لا يزال الغموض هو سيد الموقف، فيما يتعلق بالرد الإيراني على إسرائيل وطبيعته.
ورغم انتشار تقارير غربية بانصراف إيران عن مهاجمة إسرائيل، عقب التهديدات الأميركية الأخيرة، والخلافات بين الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، والحرس الثوري حول شكل الرد الإيراني ونطاقه، فإن المسؤولين الإيرانيين يؤكدون أن الرد آتٍ، وأن الانتقام لمقتل هنية مؤكد وحتمي.
وبدت الصحف في إيران، أكثر جرأة هذه الأيام، في الحديث حول الموضوع، بعد أن هدأت الأجواء نسبيًا، وخفت حديث الثأر والانتقام، الذي كان يسيطر على الخطاب الإعلامي في الداخل الإيراني، ويجعل كل من لا يؤيد ذلك معرضًا للخطر والمساءلة.
ودعت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية، اليوم الأحد، النظام إلى الانتقام لمقتل هنية، دون أن تتورط طهران في حرب مع إسرائيل، وذلك عبر الحصول على امتيازات من الغرب، فيما يتعلق برفع العقوبات الاقتصادية عن طهران مقابل عدم مهاجمة إسرائيل.
وكتبت الصحيفة أن السيناريوهات حول الرد الإيراني موزعة على 4 أشكال، وهي "تكرار الهجوم السابق وإطلاق صواريخ ومُسيّرات من الأراضي الإيرانية"، أو "عملية منسقة بين جماعات محور المقاومة دون أن يكون الهجوم منطلقًا من الأراضي الإيرانية"، أو "العودة إلى سياسة الصبر الاستراتيجي"، أو "الحصول على امتيازات محورية من الغرب من خلال تغيير طريقة الانتقام".
وأكدت الصحيفة أن بعض هذه السيناريوهات من شأنه أن يضع إيران تحت ضغوط خارجية رهيبة، فيما يعتبرها البعض سببًا في ارتقاء مكانة إيران إقليميًا ودوليًا، معتقدة أن دفع التهديدات والحصول على أعلى نسبة ممكنة من الامتيازات يتطلب استخدام "عقل بارد" في تحليل الواقع والأحداث، والسير نحو تأمين المصالح الوطنية.
ومن الملفات الأخرى، التي شغلت حيزًا واسعًا من تغطية الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الأحد هو موضوع اختيار وزراء حكومة بزشكيان، وتقديمهم للبرلمان لنيل الثقة، وهي قضية أثارت جدلاً في الأيام والأسابيع القليلة الماضية؛ إذ إن الرئيس الجديد يبدو عازمًا على اختيار شخصيات خارج التيار الإصلاحي، ومنهم وزراء شغلوا مناصب في حكومتي الرئيس الأسبق أحمدي نجاد، والسابق إبراهيم رئيسي.
وحتى كتابة هذا التقرير لم تكن هناك أسماء مؤكدة إلا القليل، مثل ترشيح عباس عراقجي، كبير المفاوضين الإيرانيين في حكومة روحاني السابقة ومساعد وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، ليكون وزيرًا للخارجية، وكذلك إسماعيل خطيب، وزير الاستخبارات في حكومة رئيسي؛ ليواصل منصبه ومهامه في الموقع نفسه.
ولفتت صحيفة "تجارت" أيضًا إلى إبقاء بزشكيان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، في منصبه، ما يعتبر تعارضًا بين فكر الإصلاحيين بقيادة وزير الخارجية المحتمل، عباس عراقجي، وبين فكر الأصوليين، الذي يمثله "إسلامي" في منظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
ويمكننا الآن قراءة المزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"اعتماد": طريقة اختيار الحكومة في إيران لا تنسجم مع الديمقراطية
انتقد المحلل السياسي الإصلاحي، سعيد شريعتي، آليات اختيار الوزراء في حكومة بزشكيان الجديدة؛ حيث عمد رئيس الجمهورية المنتخب إلى عملية دمج بين الشخصيات والوزراء، الذين سبق أن شغلوا مناصب في حكومة أحمدي نجاد، وكذلك حكومة إبراهيم رئيسي، وهما حكومتان أصوليتان تتعارض أفكارهما مع التيار الإصلاحي، الذي يفترض أن يكون هو الفائز بالانتخابات، ويقوم من يمثله (رئيس الجمهورية) باختيار الوزراء من داخل هذا التيار.
