تحول موضوع هجرة نجل رئيس البرلمان الإيراني إلى كندا لموضوع شديد الجدل في الوسط الإيراني، بعد أن أثارته قناة "إيران إنترناشيونال" أول مرة قبل أيام، وتحدثت عن محاولات استمرت خمس سنوات لنجل قاليباف للحصول على تأشيرة والهجرة إلى كندا.
وتطرقت الصحف الإيرانية الصادرة، اليوم، إلى هذا الموضوع بشكل موسع، وتناولت ملفات فساد أخرى لقاليباف ومساعديه ورفاقه دون أن يتعرض لمساءلة أحد أو للتحقيق بفضل صلاته الوطيدة مع صُناع القرار الإيراني، وعلى رأسهم المرشد ورئيس الجمهورية والمؤسسات العسكرية والاستخباراتية، بصفته أحد عناصرها المخلصين في السابق.
وانتقدت صحيفة "جهان صنعت"، كيفية تخلص قاليباف من ملفات الفساد الكبيرة هذه، ووصوله إلى منصب حساس في الدولة، وهو منصب رئيس البرلمان.
وأشارت صحيفة "توسعه إيراني" أيضًا إلى هذا الملف والمطالب الشعبية بمحاسبة قاليباف ونجله والمقربين منهما، ولفتت إلى هشتاغ على منصة X (تويتر سابقًا) بعنوان: "هذه المرة مختلفة"؛ لتأكيد أنه ينبغي أن تكون هذه المرة مختلفة عن سابقاتها، وأن ينال رئيس البرلمان الجزاء الذي يستحقه؛ بسبب الفساد والمخالفات القانونية التي بدرت منه طوال مسيرته السياسية والأمنية.
وتساءلت صحيفة "آرمان ملي"، عما إذا كان إبراز قضية قاليباف هذه الأيام يأتي بهدف إقصائه من المشهد السياسي بعد تنامي الخلافات الداخلية بين التيار الأصولي بمختلف توجهاته، التي قد تصل أحيانًا إلى حد العداوة بسبب تضارب المصالح الفئوية.
وفي شأن آخر انتقدت صحيفة "جمله" الأخبار المتداولة حول عزم السلطات الإيرانية جلب سجناء سابقين من الصين للعمل في مشاريع البناء في إيران، وقالت إن الاستنجاد بالعمال الصينيين الذين وصفتهم بـ "المجرمين" يأتي بالتزامن مع هجرة النخب الإيرانية والمتخصصين إلى الدول الأخرى.
واستخدمت الصحيفة عنوان "تصدير النخب واستيراد المجرمين"، وقالت إن إيران تعيش اليوم في حقبة "غريبة لا مثيل لها في العالم"؛ فالمواطن يفرح من هزيمة منتخب بلده! ورئيس الجمهورية المعمم بعمامة الدين يخطئ في نطق جملة عربية، ووزير الخارجية يتلعثم في الإنجليزية ورئيس مؤسسة السينما يفشل في نطق أشهر مقولة فنية.
في المقابل نجد صحف النظام- كعادتها- تغرد خارج السرب ولا تمل عناوينها من الحديث عن الإنجازات والعروض العسكرية والصاروخية التي أصبحت عادة شبه يومية.
وأشارت صحيفة "سياست روز" المقربة من الحكومة، إلى الكشف عن منظومتين صاروخيتين جديدتين هما "آذرخش" و"آرمان"، وقالت: "سماء إيران محفوظة"، وذلك بعد أيام قليلة من تعرض إيران إلى استهداف جوي من باكستان دون أن تتحرك المنظومات الدفاعية المزعومة.
ومدحت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي أيضًا، الحوثيين على استهدافهم الجديد لسفينة بريطانية، وكتبت في صفحتها الرئيسة: "استهداف دقيق ومباشر لسفينة بريطانية أخرى في البحر الأحمر"، متجاهلة التبعات الدولية والإقليمية التي تلحق بإيران من دعمها لجماعة الحوثي التي أصبحت محل سخط كبير في المحافل الدولية.
