استمرت اجتماعات البرلمان الإيراني لمناقشة ملفات مرشحي الوزارات، التي قدمها الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، حيث من المقرر أن تتواصل هذه الاجتماعات حتى يوم الأربعاء المقبل.
وجاءت المناقشات البرلمانية وسط تكهنات بأن يرفض النواب عددا من الوزراء المرشحين، كونهم أصحاب مواقف معادية للتيار الأصولي الذي يسيطر على البرلمان.
وزيرا الاقتصاد والخارجية هما من أبرز المرشحين والوجوه السياسية في إيران، حيث رشح بزشكيان رئيس البنك المركزي السابق عبد الناصر همتي لتولي منصب وزارة الاقتصاد، فيما قدم كبير المفاوضين الإيرانيين في عهد حكومة روحاني عباس عراقجي ليكون وزيرا للخارجية.
صحيفة "ستاره صبح"، اليوم الاثنين 19 أغسطس (آب)، أشارت إلى رؤية الوزيرين، حيث حذر همتي في كلمته أمس أمام البرلمان من تدهور وضع الاقتصاد الإيراني، جراء استمرار العقوبات ورفض النظام الانضمام إلى مجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، وعنونت بالقول: "همتي: مشكلات البلد اقتربت من نقطة الأزمة".
أما عن عراقجي، مرشح وزارة الخارجية، فأشارت الصحيفة إلى مواقف "الملاطفة" للأصوليين وتيار المرشد، حيث أكد عراقجي بأنه سيواصل سياسة النظام المائلة نحو الشرق (روسيا والصين)، وأنه لن يركز على "إنهاء" الخصومة مع الولايات المتحدة، وإنما سيعمل فقط من أجل "إدارة" هذه الخصومة.
صحیفة "همدلي" أشادت بما أسمته ذكاء بزشكيان من خلال التشكيلة الوزارية الشاملة التي قدمها للبرلمان، معتقدة أن الرئيس الجديد يواجه عدة جبهات في وقت واحد، فمن جهة يحاول أن يرضي الإصلاحيين، ومن جهة أخرى يجب أن تكون خطواته مرضية للشارع المترصد، كما ينبغي عليه أن يُحيد منافسيه من التيار الأصولي، و"يخلع" أسلحتهم من خلال التشكيلة الوزارية الشاملة التي قدمها للبرلمان، والتي تضمنت "توزيع" الوزارات بين التيارات المختلفة والمسؤولين في الحكومات السابقة.
كما قالت الصحيفة إن الشريحة الرمادية في إيران ترصد في الوقت الحالي أداء رئيس الجمهورية، وتتأمل بإجراء تغييرات في قضية إنهاء حجب الإنترنت، والمضايقات ضد النساء، والحظر الاقتصادي المفروض على البلاد على المدى المتوسط.
والآن نقرأ المزيد من التفاصيل في الصحف التالية:
"اعتماد": الكرة في ملعب البرلمان وبزشكيان رشح وزراء لم يصوتوا له
قالت صحيفة "اعتماد" إن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد رشح بعض الشخصيات والأفراد لتولي الوزارات، رغم أنهم لم يصوتوا له في الانتخابات، وذلك من أجل التوصل إلى حكومة وحدة وطنية.
وأضافت الصحيفة أن الكرة الآن في ملعب البرلمان الأصولي، وهو أمام اختبار صعب، موضحة أن بزشكيان رشح أفرادا من المعارضين له، وهو ما أثار انتقادات أنصاره، لكنه طلب من الداعمين له الصبر والانتظار.
وأشارت إلى أن بزشكيان قبل بأن يواجه انتقادات الإصلاحيين، ورشح وزراء من التيار الآخر، ليخطو خطوة كبيرة نحو "بناء توافق" داخلي من أجل حل مشكلات الشعب الإيراني.
