سلطت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم السبت الضوء على إجراءات منح الثقة لوزراء حكومة الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان، من قِبل البرلمان؛ حيث يعقد البرلمان- أثناء كتابة هذه السطور- اجتماعًا لدراسة أهلية المرشحين وملفاتهم، وسط انتقادات للتركيبة الوزارية، التي اقترحها بزشكيان.
وذكرت الصحف الإصلاحية، مثل "اعتماد"، أن بزشكيان عمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحان الآن دور البرلمان (الأصولي)؛ لكي يظهر إرادة في إنجاح مشروع الحكومة الوطنية، من خلال منح الثقة للوزراء، الذين اقترحهم بزشكيان، بمن فيهم الوزراء الأصوليون.
من جهته، طالب الناشط الإصلاحي والكاتب، مصطفى هاشمي طبا، الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بتغيير بعض الوزراء المقترحين في التشكيلة الحكومية للحيلولة دون رفض أهليّتهم في البرلمان.
ودعا الرئيس بزشكيان إلى تغيير بعض الوزراء؛ لأن البرلمان الحالي برلمان راديكالي أصولي متشدد، ولن يوافق على وزراء بزشكيان؛ حيث يعارض البرلمان الرئيس وتوجّهاته.
وأضاف الكاتب، في مقاله بصحيفة "آرمان ملي"، أنه "حتى لو تم تقديم أفضل الأشخاص أيضًا إلى البرلمان، فإن البرلمان سيقول كلمته ويتابع سياسته، والخطأ هنا هو عدم توضيح آلية اختيار الوزراء أمام الناس والبرلمان؛ حيث شارك أشخاص وجهات عدة بتقديم الاقتراحات، لذلك على الرئيس إجراء تغييرات في بعض الوزراء قبل أن يبدي البرلمان رأيه بالتشكيلة".
ومن الملفات الأخرى، التي كانت حاضرة في تغطية الصحف الصادرة اليوم، هو موضوع الرد الإيراني على إسرائيل، وسط تقارير تفيد بتراجع إيران عن عزمها السابق على مهاجمة إسرائيل؛ انتقامًا لمقتل إسماعيل هنية في طهران.
وأشادت صحيفة "جمله" بهذا التراجع، ووصفته بأنه "تراجع تكتيكي" سيكون لصالح الشعب، ويجلب "الرحمة" لإيران، مؤكدة أن التراجع لا يعني الخوف من إسرائيل والهزيمة أمامها.
صحيفة "ستاره صبح" أيضًا حذرت النظام من أن الهجوم على إسرائيل والدخول في حرب معها سيعطل اقتصاد البلد وسيقضي على مواردها، مذكّرة صنّاع القرار في إيران بآثار الحرب العراقية الإيرانية، التي دامت 8 سنوات، وحمّلت البلاد 1000 مليار دولار من الخسائر، كان الأجدر بالنظام أن ينفقها على البناء والإعمار في الداخل، حسب ما كتبت الصحيفة.
والآن يمكننا قراءة المزيد من التفاصيل في صحف اليوم:
"جوان": انتقاد البرلمان للوزراء يضعف عمل الحكومة
دعا المحلل السياسي، غلام رضا صادقيان، في مقال بصحيفة "جوان"، نواب البرلمان إلى منح وزراء بزشكيان الثقة من خلال دراسة ملفات المرشحين من قِبل اللجان المختصة وليس بشكل منفرد، معتقدًا أن انتقاد البرلمانيين للوزراء المرشحين من قِبل الرئيس بزشكيان يُضعف الحكومة المقبلة، ويخلق فتنة وبلبلة في البلاد، ويُبعد البوصلة عن شعار الرئيس بحكومة وحدة وطنية بعيدًا عن الأحزاب السياسية.
ورأى كاتب الصحيفة الأصولية أن هناك مشكلة أخرى تكمن في الضغوط والتهديدات، التي يمارسها الإصلاحيون على الرئيس والحكومة، لأنّ بعض هذه التهديدات محرجة، كما أن حادثة استقالة ظريف أعطتهم الذريعة. ويُظهر تحليل تغريدة ظريف بشأن تواصل الرئيس معه أنّ في رأسه نوعًا من الإسراف، ويبدو أنه كان يأمل بتعيين كل هؤلاء الخبراء الـ 450 المرتبطين بالمجلس التوجيهي في المناصب الحكومية.
وأضاف الكاتب صادقيان: "أعتقد بأن السبب الرئيسي لاستقالة ظريف هو أنه بعد حضوره جلسة أو جلستين لمجلس الوزراء، أدرك أنه لا يستطيع السيطرة على الحكومة.. وبهذا الوضع لم يتحقّق حلمه، فاستقال ورفض العودة".
