فشلت كل الدعاية الإعلامية، والإغراءات المتكررة، في دفع المقاطعين للانتخابات الرئاسية إلى المشاركة في عملية الاقتراع الجديدة في إيران؛ لاختيار رئيس جديد لخلافة إبراهيم رئيسي، الذي تُوفي الشهر الماضي في حادث سقوط المروحية.
وقاطع 60 بالمائة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضيتين؛ لتتكرر النسبة نفسها في انتخابات أمس، الجمعة؛ ليثبت المواطن الإيراني أنه لايزال يائسًا من التغيير المنشود حتى من خلال الإصلاحيين، الذين جاؤوا هذه المرة بكل قوتهم تقريبًا، ودعوا الناس للمشاركة والتصويت في الانتخابات.
الصحف التي صدرت قبل انتهاء التصويت في الانتخابات الرئاسية، الساعة 12 منتصف الليل، كانت تتوقع نسبة مرتفعة من المشاركة الشعبية في الانتخابات؛ حيث كتبت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية في صدر صفحتها الأولى: "المصالحة مع صناديق الرأي"، مدعية أن هذه المرة ستكون نسبة المشاركة مرتفعة، مقارنة مع السابق؛ بسبب مصالحة المواطنين مع الانتخابات وعدم عزوفهم عنها، لكن حدث خلاف ما توقعت الصحيفة، واستمر الإيرانيون في عزوفهم عن التصويت بسبب ما يعتبرونه تكرارًا للتجارب السابقة، وأن الإصلاحيين أيضًا غير قادرين على فعل شيء في ظل الانغلاق السياسي والاقتصادي الموجود في البلد.
أما صحف النظام فلم تشر إلى نسبة المشاركة المنخفضة، واكتفت بإطلاق الأوصاف مثل "ملحمة الانتخابات" و"يوم النصر" و"إنجاز تاريخي"، وهي عناوين متعارف عليها بين هذه الصحف في اليوم التالي لأي انتخابات، بغض النظر عن نسب المشاركة والتصويت.
وتناولت بعض الصحف، في شأن متصل، أسباب وخلفيات عدم اتفاق التيار الأصولي على مرشح واحد، وذكرت صحيفة "آرمان ملي" أن هذه الفرقة بين الأصوليين كشفت عن طبيعتهم المتصلبة حتى فيما بينهم، وتساءلت بالقول: كيف يكون هؤلاء قادرين على التعامل بمرونة ولين في القضايا الدولية الشائكة التي تحتاج إلى صبر وعناء أكبر؟
ومن الملفات الأخرى التي كانت حاضرة في تغطية الصحف اليوم، السبت، المناظرة التلفزيونية بين الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس السابق دونالد ترامب، التي تميزت بظهور ضعيف جدًا لـ "بايدن"، ما يعزز احتمالية أن ينتخب الأميركيون دونالد ترامب؛ ليقود الولايات المتحدة الأميركية 4 سنوات مقبلة.
الصحف الإيرانية رأت أن هذه المناظرة هي ناقوس خطر لإيران؛ لكي تستعد جيدًا لمواجهة ترامب من جديد، بعد أن كان نهجه السابق والتصعيدي تجاه طهران قد أضر كثيرًا بالاقتصاد الإيراني، وأضعف عُملتها الوطنية وجعلها تعيش الأزمات المتعددة، وكتبت صحيفة "ستاره صبح" في عنوانها الرئيس: "بايدن ينهزم أمام ترامب".
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"إيران": ما هو سبب الإقبال الضعيف على الانتخابات الرئاسية؟
بررت صحيفة "إيران"، الصادرة عن الحكومة، في تقرير لها بصفحتها على الإنترنت نُشر بعد الإعلان عن النتائج وانخفاض نسبة المشاركة، وذكرت أن السبب الرئيس في هذا الأمر هو أن الشعب الإيراني لم يكن مستعدًا جيدًا للانتخابات الرئاسية؛ بسبب الحادث المفاجئ ووفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث سقوط المروحية.
وأشارت الصحيفة إلى مشاركة 40 بالمائة من الناخبين فقط، وكتبت: "لم يسمح الوقت المحدد منذ وفاة رئيسي وحتى يوم الانتخابات (40 يومًا) للشارع الإيراني بالاستعداد جيدًا للانتخابات الجديدة، كما أن قرب موعد الانتخابات البرلمانية قبل أشهر قليلة كان له تأثير سلبي على عدم إقبال الشارع على الانتخابات هذه المرة".
"آرمان ملي": الخلافات بين التيار الأصولي.. الأسباب والتداعيات
نقلت صحيفة "آرمان ملي" تصريحات بعض الناشطين الإصلاحيين، حول عدم نجاح التيار الأصولي في توحيد كلمته؛ حيث قال عباس عبدي: "إن وجود بزشكيان مع مرشح واحد من الأصوليين جليلي وقاليباف كان سيعزز فرضية فوز بزشكيان في الجولة الأولى، لكن شرط أن تكون نسبة المشاركة فوق 55 بالمائة، ودون ذلك فإن قاليباف قد يكون له حظ في الفوز. واللافت أن عناد الأصوليين فيما بينهم سلب منهم هذا الاحتمال، لكن على كل حال فإن سلوكهم هذا كان في النهاية لصالح البلاد".
أما سعيد حجاريان، وهو أحد الإصلاحيين البارزين، فقال أيضًا تعليقًا على اختلافات الأصوليين الداخلية: "خلاف جليلي وقاليباف ليس خلافًا حول طبيعة الخطاب ونهج الإدارة، وإنما هو خلاف حول المحسوبيات ومصالح الفساد، التي يتنازعون عليها داخليًا، بعبارة أخرى كان الخلاف بين الأصولي الذي يتمتع بالمحسوبية والنفوذ وبين الأصولي الباحث عن هذه المحسوبية والنفوذ".
"ستاره صبح": ترامب قادم وعلى إيران الاستعداد جيدًا
في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح" قال الدبلوماسي السابق، فريدون مجلسي، إن المناظرة التلفزيونية بين ترامب وبايدن كشفت أن حظوظ ترامب كبيرة للغاية، مؤكدًا أن مجيء ترامب إلى البيت الأبيض سيحمّل إيران ضغوطًا مضاعفة، وعلى البلاد الاستعداد لمثل هذا السيناريو المقلق.
وأوضح الكاتب أن سياسة بايدن تجاه إيران كانت تتميز بالمرونة في السماح لإيران بتصدير النفط، لكن عودة ترامب تعني أن هذه المسامحة ستنتهي، ومِن ثمّ فإن الضغوط الاقتصادية على إيران ستتضاعف، مشددًا على أن إيران وبسبب كونها بلدًا نفطيًا تحتاج إلى علاقات طبيعية مع العالم، لاسيما الغرب، لكن الواقع هو أن طهران لديها علاقة تصادمية وهجومية مع الغرب.