تسلم مسعود بزشكيان رسميًا مهامه رئيسًا لإيران، أمس الأحد، من قِبل المرشد، علي خامنئي، على أن يؤدي غدًا، الثلاثاء، اليمين الدستورية أمام البرلمان، في ظل أجواء ود وقبول لا تزال موجودة بين الرئيس الإصلاحي الجديد وبين خامنئي والمؤسسات الإعلامية التابعة له.
ويصف خامنئي، بزشكيان بأنه "صادق" و"عالِم" و"ذو شعبية"، وهي أوصاف ما كان المرشد يطلقها على الرؤساء الإصلاحيين، وإنما كان يخص بها في العادة الرؤساء الأصوليين، أمثال رئيسي وقبله أحمدي نجاد.
وهذه العلاقة الودية لم تأتِ عن فراغ؛ إذ إن الرئيس الجديد، مسعود بزشكيان، لم يترك فرصة إلا ويؤكد ولاءه للمرشد وأيديولوجيته، ويشدد على أنه سيبذل قصارى جهده لتنفيذ رؤى وسياسات خامنئي على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وأعربت بعض الصحف الصادرة، اليوم الإثنين، عن تفاؤلها تجاه هذه العلاقة، ورأت أنها فرصة للحكومة والنظام لحل بعض المشاكل العالقة منذ سنوات؛ بسبب الخلافات، التي عادة ما تقع بين خامنئي وتياره من جهة، والرئيس الإصلاحي وتياره من جهة أخرى، كما حدث في عهدي الرئيسين الأسبقين، حسن روحاني ومحمد خاتمي.
كما أشارت بعض الصحف إلى أول قرار للرئيس الجديد مسعود بزشكيان في سياق تشكيل الحكومة؛ حيث عيّن محمد رضا عارف نائبًا له، والذي سبق له تولي المنصب نفسه في عهد حكومة خاتمي، معتبرة أن القرار صائب؛ كون عارف شخصية غير جدلية ومعتدلة، مقارنة بغيره من الإصلاحيين، الذين يتميزون بمواقف أكثر صدامية مع الأصوليين والمقربين من خامنئي، ويبدو أن قرار بزشكيان هذا دليل على رغبته في تشكيل حكومة لن تتصادم مع المؤسسات المتنفذة والتابعة لخامنئي، حرصًا على نجاح عملها مستقبلاً.
وفي شأن غير بعيد تناولت صحيفة "اقتصاد ملي" الظروف الاقتصادية المعقدة، التي تسلم فيها الرئيس الجديد إدارة البلاد، وعنونت في صفحتها الأولى بالقول: "الحكومة الجديدة تتسلم مهامها بالتزامن مع انقطاع الكهرباء والعطل الإجبارية"، في إشارة إلى أزمة الطاقة، التي تعيشها إيران هذه الأيام؛ بسبب عجز الحكومة عن توفير الكهرباء للصناعات؛ ما أجبرها على تعطيل الدوائر الحكومية والمصارف، أمس الأحد، وهي حالة تكررت عدة مرات في الأسابيع القليلة الماضية، في ظل استمرار ارتفاع درجات الحرارة إلى أرقام قياسية.
ويمكن الآن قراءة مزيد من التفاصيل في تغطية الصحف التالية:
"جمله": الأصوليون بلا أخلاق في السياسة والكل يتبرأ من نهجهم وأفكارهم
تحدث الكاتب الأصولي محمد مهاجري، في مقال له بصحيفة "جمله"، يمكن اعتباره نوعًا من النقد الذاتي، عن إشكاليات في نهج التيار الأصولي جرت خلال العقود الأخيرة، وانتهت بالفشل الذريع وتآكل شعبيتهم بشكل ملحوظ، مشددًا على أن كل أساليب الأصوليين كانت وبالاً على التيار برمته، وفقد شعبيته على نطاق واسع.
المقال، الذي خص الكاتب به الأصوليين، وتمنى من الإصلاحيين عدم قراءته حمل عنوان: "استحلف الإصلاحيين بألا يقرؤوا هذا النص"، قال فيه: "ماذا حدث لنا نحن الأصوليين لكي نعيش مثل هذه الظروف من فقدان الشعبية وغياب التأثير على الشارع؟ لماذا أصبحنا نتقاتل فيما بيننا ونفضح بعضنا البعض؟ لماذا أصبح المعممون التابعون لنا يكذبون جهرًا من أجل كسب الأصوات في الانتخابات والمناسبات؟".
