لا تزال أصداء استقالة وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف، الذي كان أكبر المبشرين بالحكومة الجديدة، تثير الجدل في الوسط الإيراني.
وهناك ردود وقراءات عديدة حول سبب الاستقالة وخلفياتها، لكن جل المحللين والمراقبين يعتقدون أن السبب الرئيس وراء ذلك هو امتعاض ظريف من "التشكيلة الوزارية الضعيفة" التي قدمها بزشكيان للبرلمان.
صحيفة "خراسان" الأصولية أشارت، اليوم الثلاثاء 13 أغسطس (آب)، إلى هذه الاستقالة وتبريرات ظريف، وأكدت أنه على الرغم من محاولات ظريف ادعاء أسباب أخرى، فإن السبب الرئيس للاستقالة هو شعور ظريف بأن الوزراء المرشحين من قبل بزشكيان لا تنسجم شخصياتهم ومواقفهم مع ما كان ظريف يسعى إليه من خلال قيادته للجنة، التي شكلت بقرار من الرئيس لهذه الغاية، وتعيينه في منصب "مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية"، وقالت إن الاستقالات أمر طبيعي ووارد، لكن الكل تفاجئ بهذه السرعة والطريقة التي انتهت بظريف بعد أيام وأسابيع مضنية من العمل على إنجاح الحملة الانتخابية لبزشكيان، والدعوة الحثيثة للمشاركة الشعبية في الانتخابات.
صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري، هاجمت ظريف واستقالته، متهمة إياه بأنه يحاول الضغط على رئيس الجمهورية لتكون قراراته تابعة لظريف ونهجه، بعد أن كان قبل أسابيع قليلة يدعي بأن بزشكيان هو "طبيب مشكلات إيران".
كما هاجمت الصحيفة بعض الشخصيات الإصلاحية التي انتقدت بزشكيان واتهمته بـ"التواطؤ مع أصحاب السلطة سرا"، من أجل البقاء لأطول فترة ممكنة، واصفة هذه التصريحات بـ"السخيفة" و"الكاذبة" التي تهدف إلى تخريب سمعة بزشكيان وحكومته الوليدة.
والآن نقرأ المزيد من الموضوعات في الصحف التالية:
"هم ميهن": استقالة ظريف لا تعفيه من التسبب في الوضع الراهن
أشار رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني السابق، حشمت فلاحت بيشه، إلى استقالة وزير الخارجية الإيراني السابق ومساعد رئيس الجمهورية للشؤون الاستراتيجية محمد جواد ظريف من منصبه، احتجاجا على ضعف التشكيلة الوزارية للحكومة الجديدة، وقال بيشه إن ظريف لا يمكن له التهرب من هذا الموضوع، والادعاء بأنه لم يكن له دور في ما حدث.
وانتقد الكاتب ضعف الوزراء المرشحين من قبل رئيس الجمهورية، معتقدا أن أغلبهم يمتازون بالتبعية للأشخاص الآخرين، وقلما تجد بينهم شخصا مستقلا بمواقفه ونهجه.
وأضاف أن مثل هؤلاء الوزراء لن يساعدوا رئيس الجمهورية في الوفاء بوعوده للشعب، لأنهم لا يأخذون التعليمات من الرئيس بل من غيره، حسب تعبيره.
وحول استقالة ظريف وتركه الحكومة، قال حشمت فلاحت بيشه: "السيد ظريف لا يمكنه الآن الادعاء بأنه لم يكن له دور في هذه الحكومة، فالحكومة وطريقة اختيار الوزراء تمت وفق الآلية التي شكلها هو. السيد ظريف أنشأ هذه الآلية التي انتهت إلى تشكيل توجهات وتيارات صغيرة تطالب بالحصص من الوزارات، بحيث سيصبح الرئيس أقلية بين هذه الأطراف".
كما لفت الكاتب إلى نقض الوعود وترك الوفاء بها سريعا في حكومة بزشكيان الجديدة، لا سيما تجاه الشباب والأقليات والنساء، حيث يصر المتطرفون على حرمان النساء من المشاركة في الحكومة، وأنهم سيعملون على رفض منح الثقة للسيدة الوحيدة التي اقترحها رئيس الجمهورية لتكون وزيرة الطرق والتوطين.
