السؤال الأبرز هذه الأيام في تغطية الصحف اليومية الإيرانية يدور حول أسباب وخلفيات مقاطعة أكثر من 60 في المائة من الإيرانيين للانتخابات الرئاسية، على الرغم من وجود مرشحين عن التيارين الأصولي والإصلاحي.
الصحف اختلفت باختلاف انتمائها في تحليل هذه المقاطعة، لكن يكاد يجمع معظمها على أن السبب الرئيس يكمن في حجم الاستياء المتراكم من السنوات الماضية، وتكرار تجارب مشابهة من الوعود التي لم يف بها المرشحون السابقون بعد فوزهم بالرئاسة أو شغلهم لمناصب مهمة، كما أوردت ذلك صحيفة "آرمان أمروز" في تقرير لها اليوم الأربعاء 3 يوليو (تموز)، بعنوان: "لماذا لم يشارك 60 في المائة من المواطنين في الانتخابات؟".
صحيفة "أبرار" أبرزت تصريحات الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي حول هذه المقاطعة، وحجم الاستياء الكبير من الأوضاع في البلاد، مؤكدا أن عدم الرضا عن الوضع الراهن ليس محصورا على من لم يصوتوا في الانتخابات، وإنما يشمل كذلك الذين شاركوا وكانون يأملون بإحداث تغيير عبر الانتخابات الجديدة، ولا يعني ذلك أنهم راضون عن الوضع الراهن.
ووصف خاتمي، كما نقلت ذلك صحيفة "اعتماد"، مقاطعة أكثر من 60 في المائة بأنه أمر "غير مسبوق"، وشهادة على عدم رضا الناس عن النظام السياسي.
صحيفة "نقش اقتصاد" نقلت عن خبراء مخاوفهم من فوز الأصولي سعيد جليلي، والآثار المدمرة لسيناريو رئاسته على ملف الاتفاق النووي، حيث يعتبر جليلي رمزا لمعارضة الاتفاق، وأحد أكبر الشخصيات المعادية لأي شكل من أشكال التواصل والعلاقة مع الغرب عموما، والولايات المتحدة الأميركية خصوصا.
صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، هاجمت الإصلاحيين، واتهمتهم بالكذب والافتراء من أجل كسب أصوات الناخبين، وذكرت أن التيار الإصلاحي ورموزه لا يترددون هذه الأيام عن الاتيان بكل الادعاءات الفارغة والأكاذيب المزيفة بحق الأصوليين، ورئاسة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي.
في شأن منفصل اهتمت بعض الصحف مثل "شهروند" بتصريحات مستشار المرشد الإيراني للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الإيراني السابق، كمال خرازي، الذي حذر من حرب إقليمية تدخل فيها إيران إذا هاجمت إسرائيل حزب الله اللبناني.
وقال خرازي في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز"، نُشِرَت أمس الثلاثاء 2 يوليو (تموز) الجاري، إنَّ طهران "لا ترغب في حرب إقليمية"، ولكن مع إمكانية امتداد الحرب إلى المنطقة بأكملها "فإن جميع الدول، بما في ذلك إيران، ستكون متورطة فيها". مضيفا أنه "في مثل هذا الوضع ليس أمامنا خيار سوى دعم حزب الله".
اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": الحكومة في إيران انتهجت سياسة الشاه قبل سقوطه
في مقاله بصحيفة "اعتماد" رأى الكاتب والمحلل السياسي عباس عبدي أن جميع مشكلات إيران السياسية والاقتصادية مرهونة بقضية محورية واحدة هي أزمة العقلية الحاكمة التي تتعامل مع الجميع بمبدأ من ليس معي فهو عدوي، والذي يصبح مستهدفا بكل الوسائل والأدوات.
وأوضح عبدي أن شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي اعتمد في السنوات الخمس الأخيرة من حكمه هذا النهج والعقلية، وحاول بشتى السبل إقصاء معارضيه ومن لم يكونوا في صفه، ظنا منه أنه بهذه الطريقة يستطيع إدارة شؤون البلاد، لكن سياسته أدت إلى نهاية حكمه والثورة عليه، كما أن المقربين منه أيضا قد تخلوا عنها وتركوه قبيل سقوطه.
