوروبي في الحدود الأرمينية، مهنة هذه الوفود هي التجسس في المنطقة والعمل ضد مصالح إيران وروسيا".
"اعتماد": حل الأزمات الاقتصادية أهم من إنهاء الإقامة الإجبارية على زعماء الحركة الخضراء
قال السياسي الإصلاحي البارز، بهزاد نبوي، في مقابلة مع صحيفة "اعتماد": "إن الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان، لا يريد أن تصطدم قرارته بمعارضة السلطة والمؤسسات الأخرى، معتقدًا أن قضية إنهاء الإقامة الإجبارية على قادة الحركة الخضراء ليست مهمة بقدر أهمية إنهاء وحل المشاكل الاقتصادية أمام البلد".
وقال نبوي في هذا الخصوص: "أعتقد أن هناك قضايا مهمة للغاية في البلد، فمثلاً يرى البعض أن قضية الحرية والديمقراطية هي قضية بالغة الأهمية، لكن في المقابل يرى آخرون أن مثل هذه القضية ليست ذات شأن كبير. وآخرون يرون أن قضية الحجاب الإجباري وحجب الإنترنت هما الأهم في هذا الصعيد".
ويضيف الكاتب والسياسي الإصلاحي: "لكن باعتقادي أن أهم أولوية وهدف لدى حكومة بزشكيان يجب أن يكون حل المشاكل الاقتصادية؛ فهذه القضية يجمع عليها جميع الأطراف وحتى القسم الأكبر من الشعب غير الراضي عن الأوضاع سيظهر مرونة وانعطافًا أكبر عندما تُحل أمامه المشاكل الاقتصادية والمعيشية".
"جمهوري إسلامي": ما تقوم به حكومة بزشكيان ليس وفاقًا وطنيًا وإنما تقاسم للنفوذ والسلطة
انتقدت صحيفة "جمهوري إسلامي" نهج الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في توزيع المناصب والحصص على الأطراف المختلفة، وقالت مخاطبة بزشكيان: "أن تقوموا بتحديد الحصص للأفراد والشخصيات المختلفة في حكومتكم لا يمكن تسمية ذلك بالوفاق، وإنما يجب البحث له عن مسمى آخر".
وأضافت الصحيفة: "إن الضعف في الوفاق الوطني يعود لأداء بعض الأطراف، التي وصلت إلى المناصب والمسؤوليات باسم الوفاق الوطني، وهي تحاول مستميتة الحصول على أكبر نسبة ممكنة من المناصب والسلطة، ما جعل الحكومة تتحول إلى كعكة يتقاتل الجميع على تناول الحصة الكبرى منها".
وشددت الصحيفة على ضرورة أن يتحول شعار الوفاق الوطني، الذي ترفعه الحكومة، إلى تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين، موضحة أن الحكومة لو نجحت في تحسين الوضع الاقتصادي، وسيطرت على التضخم ووفرت الرفاه للشعب، فحينها سيثق الشعب بالحكومة وتتحسن صورة النظام لديه، ويصبح أكثر إقبالاً نحو الدّين، حسب تعبير الصحيفة.