مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في إيران، والمقررة بعد أقل من أسبوعين، ازداد الجدل والحرب الخفية بين التيارات المتصارعة والتي أصبح الجدل هذه المرة بداخلها وليس ضد بعضها البعض كما كان في السابق.
فالتيار الأصولي أصبح اليوم يضرب بعضه البعض، ويحيك الدسائس والمؤامرات لتشويه صورة المرشحين المتنافسين وإقصاء آخرين، فيما يدور الجدل في التيار الإصلاحي بين من يأملون خيرا في الانتخابات ويدعون إلى المشاركة فيها، وبين الداعين إلى مقاطعتها لإجبار السلطة على تغيير نهجها.
صحيفة "وطن أمروز"، وهي من الصحف المقربة من الحكومة ومن المؤمنين بفكرة عدم فاعلية الانتخابات ككل وترجيحها نهج الحكم المباشر والقائم على التعيينات والموالاة المطلقة للسلطة، قالت اليوم الاثنين 19 فبراير (شباط) إن 52 في المائة من الإيرانيين لا يعرفون موعد الانتخابات القادمة، وأنها لا تشكل لهم هاجسا أساسا.
كانت صحيفة "إيران"، الصادرة عن الحكومة، قد خرجت العام الماضي بتصريح مشابه، وقالت إن 53 في المائة من الإيرانيين لا يعرفون اسم رئيس البرلمان، ما يوضح عدم اهتمامهم بالانتخابات البرلمانية أساسا.
لكن هذه التصريحات التي تكشف فقدان الانتخابات لمعناها الحقيقي تتناقض مع ما يدعو إليه قادة النظام من ضرورة المشاركة في الانتخابات و"إبطال مؤامرات الأعداء".
المرشد علي خامنئي قال يوم أمس إنه من الضروري أن يشارك المواطنون في الانتخابات المرتقبة "من أجل حل المشكلات في البلاد"، وكثير من الصحف المقربة من النظام عنونت بكلام خامنئي ودعوته الحثيثة إلى المشاركة في العملية الانتخابية.
في سياق آخر أشار الكاتب الإصلاحي أحمد زيد أبادي في مقال بصحيفة "اعتماد" إلى موجة الاحتجاجات الإيرانية عام 2022، وقال إنه على الرغم من كثرة الوعود التي أعطيت في تلك المرحلة حول نية السلطة إحداث تغيير في نهج الحكم، كما صرح بذلك رئيس البرلمان بقوله إن السلطة تفكر بتغيير جذري بعد عودة الهدوء وانتهاء المظاهرات، لكن ذلك لم يتحقق بعد مرور سنة ونصف تقريبا.
الكاتب قال إن المسؤولين تجاهلوا وعودهم، ويزعمون اليوم أنه لم تكن هناك مشكلة من الأساس لكي يفكروا بالإصلاح والتغيير، وباتوا يتهمون المتظاهرين بأنهم أتباع الغرب أو من الجهلة.
اقتصاديا لفتت صحيفة "سازندكي" الإصلاحية إلى كثرة البائعين المتجولين في شوارع طهران، وقالت الصحيفة إن هذه الكثرة تكشف أمرين؛ فإما أن تكون الحكومة فشلت في تنظيم حركة البائعين المتجولين بحيث أصبحوا منتشرين في كل شوارع طهران، وإما يعود السبب إلى الارتفاع الرهيب بنسب التضخم، بحيث أُجبر كثير من الناس إلى أن يتحولوا إلى هذه المهنة، بعد أن أصبحت مهنتهم الأولى لا تسدد حاجاتهم وتكاليف حياتهم.
الصحيفة لفتت كذلك إلى إهمال الحكومة لهؤلاء البائعين، وقالت الأسوأ من ذلك إن الحكومة تخطط لأخذ ضرائب من هؤلاء المساكين بدل أن تبحث لهم عن مساعدات وتسهيلات مالية.
اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"توسعه إيراني": انتخابات مجلس خبراء القيادة تحولت إلى أضحوكة
قالت صحيفة "توسعه إيراني" إن النظام الرقابي الصارم على الترشح لانتخابات مجلس "خبراء القيادة" جعل من هذه الانتخابات محل سخرية واستهزاء بعد أن تحولت إلى "أضحوكة" بين الإيرانيين.
