يستمر الجدل بين النظام الإيراني ومعارضيه السياسيين حول الانتخابات التي شهدتها إيران مطلع هذا الشهر؛ حيث يصفها المعارضون بأنها "فضيحة تاريخية" للنظام، وفشل كبير على صعيد الاستقطاب الشعبي؛ حيث منيت الانتخابات بهزيمة كبيرة نتيجة تدني نسبة المشاركة إلى مستوى غير مسبوق.
في المقابل نجد النظام ووسائل إعلامه وصحفه اليومية تتغنى بهذه الانتخابات و"إنجازاتها"، ولا تتردد في وصفها تارة بـ "المحلمة"، وتارة بـ "الجهاد في سبيل الله"، مؤكدة أن نسبة المشاركة في ظل الأزمة والضغوط، التي تُفرض على البلاد، تعتبر مكسبًا للنظام وإنجازًا على صعيد المشاركة الشعبية.
المقلق في كل ذلك هو هيمنة المتطرفين على تشكيلة البرلمان الجديد بعد عزوف الأغلبية عن المشاركة، والمتوقع أن تشهد البلاد مرحلة أخرى من التوتر والارتباك في التشريعات والقوانين، لاسيما تلك التي تثير الجدل في الشارع الإيراني، مثل قضية الحجاب وفرض القيود على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
امتلأت الصحف الموالية للنظام، اليوم، السبت، في صفحاتها الأولى، بكلام خامنئي حول إنجاز الانتخابات، ودعوته إلى عدم إفساد "حلاوة البرلمان الجديد" حسب تعبيره، معتقدًا أن "العدو" هو المستفيد من الخلافات والشجار بين الإيرانيين بعد انتهاء الانتخابات، التي يقول المعارضون إنها تمت بطريقة تعجب النظام بعد أن اقصى جميع المرشحين المستقلين، وأصحاب المواقف المنتقدة لسياسات النظام الداخلية والخارجية.
وتناولت صحف أخرى، الواقع الاقتصادي المتردي في البلاد، وتجاهل المسؤولين للضغوط التي يعانيها المواطنون؛ حيث أكدت صحيفة "سازندكي" ضرورة العمل السريع لإيجاد حل لأزمة العقوبات التي تشل الحياة الاقتصادية في إيران.
كما لفتت بعض الصحف إلى تصريح نائب الرئيس الإيراني، محمد مخبر، حول عجز الحكومة عن السيطرة على الأسعار، وكتبت "جهان صنعت" في صدر صفحتها الأولى بخط عريض: "الحكومة العاجزة".
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"اعتماد": سيطرة تيار واحد على شؤون البلاد أبعدت الشعب عن الانتخابات
كتب المحلل السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، مقالاً، ردًا على تصريح لرئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، الذي شكا من "سوء الأخلاق السياسي" و"الوضع الاقتصادي السيئ"، واعتبرهما عاملين في عزوف الناس عن المشاركة في الانتخابات، التي أجراها النظام في أول مارس الجاري.
وسخر الكاتب من "قاليباف"، الذي حاول تبرئة نفسه من الواقع السيئ الموجود في البلاد، وقال إن قاليباف الذي يترأس المؤسسة التشريعية، ويشرف على أداء الحكومة، ويصادق على الوزراء يحاول أن يظهر كأنه من ليس له من الأمر شيء، ولا يتحمل عبء ما تعيشه البلاد.
وأكد عبدي، في مقاله بصحيفة "اعتماد"، أن هيمنة تيار واحد على العملية الرقابية والتنفيذية في الانتخابات جعلت المواطنين يفقدون الأمل في فاعليتها ويقررون مقاطعتها.
وأضاف الكاتب الإصلاحي، أن طريقة المواطنين في التعامل مع الانتخابات تنبع من نظرتهم المستقبلية وتاثير الانتخابات على واقعهم المعيشي؛ فهم أصبحوا يائسين من الإصلاح عبر الانتخابات، وهذا اليأس نابع من شعورهم بأن إرادتهم يتم تجاهلها من قِبل السلطة الحاكمة.
"سازندكي": توقف محرك الاقتصاد الإيراني عن العمل.. وسيظل متوقفًا مادامت العقوبات سارية المفعول
نقلت صحیفة "سازندكي" تحليلاً للناشط والخبير الاقتصادي، مسعودي نيلي، الذي سلط الضوء فيه على الوضع الاقتصادي، وسبب انتشار الفقر في إيران، على الرغم من أنه بلد غني ومليء بالثروات الطبيعية والإنسانية.
وأشار "نيلي" إلى عنصري النفط والصناعة في إيران، وقال: إن هذين العاملين يمران الآن بحالة سلبية واضحة في الوقت الذي يعتبران المحركين للاقتصاد الإيراني، ومِن ثمَّ فإن محرك الاقتصاد الإيراني حاليًا متوقف عن العمل، ومادامت العقوبات سارية المفعول على البلاد فإنه لا يمكن بأي شكل من الأشكال تشغيل هذا المحرك.
"اقتصاد بويا": الحكومة عاجزة عن إدارة الأوضاع الاقتصادية ونهجها تصعيدي في السياسة الخارجية
في السياق نفسه سلطت صحيفة "اقتصاد بويا" الضوء على تصريحات نائب الرئيس الإيراني، محمد مخبر، الذي أقر بعجز الحكومة عن السيطرة على الأسعار، وقال إنه متأكد أن الحكومة لا تستطيع السيطرة على الأسعار، وأن الأسواق يجب أن تنظم الأسعار بنفسها، حسب تعبيره.
ونقت الصحيفة عن الخبير الاقتصادي، مرتضى أفقه، انتقاده لتصريحات نائب الرئيس، وقال إن هذه التصريحات تصدر من مسؤول في الحكومة التي كانت تقول إنها عندما تصل إلى السلطة ستغير الأوضاع نحو الأحسن، لكنها الآن تتراجع، وتلقي الكرة في ملعب السوق نفسها.
وشدد الكاتب على ضرورة حل مشكلة العقوبات المفروضة على الاقتصاد الإيراني، وقال: مادامت السلطة لا تستطيع حل مشكلة العقوبات فإنها لن تكون قادرة على إدارة الأوضاع الاقتصادية.
ولفت الكاتب إلى أن الحكومة لم تضع قضية معيشة المواطنين ورفاهيتهم في أولوية سياستها الداخلية، وإنما تقدم القضايا الأيديولوجية والحزبية على المصالح العامة للشعب، كما أن سياساتها الخارجية هي سياسات تصعيدية وباعثة للمشاكل والأزمات مع الدول الاخرى.
وأضاف: في الوقت الحالي الحكومة لا تستطيع أن تدير البلاد، ونلاحظ الآثار السلبية لاحتمالية مجيء ترامب؛ فكل تغيير في الانتخابات الأميركية يكون لصالح ترامب يتأثر الاقتصاد الإيراني بشكل فوري، وتتراجع قيمة العملة الإيرانية مباشرة.
جهان صنعت: الفساد ممنهج في مؤسسات الدولة
أما الكاتب والمحلل السياسي، أحمد توكلي، فقد أشار إلى عجز الحكومة عن مواجهة الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة، وقال إن الفساد في إيران أصبح "ممنهجًا".
وعن السبب الرئيس لانتشار الفساد في إيران قال توكلي، في مقال بصحيفة "جهان صنعت"، إن السبب يعود إلى أن المؤسسات الرقابية، التي يفترض أن تلعب الدور الرئيس في مكافحة الفساد، هي نفسها أصبحت غارقة في الفساد.