كما كان متوقعا من قبل الكثير من الخبراء والمراقبين للشأن الداخلي الإيراني، منح البرلمان "الأصولي" الثقة لكافة وزراء حكومة بزشكيان الإصلاحي، وذلك إثر تأكيده وتصريحاته المتكررة بأن اختيار هؤلاء الوزراء تم بتنسيق وتشاور مع المرشد علي خامنئي وضوء أخضر منه.
الصحف الإصلاحية أشادت بموافقة البرلمان على جميع الوزراء دون استثناء، ولفت صحيفة "اعتماد"، في عددها اليوم الخميس 22 أغسطس (آب)، إلى أن كلمة بزشكيان أمس أمام البرلمان كان لها أثرها في إسكات أصوات النواب الأصوليين، الذين كانت مواقفهم معارضة لبعض وزراء بزشكيان، لكن ما صرح به الرئيس الجديد وتهديده بالكشف عن مزيد من التفاصيل في آليات اختيار الوزراء، كان كافيا لإسكات هذه الأصوات المعارضة.
صحيفة "جمله" وصفت خطاب بزشكيان في الدفاع عن تشكيلته الوزارية بأنه "دفاع غير مستساغ"، حيث كشف بعض الحقائق التي تجري خلف الكواليس في تشكيل الحكومات في إيران، وأن اختيار الوزراء لا يتم إلا بتنسيق ورضا من مؤسسات وأطراف يفترض أن لا يكون لها دور في ذلك.
أما الصحف الأصولية فقد انتقدت صراحة بزشكيان، وكشفه ما لا ينبغي أن يكشف، ورأت أن ذلك سيضر بسمعة إيران، ويعطي "أعداءها" فرصة للتشكيك بديمقراطيتها.
صحيفة "كيهان"، القريبة من المرشد، طالبت بزشكيان بالتراجع عن تصريحاته وتصحيحها، مؤكدة أن التصريحات التي جاءت على لسانه لا تنطبق مع الواقع، وأن خامنئي لا يتدخل في اختيار الوزراء وتزكيتهم.
فيما أشارت صحف أخرى إلى أن البرلمان بتأييده جميع وزراء حكومة بزشكيان الإصلاحية لم يبق على عذر لهذه الحكومة لكي لا تعمل على حل مشكلات البلاد، ومعالجة الأزمات التي يشكو منها الإيرانيون منذ سنوات.
والآن يمكن لنا قراءة المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"خراسان": حكومة بزشكيان هي السبيل الوحيد لحل المشكلات والاضطرابات التي تعصف بإيران
أشاد المحلل السياسي محمود نقدي بور في مقاله بصحيفة "خراسان" بالتشكيلة الوزارية التي قدمها بزشكيان للبرلمان تحت إطار حكومة "الوحدة الوطنية"، وقال إن إيران كانت في حاجة ماسة لمثل هذه الحكومة، نظرا للمرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، وهي (الحكومة) بمثابة الدواء والبلسم لجراح البلاد، والسبيل الوحيد لحل المشكلات.
وأوضح الكاتب أن المشكلات والاضطرابات التي عصفت بإيران خلال السنوات الماضية خلقت فوضى اجتماعية واستياءً عامًا بين الشعب واتجاه السلطة.
وأضاف: "كان يجب أن نسمع أصوات احتجاجات الشعب الحقيقية في خضم هذه الاضطرابات، وكانت الإشارة الأولى اللازمة لإرسال هذه الرسالة إلى الشعب واضحة خلال تقديم حكومة الوفاق الوطني إلى البرلمان، حيث إن إيران لا تحتاج اليوم إلى التجاذبات السياسية بين المسؤولين والقوى السياسية، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال مراعاة جميع الاتجاهات، وتجسد هذا النهج في التشكيلة الوزارية التي تحمل اسم الوفاق الوطني".
"جمله": خطاب بزشكيان سد الطريق على معارضي حكومته
تطرقت صحيفة "جمله" إلى حيثيات منح البرلمان الإيراني أمس الثقة لوزراء حكومة بزشكيان، ودفاع الرئيس عن تشكيلته الوزارية، حيث كشف عن حقائق خفية في هذه الإجراءات، ونقلت كلامه أمام البرلمان، والذي اعتبرته بأنه كلام "قد أبطل سحر" المتشددين، الذين كانوا يحاولون أن يمنعوا البرلمان من منح جميع الوزراء الثقة والقبول.
وقال بزشكيان قبيل بدء البرلمان التصويت على أعضاء حكومته: "لماذا تجبرونني على قول أشياء لا أود قولها؟ هذه التشكيلة الوزارية تم اختيارها بعد تنسيق كامل مع جميع المؤسسات الأمنية والاستخباراتية. وقد اختار خامنئي نفسه بعض هؤلاء الوزراء مثل وزير الثقافة والإرشاد ووزيرة الطرق".
كما لفتت الصحيفة إلى انتقادات بعض النواب الأصوليين لخطاب بزشكيان، حيث سد الطريق على كل من يريد نقد هؤلاء الوزراء، عبر ادعائه بأن اختيارهم تم بتنسيق مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وشخص المرشد خامنئي، مؤكدة أنه لو تم رفض هؤلاء الوزراء فذلك يعني رفض خامنئي، ولو تمت المصادقة عليهم ومنحهم الثقة فلن يكونوا مستقبلا مسؤولين عن أعمالهم في الصواب والخطأ، وأن كل شيء سيكون على حساب خامنئي خيرا كان أو شرا، حسب ما ورد في الصحيفة.
"کیهان": على بزشكيان تصحيح ادعائه حول تنسيق جميع الوزراء مع خامنئي
انتقد حسين شريعتمداري، مدير تحرير صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد علي خامنئي، تصريحات الرئيس مسعود بزشكيان أمام البرلمان، حيث قال فيها إن اختياره للوزراء تم بالتنسيق والتشاور مع المرشد والأجهزة الأمنية.
ووصف شريعتمداري هذه التصريح بـ"الادعاءات غير الواقعية"، مطالبا بزشكيان بـ"تصحيح" ذلك، و"سد الطريق على استغلال الأعداء لها".
وقال إن تصريحات بزشكيان تخلق تناقضا في كلام خامنئي، الذي أكد على أن يقوم أعضاء البرلمان بدورهم في دراسة أوراق الوزراء خلال عملية منح الثقة، مضيفا: "كيف يطالب النواب بذلك وهو من صادق على وجود هؤلاء الوزراء في الحكومة؟".
كما أوضح شريعتمداري أن "الادعاء بوجود التنسيق مع خامنئي في اختيار الوزراء يجعل عمليا النواب المعارضين لبعض الوزراء يقفون بالضد من خامنئي، فكيف يخيل أن يعارض النواب المرشد وتوجهاته؟".