وكتب شريعتي، في مقاله بصحيفة "اعتماد"، أن اختيار وزراء مثل عباس علي آبادي وإسماعيل خطيب من حكومة رئيسي السابقة، وكذلك نوذري من حكومة أحمدي نجاد، وإبعاد شخصيات ذات ثقل في حكومتي روحاني وخاتمي (الإصلاحيتين) سيكون معرقلاً لعمل الحكومة، وستظهر آثاره بعد 6 أشهر من خلال فقدان قيمة الحكومة ورئيس الجمهورية.
وأقر الكاتب بوجود عراقيل أمام الحكومة الجديدة مثل قانون تم إقراره في البرلمان عام 2022 ينص على أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية هي من يجب أن تزكي صلاحية المسؤولين لبعض المناصب والمسؤوليات، وأن رئيس الجمهورية ملزم باتباع هذا القانون.
كما لفت الكاتب الإصلاحي إلى إلزامات أخرى تقع على رئيس الجمهورية فيما يتعلق باختيار الوزراء، مثل قيامه بالتنسيقات اللازمة مع المرشد والبرلمان قبل ترشيحه بعض المسؤولين والوزراء، مؤكدًا أن هذه الطريقة في تشكيل الحكومة لا تنسجم مع أسس ومبادئ الديمقراطية.
"آرمان ملي": تدهور العلاقة بين بزشكيان والإصلاحيين بسبب طريقة اختيار الوزراء
أشارت صحيفة "آرمان ملي" إلى وجود خلافات بين الإصلاحيين والرئيس الجديد مسعود بزشكيان، حول طريقته في اختيار وزراء حكومته، ولفتت إلى وجود شائعات باستقالة ظريف من منصب "المساعد الاستراتيجي" لرئيس الجمهورية، وقالت إنه لو كان هذا الخبر صحيحًا، فإن سبب ذلك هو الاحتجاج على قائمة الوزراء المقترحين من قِبل بزشكيان.
كما لفتت الصحيفة إلى احتجاج بعض الإصلاحيين، مثل رئيسة جبهة الإصلاحات، آذر منصوري، ونشطاء معروفين مثل محمد فاضلي وسعيد شريعتي؛ حيث انتقدوا طريقة بزشكيان في اختيار الوزراء، وتعيينه شخصيات أصولية كثيرة في حكومته.
وأشارت الصحيفة أيضًا إلى رسالة جبهة الإصلاحات ليلة أمس، مؤكدة أن هذه الاحتجاجات والتحركات من قِبل الإصلاحيين تكشف عن تردي علاقة الإصلاحيين ببزشكيان منذ البداية.
"هم ميهن": استمرار حجب التطبيقات العالمية في إيران غباء محض
دعت صحيفة "هم ميهن" الرئيس الإيراني الجديد إلى الوفاء بوعوده الانتخابية في إنهاء حجب تطبيقات عالمية شهيرة، على رأسها يوتيوب وتويتر وغيرهما من التطبيقات، التي تحجبها إيران منذ سنوات.
وكتبت الصحيفة: "إن الغالبية العظمى من الإيرانيين يستخدمون هذه التطبيقات ولا يعرفون لماذا يمنعهم النظام من الوصول إلى هذه التطبيقات؟ وأهم هذه التطبيقات يوتيوب، والقيام بحجبها يعتبر غباءً محضًا".
أما بالنسبة لـ "تويتر"، فإن المسؤولين أنفسهم ينشطون فيها ويغردون باسم الشعب وللشعب، لكن على الشعب متابعتهم عبر استخدام وشراء برامج خاصة لفتحها، كما أن الرئيس بزشكيان نفسه يستخدم "تويتر".
وطرحت الصحيفة إشكالية لافتة؛ إذ قالت إن وجود المسؤولين في هذه التطبيقات، إذا كان يتم باستخدام هذه البرامج الخاصة، فإنه يعني انتهاكًا للقانون، وإذا كانوا يمتازون بإنترنت خاصة لا تحتاج للبرامج المذكورة، فإن ذلك يعد تمييزًا بينهم وبين المواطنين العاديين".
وختمت الصحيفة بالقول إن استمرار حجب التطبيقات الشهيرة، مثل يوتيوب وتويتر وفيسبوك وواتساب وإنستغرام وتليغرام، له تبعات مادية ونفسية على المواطنين، ويجب على السلطات إدراك ذلك والعمل على معالجته.