يبدو أن إيران تصر على مخالفة كل التوقعات والتكهنات حول الرد على إسرائيل، وتقاوم إرادة أنصارها، الذين باتوا يتآكلون أمام كثرة الضربات، التي يتلقاها نظامهم المتهم بالجبن والخور أمام تل أبيب، التي قامت بقصف قنصلية طهران بسوريا، وقتلت قادة كبارًا بالحرس الثوري في وضح النهار.
واستمرت أجهزة الاستخبارات الغربية في توقعاتها، وأكدت- ومازالت- أن رد إيران "بات وشيكًا" دون أن ترسم ملامح هذا الرد وطبيعته، وما إذا كانت إيران تتجرأ على رد حقيقي، أم ستكتفي بدفع ميليشياتها المنتشرة في المنطقة برمي بضعة صواريخ على هدف ما.
وانقسمت الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم، السبت، بين محاولة تهدئة النظام وثنيه عن التوقف عن الوعيد والتهديدات، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقف بجانب إسرائيل في مواجهة تهديدات طهران، وبين ضرورة الرد على إسرائيل لوقف "تطاولها" على إيران.
وكتبت صحيفة "جمله" في صفحتها الأولى، وعنونت بالقول: "لا تتلاعبوا بالأمن القومي للبلد"، موضحة أن بعض المتطرفين في طهران يدعون إلى حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد الإيراني بأسوأ حالاته طوال الـ 44 سنة الماضية، ودعت السلطة في طهران إلى "تأجيل" الانتقام حتى تحين الفرصة المناسبة.
ولفتت صحف أخرى، مثل "اقتصاد بويا"، إلى التبعات الخطيرة لهذه الحالة على الاقتصاد الإيراني؛ حيث تستمر العملة الإيرانية في التراجع التاريخي، محطمةً، اليوم السبت، رقمًا قياسيًا جديدًا، بعد أن تجاوز الدولار الأميركي الواحد سعر 66 ألف تومان.
وركزت الصحف الموالية للنظام على وعيد النظام وتهديداته بالانتقام من إسرائيل، ونشرت صورة لـ "خامنئي"، وهو يحمل بندقية بيده في خطبة عيد الفطر، قبل أيام، مؤكدًا أن إيران ستعاقب إسرائيل على قصف قنصليتها.
ومن الملفات الأخرى، التي غطتها بعض الصحف الصادرة اليوم، السبت، عودة خطيب جمعة طهران، كاظم صديقي، إلى مباشرة أعماله، وتعيين السلطات له خطيبًا لصلاة الجمعة، يوم أمس، وهو ما أثار جدلًا وانتقادات واسعة بعد ملف فساده الأخير.
وأشارت صحيفة "آرمان ملي" الإصلاحية إلى عزوف المصلين عن الصلاة بعد إصرار السلطة على أن يكون "صديقي" هو من يقوم بإمامة المصلين وخطبة الجمعة، وكتبت: "المصلون الذين لم يأتوا"، مشيرة إلى اعتذار "صديقي" عن فضيحة فساده، ومحاولته الاستيلاء على أراضٍ بجوار حوزته العلمية بشكل غير قانوني.
وتناولت بعض الصحف قضايا أخرى، ومنها قرار السلطات تنفيذ خطة جديدة لمواجهة النساء الرافضات للحجاب الإجباري، وإعلان الشرطة أنها ستبدأ بتطبيق الإجراءات الجديدة منذ اليوم، السبت، 13 أبريل (نيسان).
وانتقدت صحيفة "ستاره صبح" هذه الإجراءات، لاسيما أن البلاد تمر بمنعطف خطير في ظل المخاوف من انجرار إيران إلى حرب واسعة وعنونت بالقول: "موجة جديدة من مواجهة عدم الحجاب".