وجاء في تقرير الصحيفة أيضا أن الشعب الإيراني يراقب أداء البرلمان الآن ليرى ما إذا كان البرلمان سيوافق على كامل التشكيلة الوزارية أم أنه سيغلب الخلافات الحزبية، ويساهم في استمرار الشقاق والصراعات السياسية؟!
"كيهان": لا وفاق مع المشاركين في الاحتجاجات والداعمين لدعوات إسقاط النظام
في المقابل هاجمت صحيفة " كيهان"، المقربة من المرشد الإيراني، الإصلاحيين، وقالت إنهم يحاولون مصادرة خطاب بزشكيان الوحدوي والداعي إلى الوفاق، ويحرفون معنى الوفاق بالشكل الذي يريدونه، ويتجنون على مسؤوليات البرلمان ومهمته في فحص سجلات جميع المرشحين كل على حده.
كما اتهمت الصحيفة بعض المرشحين بأنهم لعبوا دورا فيما تسميه الصحيفة "الفتن" التي شهدتها إيران خلال السنوات الماضية، في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية في أعوام 2009 و 2017 و 2019 و 2022، مؤكدة أنه لا ينبغي بأي شكل من الأشكال أن يتم التوصل إلى "وفاق" مع هؤلاء "المجرمين" أصحاب السجلات القضائية ضد أمن البلاد واستقرارها.
وكتبت الصحيفة في هذا السياق: "بعض مسؤولي ما يسمى المجلس القيادي لترشح الوزراء هم مجرمون أصحاب سجلات قضائية، وقد رشحوا بعض الوزراء الذين كانت لهم أدوار في فتن (احتجاجات) أعوام 2009 و 2022، وقد باع هؤلاء معلومات حساسة للأعداء والأجانب، ونابوا عن أميركا وإسرائيل في قيادة التمرد على نظام الجمهورية الإسلامية".
كما اتهمت الصحيفة هؤلاء المرشحين بأنهم دعموا دعاة إسقاط النظام، وتساءلت بالقول: كيف يمكن خلق وفاق وود مع هؤلاء؟
وقالت "كيهان" أيضا إن هؤلاء الأفراد كانوا صوت الأعداء في كل الأحداث، فعندما انقضت أميركا عن الاتفاق النووي، وعند مقتل فخري زاده وسليماني، وقصف القنصلية الإيرانية، ومقتل هنية في طهران، دعا هؤلاء إلى عدم الرد والانتقام، ورددوا مواقف الأعداء وأراءهم.
"ستاره صبح": إدارة الصراع مع أميركا أم إنهائه؟
على صعيد السياسة الخارجية، قال الدبلوماسي الإيراني السابق عبد الرضا فرجي راد، إن الاقتصاد الإيراني لن ينتعش أو يستعيد عافيته ما لم يتم رفع العقوبات الأميركية عن طهران، وهذه العقوبات لن تُرفع ما لم تكن هناك مفاوضات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
ولفت الكاتب إلى تصريحات مرشح وزارة الخارجية الإيرانية عباس عراقجي، الذي وعد بـ"إدارة" الصراع مع الولايات المتحدة الأميركية، وقال إن ما يقصد عراقجي هو أن الدبلوماسية الإيرانية القادمة ستمنع هذه الصراعات والخصومة مع واشنطن من أن تتحول إلى حرب أو صراع مفتوح.
وأوضح فرجي راد إن عراقجي تحدث عن "إدارة الصراع" وليس إنهائه، لأنه بحاجة إلى أن يكسب ثقة البرلمان المسيطر عليه من الأصوليين والمتشددين، وبالتالي فإنه لو لم يقل مثل هذا فإنه سيواجه معارضة، وربما يرفض البرلمان منحه الثقة، معتقدا أن المفاوضات بين طهران وواشنطن لا بد منها، لأن إيران قد تخلفت عن ركب التنمية بسبب العقوبات، وأن الطريق الوحيد أمامها هو أن يتم إنهاء هذه العقوبات بشكل نهائي.