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جهان صنعت": قاليباف يصل إلى رئاسة البرلمان.. رغم الفساد الكبير
قالت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، إلى قضايا الفساد التي تورط بها قاليباف وحاشيته، إن ملف هجرة نجله إلى كندا ليس الفضيحة الأولى التي تحيط بقاليباف، وإنما هناك ملفات أخرى لا تقل أهمية، مثل استقراض جليل محبي، مستشار قاليباف ورئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبلغًا يُقدر بـ 600 مليون تومان على أن يُسدد بعد شهرين، لكنه لم يرد هذا المبلغ حتى الآن ليغلق الملف نهائيًا من قِبل قاليباف، وتقرر استعادة المبلغ على شكل أقساط بلا أرباح تستمر 5 سنوات.
وأشارت الصحيفة، إلى كيفية تخلص قاليباف من هذه الملفات الشائكة ووصوله إلى رئاسة البرلمان، مؤكدة أن مثل هذه الأحداث هي التي تجعل المواطن غير مؤمن بالعملية الانتخابية وجدواها.
وذكرت الصحيفة أن المواطنين لم "يغضبوا" من الانتخابات، وإنما تركوها نهائيًا، وقالت: إن من يغضب يمكن مصالحته، والعودة من جديد في المستقبل، لكن قد يصل الغضب إلى مرحلة القطيعة النهائية والتخلي التام.
"اعتماد": تناقض بين الشارع الإيراني والسلطة السياسية تجاه الملفات الخارجية
قال الناشط والمحلل السياسي الإصلاحي، عباس عبدي، في مقاله بصحيفة "اعتماد"، إن المشكلة الرئيسة في السياسة الخارجية لإيران، هي وجود شرخ بين رؤية الشارع ورؤية الحكام تجاه القضايا الدولية والإقليمية.
وأوضح، أن السلطة السياسية لا تسمح للمواطنين بالتعبير عن رأيهم تجاه القضايا والملفات الخارجية عبر المظاهرات والتجمعات السلمية.
وحول قضية فلسطين وموقف السلطات منها، قال الكاتب: إن هناك فرقًا بين رؤية المواطنين الإيرانيين، وبين السلطة السياسية في إيران تجاه القضية الفلسطينية، فالنظام يصر على تشكيل دولة فلسطينية عبر استفتاء يؤدي إلى رفض فكرة وجود دولة يهودية بجانب الفلسطينيين، كما تؤمن السلطة بفكرة محو إسرائيل وإزالتها.
وحول إمكانية تنفيذ هذه السياسية أشار الكاتب إلى أن فرص تحقيق هذه السياسة صفر، والفكرة الأكثر واقعية وإمكانية للتطبيق هي فكرة حل الدولتين المقبولة في الغرب والولايات المتحدة.
وختم عبدي بالقول: إن الدعاية الحكومية في إيران تجاه القضية الفلسطينية لا تتوافق مع مصالح الأمن القومي الإيراني، وهي مرفوضة من قبل الشارع، حسب قراءة الكاتب الإصلاحي المشهور.
"ستاره صبح": الاقتصاد الإيراني المريض أفسد أخلاق الناس
أشار الخبير في الشؤون الاجتماعية شريفي يزدي، في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح"، إلى أن الاقتصاد الإيراني المريض قد ضاعف من الفساد الأخلاقي والنفسي بين الإيرانيين.
وأوضح يزدي أن المجتمع يشعر دائمًا بالقلق وفقدان الطمأنينة من المستقبل بسبب غياب الأمن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، ولهذا يسعى المواطن دائما إلى خلق مساحة ولو قصيرة من الأمن الاقتصادي للمستقبل، حتى لو تم ذلك على حساب القيم الأخلاقية.
واستشهد الكاتب بكثرة حالات المفاوضة والمساومة أثناء بيع العقارات والمنازل؛ لأن المواطن دائمًا يشعر بأن الطرف الآخر ينوي خداعه وغشه، منوهًا إلى أن هذه الثقة المعدومة في الشارع بسبب الحكومة والبرلمان والنظام السياسي برمته، الذي خلق كل هذه الضغوط الاقتصادية، التي أثرت بشدة على الجوانب الأخرى من الحياة الاجتماعية.