هل مجيء مسعود بزشكيان مقدمة لهزيمة أم إنه مرحلة للتغيير في الأوضاع الداخلية والخارجية لإيران؟ هل سينتظر العالم تغييرا في سياسات طهران الخارجية أم ستستمر الأمور على ما كانت عليه في السابق؟ هل هو فصل جديد في دبلوماسية إيران مع الغرب أم سنرى الصدام يتوسع ويمتد لأبعاد أخرى؟
هذه وغيرها كانت بعض الأسئلة التي طرحتها صحف إيران الصادرة اليوم، الاثنين 8 يوليو (تموز)، تعليقا على فوز بزشكيان، ووعوده بالتغيير والانفتاح في التعامل مع دول العالم والمنطقة.
الصحف التي تناولت هذا الموضوع لم تخف قلقها كون ملف السياسة الخارجية الإيرانية ملفا شائكا ومعقدا، ولا يتحكم به رئيس الجمهورية، وإنما هو بيد المرشد والحرس الثوري، وأن رؤساء الجمهورية هم في الغالب منفذون للسياسات التي تحدد من قبل النظام الحاكم.
صحيفة "اعتماد" نقلت في تقرير لها انطباعات الدول الغربية والمحللين السياسيين في وسائل الإعلام الغربية تجاه الوضع الجديد في إيران، حيث أكدوا أن الأمل في التغيير الكبير في عهد حكومة بزشكيان سيكون "محدودا"، وأنه سيستمر في الاعتماد على الخطوط العريضة للنظام.
مع ذلك ذكرت الصحيفة نقلا عن بعض وسائل الإعلام الغربية قولها إن المتوقع أن نشهد ليونة أكبر في خطاب طهران في التعامل مع الغرب لحلحلة الأزمة النووية الإيرانية وبعض الملفات الأخرى.
الكاتب والمحلل السياسي، قاسم محب علي، أشار إلى وعود الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان حول معالجة الأزمة الاقتصادية، وأكد أن على الرئيس ومن سيكونون حوله أن يدركوا أن معالجة الاقتصاد مرهونة بالسياسة الخارجية.
وتوقع الكاتب، في مقاله بصحيفة "ستاره صبح"، حدوث تغييرات "نسبية" في حكومة بزشكيان، موضحا أن مجيء بزشكيان- ورغم العراقيل والتحديات الموجودة- إلا أنه فتح نوافذ أمل للتغيير وتحسن الأوضاع.
صحف أخرى مثل "أترك" ذكرت أن الاقتصاد الإيراني يعاني من أمراض "مزمنة"، وأن أي رئيس كان سيواجه تحديات كبيرة على صعيد العقوبات والتضخم والركود، وتراجع قيمة العملة الوطنية ونقص الميزانية وارتفاع حجم السيولة، مؤكدة أن الشعب الإيراني وقطاع الإنتاج يواجهون ضغوطا هائلة جراء هذا الواقع المزري.
نقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": واجبات الرئيس الجديد ومواجهة التحديات الجمة والأزمات المتراكمة
في مقال بصحيفة "اعتماد" حول "واجبات الرئيس الجديد" تطرق الكاتب والمحلل السياسي الإصلاحي عباس عبدي إلى واقع إيران بعد ثلاث سنوات من حكومة رئيسي، التي انتخبت بعد مقاطعة شعبية كبيرة ومشاركة أقلية من الإيرانيين، مؤكدا أن مجيء بزشكيان خلق أملا جديدا بين الإيرانيين، بعد أن كانوا يائسين من التغيير والإصلاح.
الكاتب أكد، خلافا لما ذهب إليه المرشد، أن حكومة رئيسي سجلت فشلا ذريعا في الملفات الكبرى، مشيرا إلى أن التضخم في عهد حكومة رئيسي حطم رقما قياسيا منذ 80 عاما.
يذكر أن المرشد علي خامنئي أثنى كثيرا يوم أمس على الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، واصفا إياه بالرئيس "النموذجي"، وهو وصف تصدرت معظم الصحف الاصولية عناوينها الرئيسية به.
الكاتب عبدي ذكر قائمة طويلة من الأزمات التي تواجهها إيران، وهي أزمات مستمرة وتنتظر الحل في حكومة بزشكيان الجديدة، مثل أزمة العقوبات والعلاقة الخارجية، والوضع الهش في الحدود الشرقية (باكستان وأفغانستان) والغربية والشمالية الغربية، والمشكلات الاجتماعية، وتزايد التضخم وارتفاع السيولة، وأزمة النساء وقضية الحجاب، وموضوع الإنترنت، وتحدي الفقر والنزاعات المجتمعية، وهي تحديات كبيرة على الرئيس التعامل معها بجد وعزيمة، حسب عبدي.