وذكر الكاتب أن إيران في السنوات الثلاث الأخيرة سلكت نفس النهج، حيث تم جمع السلطات بيد تيار واحد، وهو ما انعكس سلبا على مشاركة الناس في الانتخابات والتفاعل مع التطورات السياسية، مؤكدا أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في إيران كانت فشلا ذريعا.
ونوه عبدي إلى أن فوز جليلي سيخلق مزيدا من الانقسامات داخل التيار الأصولي، حيث بلغ الخلاف داخل هذا التيار ذروته في مواجهة قاليباف وجليلي وعدم انسحاب أحدهما لصالح الآخر، معتقدا أن محاولات الإقصاء التي يعتمد عليها التيار الأصولي لن تتوقف، وسيأكل بعضهم البعض الآخر.
ورأى أن الانقسامات داخل التيار الأصولي هي السبب في وقوع فساد كبير، كما حدث في ملف الشاي (فساد بأكثر من 7 مليارات دولار)، والفشل في العودة إلى الاتفاق النووي، والانضمام إلى (FATF) الذي أصبح كرهينة يتصارع حولها المتخاصمون.
"شرق": فوز جليلي سيكون بمثابة إنذار خطر على المجتمع الإيراني والمجتمع الدولي
قال الدبلوماسي الإيراني السابق كوروش أحمدي في مقال بصحيفة "شرق" إن فوز المرشح الأصولي المتشدد سعيد جليلي يعد إنذار خطر على إيران والمجتمع الدولي، مؤكدا أن فوزه سيكون سببا في زيادة العقوبات، وتفاقم سوء الإدارة، وتردي الوضع المعيشي للإيرانيين.
وأول ردة فعل لفوز جليلي، حسب الكاتب، ستنعكس على سوق العملة الإيرانية، حيث يتوقع تراجع العملة بشكل سريع في الأيام الأولى حال الإعلان عن فوزه، كما أن البلاد ستشهد هروبا لرؤوس الأموال والنخب.
وأضاف الكاتب أن التضخم بدوره سيتضاعف في عهد جليلي، موضحا أن فريق هذا المرشح الأصولي لم يقدم برامج واضحة لمنع مثل هذه السيناريوهات، وأن طبيعة جليلي ومن حوله لا تسمح لهم بالاستفادة من الخبراء والمتخصصين، للتعامل الفعال مع مثل هذه الأزمات.
"نقش اقتصاد": الاتفاق النووي الإيراني في مرحلة عصيبة وفوز جليلي سيعقد الملف أكثر
قال الخبير في الشؤون الدولية، مهدي مطهرنيا، في مقابلة مع صحيفة "نقش اقتصاد" إن ملف الاتفاق النووي الإيراني يمر بمرحلة عصيبة للغاية، وأوضح أن المرشح الأصولي المتشدد سعيد جليلي لا يتردد في التأكيد على صلابة موقفه من الاتفاق النووي والمفاوضات حوله، مشيرا إلى كثرة العقوبات التي فرضت على إيران عندما كان جليلي مسؤولا عن هذا الملف في حكومة محمود أحمدي نجاد.
وذكر مطهرنيا أن مجيء بزشكيان قد لا يخلق تغييرا كبيرا لصالح الاتفاق النووي، لكن بكل تأكيد فإن فوز جليلي سيضع الاتفاق النووي في وضع معقد وصعب، لأن المرشح الأصولي يعد رمزا للتصادم مع الولايات المتحدة على كافة المجالات.
وأعقب الكاتب بالقول: لكن من زاوية أخرى فإن فوز جليلي قد يكون سببا في اتخاذ النظام قرارات كبيرة على صعيد الملف النووي، كون الرئيس متوافقا مع منظومة الحكم الصلبة وباقي المؤسسات، لكن فوز الإصلاحيين سيخلق تحديات أمام محاولات إحياء الاتفاق النووي ويجعلها بلا تأثير وفاعلية.