احتفت بعض صحف التيار الأصولي في إيران بدعوة عشرات الإصلاحيين إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية وعدم مقاطعتها، اعتقادا منهم أن عدم المشاركة في الانتخابات سيؤدي إلى ترك الساحة للتيار المتشدد في البلاد.
صحيفة "فرهيختكان" الأصولية نشرت صورة لهؤلاء الشخصيات وبيانهم الداعي إلى المشاركة في الانتخابات، معتقدة أن الموقعين على البيان أقروا بضرورة الحفاظ على الواقع الموجود، وقالوا "لا" لدعوة الرئيس الأسبق محمد خاتمي.
من الملفات التي حظيت كذلك باهتمام الصحف الصادرة اليوم، الثلاثاء 13 فبراير (شباط)، هو التناقض بين الواقع الفعلي المعاش وبين تصريحات المسؤولين الإيرانيين حول تحسن الأوضاع الاقتصادية، وأن البلاد تعيش تقدما وازدهارا غير مسبوق في ظل حكومة الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي.
صحف إصلاحية مثل "ستاره صبح" و"جمله" علقت على هذه التصريحات، وأكدت أن العكس هو الذي يحدث اليوم في إيران التي تشهد "تخلفا اقتصاديا".
في شأن آخر استمر الجدل في الوسط الإيراني حول ازدواجية النظام الحاكم في إيران في تعامله مع قضية الحجاب الإجباري، حيث يتشدد في ملاحقة السيدات الرافضات للحجاب في الأيام العادية، لكنه يغض الطرف عن ظهور النساء بغير حجاب في المناسبات المؤيدة للنظام مثل مسيرات الاحتفال بالثورة، كما وقع يوم الأحد الماضي، حيث وثقت المقاطع والصور حضور سيدات غير محجبات دون أن يتعرضن لمضايقة من أحد.
صحيفة "همشهري"، المقربة من الحكومة، عكست منطق النظام في تعاطيه مع هذا الملف، وكتبت أن "السيدات غير المحجبات في مسيرات الاحتفال بالثورة هن نساء ثوريات ومتدينات وعلى طريق الحق على الرغم من وجود خطأ صغير".
المنتقدون للنظام وسياساته استشهدوا بهذه القصة على ازدواجية النظام، ونشرت والدة الشابة مهسا أميني مقطع فيديو يوم أمس يظهر هؤلاء النساء في مسيرات النظام وهن غير مرتديات للحجاب، وكتبت تعليقا على المقطع: "قتلوا ابنتي بسبب عدم ارتداء الحجاب.. احكموا بأنفسكم".
صحيفة "جوان"، التابعة للحرس الثوري، أشارت أيضا إلى الموضوع، ونفت أن يكون النظام يتعامل بازدواجية مع القضية، وقالت إن "الأفراد المسؤولين عن الإرشاد والتوجيه في هذا الموضوع لم يقوموا بواجبهم، لأنهم ربما يخجلون من تبيان الحق في هذا الموضوع".
الصحيفة لم تشر إلى قوات "شرطة الأخلاق" و"ضباط الحجاب" المنتشرين في الشوارع والأزقة لمطاردة النساء الرافضات للحجاب الإجباري، وكيف أنهم- كما يقول مواطنون في وسائل التواصل الاجتماعي- "لا يخجلون" في القيام بواجبهم الذي كلفهم النظام به على "أحسن وجه ممكن" من اعتقال النساء ومطاردتهن كما يطارد المجرمين والجناة.
اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جمله": "قطار التخلف" في إيران يسير بسرعة مطردة
عارضت صحيفة "جمله" الاقتصادية في تقرير لها ما تغنى به المسؤولون الإيرانيون في مسيرات الثورة يوم الأحد الماضي، حيث أسرف المسؤولون وعلى رأسهم الرئيس الإيراني في الحديث عن "قطار التقدم" في إيران، وأن البلاد تشهد طفرة اقتصادية وتنموية.