الصحيفة قالت إن عدد المرشحين في بعض المحافظات لا يزيدون على عدد المقاعد المطلوبة، مستشهدة بقضية استبعاد 5 مرشحين منافسين للرئيس الإيراني الحالي على مقعد محافظة خراسان في هذا المجلس، وذلك لكي تسهل عملية فوز رئيسي بمقعد في هذا المجلس.
ونقلت الصحيفة تصريحا لأحد أنصار الرئيس الحالي الذي تقدم بالترشح ضد رئيسي في هذه المحافظة بعد أن بقيت الساحة فارغة من وجود منافسين، وقال المرشح المدعو حسن روحبخش إن سبب مجيئه ليس الفوز وهزيمة رئيسي وإنما لكي لا تبطل العملية الانتخابية، ولكي يجعل أجواءها أكثر تنافسية وشبيهة بالانتخابات.
الصحيفة انتقدت هذا النهج، وقالت إن هذه العملية الانتخابية لم يعد من الصحيح وصفها بالانتخابات، وإنما يجب أن تكون باسم التعيينات، أي أن هناك أناسا يعنيهم مجلس صيانة الدستور أو أطراف أخرى، وأن دخولهم إلى مجلس خبراء القيادة يكون سهلا بسبب غياب المنافسة.
"اعتماد": السلطة في إيران تريد تطبيق نموذج الصين في الحكم
في مقاله بصحيفة "اعتماد" قال المتحدث باسم الحكومة السابقة علي ربيعي إن مفهوم الأمن في إيران أصبح مقتصرا على توفير مساحة من الأمن لأقلية محدودة للغاية، فعندما يقول المسؤولون "نحن" فإنهم لا يقصدون به عموم الشعب وإنما يقصدون تلك الأقلية الحاكمة ومصالحها الضيقة.
الكاتب قال إن هذا النهج من التفكير قد أضعف إيران من الداخل وجعلها فاقدة للحيوية والنشاط، كما أنه جعلها أكثر عرضة للمخاطر على الصعيد الخارجي، حسب تحليل المسؤول في حكومة روحاني السابقة.
الكاتب أشار إلى هندسة الانتخابات البرلمانية المقبلة والإقصاء الكبير للمرشحين من قبل مجلس صيانة الدستور المسيطر عليه من قبل تيار خامنئي، وقال: "نظرا إلى الظروف التي تمر بها البلاد كان من المأمول أن نشهد إعادة النظر في القيود على الانتخابات، لكن الأدلة والشواهد تظهر أن النهج الأمني السابق مستمر في تنظيم هذه الانتخابات".
وخاطب ربيعي السلطة في إيران قائلا: "لن يمكنكم تطبيق نموذج الحكم في الصين والقائم على السلطة والهيمنة القهرية، فالمجتمع الإيراني لن ينصاع لهذا النوع من الحكم"، معتقدا أن الشعب الإيراني لم يعد يرى سبيلا للإصلاح والانفراجة من الوضع الراهن، فهناك شعور بالوصول إلى طريق مسدود.
"جهان صنعت": سبب عدم دعوة إيران إلى مؤتمر ميونيخ للأمن
الكاتب والدبلوماسي السابق، فريدون مجلسي، أشار إلى مؤتمر ميونيخ للأمن وعدم دعوة إيران إلى هذا المؤتمر الدولي، وقال إن السبب الرئيسي وراء هذا الأمر هو مواقف السلطة الإيرانية حول تدمير إسرائيل والقضاء عليها.
وأوضح الكاتب أن إيران عمليا تعيش الآن حالة حرب، فالمجموعات المسلحة في اليمن ولبنان والفصائل الفلسطينية مدعومة كلها من طهران حسب رؤية المجتمع الدولي.
كما أشار مجلسي إلى عدم دعوة إسرائيل وروسيا إلى هذا المؤتمر، وقال إن إسرائيل بسبب حربها على غزة وروسيا بسبب عدوانها على أوكرانيا قد أصبحتا من العوامل التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم، وهكذا يرى العالم إيران أيضا وهذا هو السبب الرئيسي في عدم دعوتها إلى المؤتمر.