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"خراسان": الرد الإيراني ضرورة ووقت الدبلوماسية انتهى
قالت صحيفة "خراسان" إن تصريحات المسؤولين الإيرانيين بالانتقام من إسرائيل، وتأكيد المرشد نفسه أن القنصلية تعد جزءًا من سيادة إيران وترابها، جعل الرد ضرورة، وهو ما بات واضحًا في مواقف الدول، التي بادرت بدعوة مواطنيها إلى ترك إيران، فيما قررت العديد من خطوط الطيران إلغاء رحلاتها من وإلى إيران؛ تحسبًا لتنفيذ إيران تهديداتها ضد إسرائيل والمخاوف من اندلاع حرب إقليمية.
ورأت الصحيفة المقربة من التيار الأصولي في إيران، أن "وقت الدبلوماسية قد انتهى"، ويجب "انتظار الرد الإيراني الذي سوف يغيِّر المعادلات الإقليمية في المنطقة بشكل كامل".
وأضافت الصحيفة أنه يجب انتظار هذا الرد، وقد يقع في كل لحظة وكتبت: "يجب علينا انتظار الهجوم التركيبي بالصواريخ والمُسيّرات الإيرانية على أهداف داخل الأراضي الإسرائيلية".
"ستاره صبح": روسيا والصين ترغبان في توريط إيران.. وطهران لن تستطيع خوض الحرب وحدها
رأى الدبلوماسي السابق، جلال ساداتيان، في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح"، أن حليفي إيران المفترضين: روسيا والصين، يرغبان في رؤية صراع في المنطقة؛ لأن ذلك سيشغل خصومهما، حسب قراءته.
وقال "ساداتيان": إن الصين تعرف أن الحرب بين إسرائيل وإيران ستجر معها الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ما تريده بكين، كما أن الروس يدعمون بشكل غير مباشر حربًا واسعة بين إيران وإسرائيل، لافتًا إلى امتناع روسيا عن تشغيل منظوماتها الدفاعية في سوريا؛ لمنع الهجوم على القنصلية الإيرانية وتصعيد الوضع الراهن.
ونصح مدير تحرير الصحيفة، علي صالح آبادي، النظام بعدم الرد على إسرائيل؛ لأن وجود الولايات المتحدة الأميركية بجانبها أكثر قوة من الناحية العسكرية ضد إيران، وفي حال هاجمت طهران فإن الرد داخل الأراضي الإيرانية وضرب البنية التحتية للبلاد سيضاعف من معاناة الإيرانيين وعذابهم.
وأوضح الكاتب أن الحكمة السياسية تتطلب من النظام الإيراني الدخول في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، والوصول إلى اتفاق مربح للطرفين.
وختم الكاتب مقاله بالقول: في حال وقوع حرب مع إسرائيل؛ فإن إيران ستكون وحيدة، ولن تستطيع مواجهة إسرائيل، مكتفية بدعم من الجماعات المسلحة، مثل حزب الله والحشد الشعبي والحوثيين.
"اعتماد": إصرار السلطة على تعيين صديقي خطيبًا لجمعة طهران استفزاز لمشاعر الإيرانيين
قال الكاتب والمحلل السياسي الإصلاحي، أحمد زيد آبادي، في تصريحات نقلتها صحيفة "اعتماد"، إن السلطة الإيرانية وإصرارها على تعيين كاظم صديقي إمامًا لصلاة الجمعة تتعمد "استفزاز" مشاعر الإيرانيين، الذين يعتقدون بأن صديقي متورط في الفساد، ويجب محاكمته ومحاسبته بدل تكريمه وتعيينه خطيبًا للجمعة في طهران.
ولفتت الصحيفة إلى الحضور المتواضع للمصلين في طهران؛ حيث قررت شريحة واسعة من المتدينين مقاطعة الصلاة، وهو ما أظهرته الصور ومقاطع الفيديو القادمة من طهران.
وقال ياشار سلطاني، الصحافي والإعلامي الذي كشف للمرة الأولى عن فساد "صديقي" ونشر مستندات القضية، تعليقًا على قرار السلطة بتعيين صديقي خطيبًا لجمعة طهران: "في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى دعم وحماية الشعب أمام التهديدات الخارجية، تحولت الصلاة، التي هي مظهر من مظاهر الوحدة، إلى عامل للفرقة والاختلاف".