الصحيفة سخرت من ذلك، وقالت إن إيران أصبحت عالقة في منطق الشعارات والفشل، وأن الضغوط الاقتصادية تتراكم على الناس يوما بعد يوم، موضحة أنه وفي ظل تراجع عائدات البلاد من العملة الأجنبية والخلل في قطاع الطاقة أصبح التضخم في حالة مزرية، كما أن السيولة ترتفع بشكل مطرد ما ينعكس على زيادة معدلات الفقر والمعضلات الاجتماعية.
وأضافت: بالتالي فإن "قطار التخلف" يسير بشكل سريع وتزداد سرعته في كل لحظة، مهاجمة مواقف المسؤولين وتصريحاتهم المنفصلة عن الواقع، وكتبت: "الرياء هيمن علينا بشكل كامل".
"دنياي اقتصادي": إيران في المركز الـ86 عالميا في رفاه المواطنين
صحيفة "دنياي اقتصادي" بدورها تناولت حصة إيران من الاقتصاد العالمي، وأجرت مقارنات مع الدول الأخرى من حيث الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدة أن الحكومة الإيرانية تقدم معلومات مغلوطة لصندوق النقد الدولي بهدف إظهار إيران بمظهر أفضل من حيث الواقع الاقتصادي.
وقالت الصحيفة إن الناتج الإجمالي قد انخفض بنسبة 20 في المائة خلال العقد الأخير، لكن مع ذلك فإن رئيس منظمة التخطيط والميزانية يدعي أن الاقتصاد الإيراني يحتل المركز الـ19 عالميا، مؤكدة أن الحقيقة هي أن الاقتصاد الإيراني يقع في المركز الـ86 عالميا أي أن 85 دولة في العالم هي في رفاهية أفضل مقارنة مع إيران.
في سياق آخر أجرت الصحيفة استطلاع رأي حول الميزانية الكبيرة التي خصصتها السلطات لمؤسسة التلفزيون الرسمي، حيث بلغت ميزانية التلفزيون للعام القادم 24 ألف مليار تومان.
وعارض 96 في المائة من المستطلعة آراؤهم هذا الحجم الكبير من الميزانية، وأكدوا أنه لا تناسب بين جودة البرامج التي يقدمها التلفزيون الإيراني بقنواته المتفرعة وبين حجم الميزانية التي خصصت له.
"اعتماد": الانتخابات أداة للسيطرة ويجب اللجوء إلى "العصيان المدني"
الناشط السياسي الإصلاحي البارز سعيد حجاريان قال تعليقا على موضوع الانتخابات البرلمانية المرتقبة في إيران، إنه لن يشارك في تلك الانتخابات، وأنه لا يعتبر مقاطعة هذه الانتخابات جريمة.
ورفض حجاريان فكرة "المشاركة المشروطة" التي رددها بعض الإصلاحيين، وقال في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" إنه يعلن بشكل صريح مقاطعته للانتخابات عندما يشعر أنها تحولت إلى "أداة للسيطرة" وتشبه "البيعة"، وليس الانتخاب الناجم عن تفضيل وترجيح بين خيارات متعددة.
كما علق حجاريان على دعوة 110 سياسي إصلاحي إلى المشاركة في الانتخابات على الرغم من هندسة مجلس صيانة الدستور لها، وقال مخاطبا هؤلاء الإصلاحيين: "كلامي لهؤلاء الأفراد هو أن ينتبهوا لكي لا يتبخروا شيئا فشيئا.. أعرف أناسا في عهد النظام السابق كانوا أساتذة جامعات لكن انتهى بهم المطاف كمخبرين لجهاز استخبارات النظام السابق".
وأوضح الناشط الإصلاحي المعروف في مقابلته أن على الإصلاحيين التوقف عن الانشغال بعملية انتخابية شكلية تنظمها السلطة، ورأى أن بعض أشكال "العصيان المدني" قد تعيد السلطة إلى جادة الصواب.
وعن العصيان المدني المقترح قال الناشط الإصلاحي: "الابتعاد عن العنف في العصيان المدني يعني أننا لن نستخدمه، لكن ذلك لا ينفي فكرة الدفاع المشروع".