"جمله": التراجع "التكيتكي" في الرد على إسرائيل قرار ذكي ولا ينم عن الخوف
تناولت صحيفة "جمله"، في تقرير لها، تصريحات المرشد الإيراني، علي خامنئي، حول ضرورة عدم التراجع والانسحاب أمام الأعداء، وقوله إن الانسحاب والتراجع إذا كان "غير تكتيكي"، فإنه سيجلب غضب الله وسخطه.
وحاولت الصحيفة قلب الموضوع، من خلال حديثها عن "التراجع التكتيكي"؛ حيث ذكرت أنه وبعد تصريحات خامنئي خلص البعض إلى أن النظام قرر التراجع عن قرار مهاجمة إسرائيل؛ باعتبار ذلك "تراجعًا تكتيكيًا"؛ نظرًا للظروف الإقليمية المتوترة، وعزم السلطة في إيران إظهار "مرونة بطولية" مرة أخرى.
وأشادت الصحيفة بهذه السياسة، إذ كانت فعلاً معتمدة لدى النظام، وقالت إنها "خطوة ذكية" و"قرار حكيم" ينظر إلى المدى البعيد.
وذكرت الصحيفة أنه لو أمعنا النظر في تصريح خامنئي حول "الانسحاب غير التكتيكي"، وقرأنا ما بين السطور فإننا نفهم منه أن "الانسحاب التكتيكي" في المجال السياسي والعسكري عمل ذكي، ويؤدي إلى صلاح المجتمع، ويجلب "الرحمة الإلهية" كما أن الانسحاب غير التكتيكي يجلب السخط الإلهي، حسب ما جاء في الصحيفة.
كما أوضحت الصحيفة أنه ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الظروف الحالية؛ حيث تجري مفاوضات في قطر من أجل التوصل لوقف إطلاق النار، والكل بما فيهم حزب الله، يرغب في التوصل لهذه الصفقة وإنهاء الحرب، ولهذا "علق" رده على اغتيال القيادي في الحزب، فؤاد شكر، ومِن ثمّ، تضيف الصحيفة، أن رد إيران يمكن أن يفسد هذه الأجواء، ويعطل صفقة وقف إطلاق النار، وتصبح إيران في نظر الرأي العام هي السبب الذي أطال أمد الحرب على غزة.
وختمت صحيفة جملة بالقول: "وعلى هذا الأساس نقول إنه إذا كان النظام قد قرر التراجع التكتيكي عن الرد على إسرائيل، وتأجيل الرد إلى موعد آخر، فإن ذلك لا يعتبر خوفًا أو هزيمة، كما أن الانسحاب والتراجع في الحروب الكلاسيكية لا يعتبر بالضرورة هزيمة".
"ستاره صبح": الدبلوماسية أم حرب مدمرة؟
دعا مدير تحرير صحيفة "ستاره صبح" أيضًا، النظام إلى تغليب الدبلوماسية على الحرب المدمرة، مشيرًا إلى الحرب العراقية الإيرانية، التي طالت ثماني سنوات؛ بسبب إصرار بعض القادة العسكريين في إيران وادعائهم بأنهم سيحتلون بغداد والبصرة، ويسقطون نظام الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، من الحكم.
ولفت الكاتب إلى أن تلك الحرب كان يمكن أن تنتهي بعد استعادة إيران السيطرة على مدينة المحمرة (خرمشهر)، لكن إصرار البعض جعل الحرب تستمر 8 سنوات، إلى أن قام المرشد آنذاك، روح الله الخميني، بالموافقة على قرار وقف إطلاق النار بعد أن قال كلمته الشهيرة بأنه "سيتجرع كأس السم ويوافق على قرار الأمم المتحدة رقم 598".
وحثّ الكاتب المسؤولين وصُنّاع القرار على النظر في آثار الحرب العراقية- الإيرانية قبل التفكير والدخول في حرب جديدة من إسرائيل.
وأضاف الكاتب أن "الشعب الإيراني يريد أن يعيش بسلام كباقي شعوب العالم بعيدًا عن الحرب وتبعاتها، وكما لم يتم الرد على مقتل هنية حتى الآن يبغي ألا يتم بعد ذلك أيضًا. دعوا حزب الله وحماس هما من يردان على مقتل هنية في طهران. الشعب الإيراني يريد من بزشكيان تحسين علاقاته مع الغرب، لاسيما مع الولايات المتحدة الأميركية، وأن يحيي الاتفاق النووي ويرفع العقوبات".