وأوضح الكاتب أن هذه التحديات والأزمات انعكست في المشاركة الانتخابية، حيث قاطع 60 في المائة من الإيرانيين الجولة الأولى من الانتخابات، منوها إلى أن نصف ممن شاركوا في الجولة الأولى صوتوا للنهج المغاير لنهج الحكومة الحالية، ما يعني أن أقل من 20 في المائة كانوا مع الحكومة السابقة، وطريقة إدارتها للبلاد.
وقال عبدي إن على بزشكيان أن يعمل جاهدا لسد الشرخ القائم بين الشعب والنظام، مضيفا: "الشعب هو الرصيد الحقيقي ولا ينبغي أن يُبعَد شخص واحد منه، ناهيك أن يمتنع 60 في المائة من المشاركة في الانتخابات.
"رويداد أمروز": مهمة الرئيس في حل الأزمات المعيشية معقدة وصعبة
قالت صحيفة "رويداد أمروز" إن حكومة بزشكيان الجديدة ستتسلم مقاليد الحكم بعد أيام، لكن قائمة طويلة من المشكلات والأزمات تواجهها، وأن هذه الأزمات تجعل طريق الحكومة وعرا وغير آمن.
وفي مقال بعنوان "جروح الاقتصاد الإيراني" كتبت الصحيفة أن الوضع الحالي سيئ للغاية، وهو يتطلب إجراءات مباشرة وسريعة فور وصول الرئيس الجديد، ووضع أولويات للبدء بالأزمات الكبرى ومحاولة حلها.
الأولوية الأولى التي وضعتها الصحيفة هي معالجة أزمة التضخم والعقوبات، وتراجع قيمة التومان الإيراني، وعجز الميزانية وزيادة السيولة.
أما ثاني الأولويات يجب أن تركز على تقليل تكاليف الحكومة، والإنفاق- بدلا من ذلك- على قطاعات التعليم والصحة والخدمات العامة، مؤكدة أن أموالا كبيرة تنفق في مشاريع الحكومة دون أن تكون ذات أثر وفاعلية على حياة الإيرانيين.
"آرمان ملي": فرص حكومة بزشكيان وإعداد الجبهة الداخلية
أما الكاتب والنائب البرلماني السابق، حشمت فلاحت بيشه، فرأى أن حكومة بزشكيان لديها الوقت والدعم الشعبي الكافي للقيام بتغييرات ملموسة على صعيد العلاقة الخارجية لطهران، لكن ذلك مشروطا بإعداد الجبهة الداخلية لإيران للقيام بهذه التغييرات، معتقدا بأن عدم التوافق الداخلي يجعل مهمة الرئيس صعبة في تناول الأزمة الخارجية للبلاد.
وعلى صعيد الجبهة الداخلية قال فلاحت بيشه، الذي كان يشغل منصب رئاسة لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان السابق، إن 3 جبهات موجودة في الداخل الإيراني، وهي جبهة الرئيس ومن صوتوا له، وجبهة الداعمين للمرشح الآخر سعيد جليلي، وهم ليسوا بالقليلين فقد زادت نسبتهم على 13 مليون ناخب، وأما الجبهة الأكبر وهي جبهة المقاطعين للانتخابات حيث زادت نسبتهم على 50 في المائة.
ورأى الكاتب أن أول شرط لنجاح الدبلوماسية يكمن في التصالح مع الجبهة الثانية (جبهة الأصوليين) وعدم التصادم معها، وكذلك ضرورة الاستماع إلى صوت الجبهة الثالثة (المقاطعين)، كون لديها حجج وأسباب معقولة لموقفهم السياسي هذا.
وأكد الكاتب أن بعد ذلك ينبغي أن لا يتردد الرئيس الجديد في تجهيز طاولات التفاوض للدخول في محادثات وحوار مع الولايات المتحدة الأميركية، بغض النظر عمن سيكون رئيسا في البيت الأبيض في الأشهر المقبلة، معتقدا أن الولايات المتحدة لا تجد في إيران خصما الآن، وإنما خصمها الحالي هما روسيا والصين، وبالتالي فيجب الإسراع في معالجة الخلافات بين واشنطن وطهران وعدم إضاعة الوقت.