وأكد الكاتب، في مقاله، أن فكر الأصوليين أصبح غير مقبول لدى أفراد أسر هؤلاء الأصوليين أنفسهم، وكثير من أبنائهم يتبرؤون في الجامعات والمناسبات العامة عن أفكار ورؤى آبائهم.
وتحدث عن الانتخابات السابقة وكيف أنها فضحت الأصوليين ومكانتهم، وعلى الرغم من الكذب والافتراءات وتشويه صورة الآخر، فإنهم لم ينجحوا في إقناع الناخب الإيراني وحمّلهم خسارة مدوية.
وتساءل الكاتب عن مستقبل هذا التيار وهل سيصحح أخطاءه أم سيصر عليها، ويعمل على إفشال عمل الحكومة، كما فعل في عهدي حكومتي روحاني وخاتمي، ويكون بذلك راسمًا نهاية وجوده وحافرًا لقبره بيده، حسب تعبير الكاتب.
"اقتصاد بويا": كارثة اقتصادية وشيكة في إيران واعتماد المقايضة لا يتناسب مع واقع العصر
تحدث الكاتب والمحلل الاقتصادي، مرتضى أفقه، لصحيفة "اقتصاد بويا" عن كارثة اقتصادية وشكية في إيران، وأكد أنه إذا لم تُتخذ الإجراءات الفورية في المجال الاقتصادي، فإن هذه الكارثة مؤكدة، مشيرًا إلى تراجع مؤشرات الاقتصاد الإيراني في جميع المجالات وتحول البلاد إلى دولة مستوردة لكل شيء، بعد أن كانت من أكبر المصدرين في المنطقة للعديد من الصناعات والقطاعات الاقتصادية.
وأضاف الكاتب: "ذات يوم كنا الاقتصاد الأفضل في المنطقة، لكن الآن أصبحنا متخلفين عن جميع اقتصادات منطقة الشرق الأوسط، والسبب في ذلك يعود لطريقة الحكم السيئة؛ ما جعل البلاد تضطر للعودة إلى طريقة المقايضة في التعامل التجاري مع باقي الدول، وهي طريقة قديمة عفا عليها الزمن"، مؤكدًا أنه لا خيار اليوم أمام إيران في ظل العقوبات سوى اعتماد هذا النهج الاقتصادي وهو نهج فاشل سلفًا، ولن تُكتب له الحياة في ظل التطور الاقتصادي السريع.
ورأى الكاتب أفقه أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذا النهج تتمثل في إنهاء العقوبات كخطوة أولى، ثم إبقاء الخبراء والمتخصصين في داخل البلاد، ومنعهم من الهجرة كخطوة ثانية.
وأوضح الأستاذ الجامعي أن الاقتصاد الإيراني يعتمد بشكل كبير على النفط، وعندما توقفت صادرات النفط بسبب العقوبات رأينا كيف عاد الاقتصاد الإيراني إلى اقتصاد القرون القديمة وانتهاج أساليب بالية.
"اعتماد": تحديان كبيران أمام حكومة بزشكيان
ذكر الكاتب والمحلل السياسي، عباس عبدي، في مقاله بصحيفة "اعتماد"، أن المتوقع من حكومة بزشكيان القادمة أن تكون حكومة وفاق وطني، وليس حكومة ائتلاف، أي تقاسم الوزارات والمناصب بين الأطراف السياسية.
ورأى عبدي أن حكومة الوفاق الوطني، التي عادة ما تتشكل أثناء الأزمات أو الحروب والصراعات المصيرية في الدول، تواجه تحديين أساسيين في إيران يجب التعامل معهما بشكل مباشر وصريح.
وأول هذين التحديين الأساسيين، حسب الكاتب، هو الشقاق الموجود داخل النظام السياسي؛ حيث نجد خلافات تنشب بين الحرس الثوري ومسؤوليه من جهة، وبين مؤسسات أخرى كالمجلس الأعلى للأمن القومي أو الرئاسة وما شابه، معتقدًا أنه وبدون معالجة هذا الشرخ العميق الموجود بين مؤسسات الدولة لا يمكن إنجاز شيء على أرض الواقع.
وأما ثاني تحدٍ أمام حكومة بزشكيان فيتمثل في الشرخ القائم بين الشعب والنظام، وقد تجسد هذا الشرخ الكبير في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وقبلها الانتخابات البرلمانية، التي أظهرت استياءً شعبيًا كبيرًا من النظام السياسي.
وأكد الناشط السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، أن مهمة الحكومة هي معالجة هذا الشرخ أيضًا، وإلا فإن هزيمتها وفشلها أمر محتوم ومؤكد.