"جهان صنعت": الرئيس بزشكيان رسب قبل أن يصبح رئيسا.. وعليه الاستقالة
في مقال جريء تحدث الكاتب والناشط السياسي محسن رناني عن صمت رئيس الجمهورية هذه الأيام وغيابه عن الأنظار، متسائلا في رسالته التي نشرتها صحيفة "جهان صنعت" عما إذا كان رئيس الجمهورية قد أبرم عقدا مع منظومة الحكم لكي يلتزم الصمت بهذا الشكل؟
وخاطب رناني الرئيس مسعود بزشكيان قائلا: "ماذا حدث لك يا رئيس الجمهورية؟ كأنك لست في إيران. لماذا أنت جالس بلا كلام. عسى أن لا يكون ذلك نتيجة اتفاق مبرم مع أصحاب السلطة؟ ماذا حدث لكي ترشح شخصيات للوزارات سبق لها وأن قامت برفض تزكيتك للبرلمان ورئاسة الجمهورية السابقة؟ ماذا حدث لكي ترشح لمنصب وزير الداخلية شخصا من الأصوليين، معروف بإصراره على فرض إجراءات وسياسات ضد إرادة الأكثرية؟"
وتابع بالقول: أين الانصاف؟ لماذا تضحي بحقوق الشعب من أجل السلطة والنفوذ؟ لقد صدمتنا بتشكيلتك الوزارية بعد أن كنا نظن بأنك أتيت لتعويض الأضرار التي خلقتها السياسة في السنوات الماضية.
وعن احتمالية الضغوط التي يتعرض لها الرئيس، دعا الكاتب بزشكيان إلى الاستقالة إن كان لا يُسمح له بأن يعين الأشخاص والوزراء الذين يؤمن بهم وبمؤهلاتهم، مذكرا إياه بكثرة استشهاده بنصوص "نهج البلاغة"، ووعوده بالاستقالة إن حال حائل دون سياساته.
وكتب محسن رباني في خطابه الموجه إلى الرئيس الإيراني الجديد: "يا سيد بزشكيان لقد فضحتنا. لقد خيّبت ظننا وآمالنا. يا رئيس الجمهورية لقد رسبت قبل أن تصبح رئيسا".
"آرمان ملي": مهما كان الرئيس في واشطن أو طهران فإن إمكانية إحياء الاتفاق النووي "معدومة"
في شأن آخر رأى المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية أمير علي أبو الفتح، في مقال نشرته صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية، إن فرص إحياء الاتفاق النووي معدومة أو ضئيلة للغاية، بغض النظر عمن سيكون رئيسا في الولايات المتحدة الأميركية أو في إيران.
وأكد الكاتب أن النهج الأميركي تجاه طهران لن يتغير، خاصة بما يتعلق بالمفاوضات والعودة إلى الاتفاق النووي.
وأضاف: في حال وصول نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس إلى الرئاسة، لن يُترك لها مجال للتوصل لاتفاق يمكن أن يؤمّن مصالح إيران، كما أن وصول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يعني أنه سيطالب باتفاق أفضل من وجهة نظره، أي اتفاق يتضمن الشروط الـ12 التي تحدث عنها وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو عام 2018.
واستدرك الكاتب بالقول: لكنّ إذا فازت هاريس فإنها ستواصل الطريق الذي بدأه أوباما، واستمرت عليه إدارة الرئيس الأميركي جو إدارة بايدن، عبر كتابة اتفاق نووي جديد بموافقة إيران، ويمهد الطريق أمام اتفاقيات نووية ثانية وثالثة ورابعة وخامسة".
وختم أبو الفتح بالقول: "أيا كان الرئيس الإيراني، سواء حسن روحاني أو إبراهيم رئيسي أو مسعود بزشكيان، فإن إمكانية التوصل إلى اتفاق ضعيفة للغاية".