بعد عطلة دامت أسبوعين بمناسبة بداية العام الإيراني الجديد (بدأ في 20 مارس/ آذار الماضي) عادت صحف إيران اليومية إلى الصدور من جديد، والبداية هذه المرة حملت مفاجأة من العيار الثقيل بعد استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، ومقتل قادة كبار في الحرس الثوري.
تطور خطير وشكل غير مسبوق من المواجهة الصريحة من جانب إسرائيل، وتردد بات معهودا من جانب إيران بعد سلسلة من الهجمات المماثلة، وإن كانت أقل مقارنة بما حدث مساء أمس الاثنين الأول من أبريل (نيسان).
تل أبيب يبدو أنها حسمت أمرها في المضي قدما في ردع إيران، وإنهاء وجودها في سوريا، متجاهلة كل وعيد النظام الإيراني وقياداته، بعدما يبدو أنها أدركت أن تلك التهديدات المتكررة ما هي إلا "فقاعات" تتبخر حين تصطدم بالواقع والحقيقة.
قراءة عكستها وسائل إعلام إيرانية وشخصيات محسوبة على النظام نفسه، إذا هاجمت في الساعات الماضية سياسة النظام المترددة في مواجهة إسرائيل، والتصدي لهجماتها المتكررة التي بلغت ذروتها أمس الاثنين، بعد استهداف الأراضي الإيرانية بشكل مباشر عبر قصف القنصلية، التي تمثل سيادة إيران الوطنية، حسب تعريف الأمم المتحدة والأعراف الدولية.
الصحف الصادرة اليوم الثلاثاء 2 أبريل (نيسان) لا تزال تعيش في الصدمة، واصفة الخطوة الإسرائيلية بـ"الجنون غير المسبوق"، كما ذهبت إلى ذلك صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري.
الصحيفة نفسها، والتي كانت ذات يوم من أكثر الصحف إطلاقا لشعارات الانتقام وتدمير إسرائيل، لم تعتمد اليوم خطابا مماثلا، بعد إدراكها أن هذه المرة أيضا سيلتزم النظام الصمت أو يكتفي باستهداف محيط قاعدة عسكرية فارغة أو مبنى في إقليم كردستان العراق أو قتل مجموعة من المدنيين الأبرياء شمالي سوريا.
الصحيفة اكتفت هذه المرة بنقل كلام السفير الإيراني في سوريا، والذي قال بأن طهران سيكون لها "رد حاسم" على الهجوم الإسرائيلي.
صحيفة "خراسان"، وهي من الصحف المقربة من الحكومة، سلكت أيضا نفس النهج تقريبا في نقل كلام السفير، كما سردت معلومات تاريخية عن القادة العسكريين الكبار، وأدوارهم العسكرية والأمنية في الحرس الثوري، حيث قاد بعضهم كتائب وفيالق من الحرس الثوري في الحرب العراقية الإيرانية.
الصحف الأخرى التي تناولت الموضوع اكتفت بنقل الرواية الرسمية الإيرانية، دون تقديم قراءات مستقلة حول تداعيات الهجوم وانعكاساته على مستقبل إيران الإقليمي، وذلك بانتظار ما تسفر عنه مواقف النظام خلال الأيام القليلة المقبلة، حيث يعيش ضغوطا غير مسبوقة من قبل مواليه بالرد على الهجوم، وعدم الاكتفاء بالشعارات والوعود التي أصبحت محل سخرية واستهزاء واسع من قبل معارضي النظام.
اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"كيهان": السفارات الإسرائيلية حول العالم أهداف مشروعة
قال حسين شريعتمداري، مدير تحرير صحيفة "كيهان" المقربة من المرشد علي خامنئي، إن إسرائيل وعبر هجومها على القنصلية الإيرانية وقتل مجموعة من العسكريين الكبار انتهكت اتفاقية جنيف في منع التعرض للمقار والمواقع الدبلوماسية، وبالتالي يصبح من حق إيران المشروع القيام بنفس الأعمال واستهداف السفارات الإسرائيلية في البلدان الأخرى.
كما دعا شريعتمداري الأمم المتحدة إلى احترام حق بلاده في الدفاع عن نفسها، وتأييد استهداف السفارات الإسرائيلية من قبل إيران وعناصرها، خاتما مقاله القصير بالقول إن طهران لن تحتاج إلى دعم أحد لنيل حقوقها والدفاع عن نفسها.
"دنياي اقتصادي": الشباب يلجؤون لبيع أعضاء جسدهم نتيجة الفقر
في سياق منفصل سلطت صحيفة "دنياي اقتصادي" في تقرير لها الضوء على الأزمة الاقتصادية الطاحنة في إيران، وقالت إن الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم 20 سنة باتوا يلجؤون إلى بيع أعضاء جسدهم من أجل تسديد حاجاتهم المالية.
وأوضحت الصحيفة أن فقدان الوظيفة وغياب الأمل في المستقبل يدفع بالشباب للتفكير بهذه الأعمال كخيارات نهائية أمامهم، وأن الشباب في إيران أصبحوا مستعدين لبيع كلاهم ونخاع عظامهم للحصول على مبالغ مالية زهيدة يسدون بها حاجاتهم المالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السماسرة وتجار أعضاء البشر أصبحوا ينشطون هذه الأيام في الأسواق السوداء لبيع الأعضاء البشرية، موضحة أن عامل السن والصحة البدنية يعتبران ميزة للبائع الذي يحصل على مبالغ أعلى من مشتري هذه الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان.
"سازندكي": استشراء الفساد في إيران وضرورة محاسبة ممثل خامنئي بعد فضيحة فساده
في شأن آخر تناولت صحيفة "سازندكي" ملف فساد خطيب جمعة طهران، المعين من قبل خامنئي وأحد ممثليه في العاصمة ورئيس لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر "آية الله" كاظم صديقي، عبر استيلائه على أراض بجوار الحوزة العملية التابعة له وضمها لشركته العائلية، وقالت إن التبريرات المقدمة في هذا الموضوع غير كافية، ويستلزم المزيد من الشفافية والوضوح في هذا الملف.
ودعت الصحيفة محكمة رجال الدين إلى التدخل في هذا الموضوع، وكشف ملابسات الحقيقة، وعدم التأثر بمكانة صديقي ومناصبه التي يشغلها بتزكية من السلطة الحاكمة.
وقال كاتب الصحيفة إن السبب الرئيس في استشراء الفساد في إيران خلال السنوات الماضية يعود لعاملين رئيسين، الأول: هو كون هذه القضية أصبحت مجرد دعاية سياسية وأخذت طابع الشعارات الانتخابية، والعامل الثاني يعود لغياب الإرادة الحقيقية بالقضاء على الفساد كون هؤلاء الفاسدون لديهم النفوذ داخل المؤسسات الرقابية والتنفيذية والقضائية في البلد.