اختلفت الصحف الإيرانية، قبل ليلة أمس، إلى حد بعيد في سيناريوها الرد الأميركي على مقتل الجنود الأميركيين في الأردن، فمنها من رأت أن الولايات المتحدة لا ترغب في المواجهة، ومنها من اعتقد بأن الرد الأميركي قادم لا محالة.
هذه الصحف كانت أمس في طريقها إلى الطباعة أثناء بدء المرحلة الأولى من الهجمات الأميركية الانتقامية على الميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق؛ لهذا كانت التغطية الصحفية الصادرة اليوم خالية من أخبار هذه الهجمات ومآلاتها المستقبلية.
فقد أخطأت صحيفة "اعتماد"- على سبيل المثال- في تحليلها؛ حيث توقعت أن واشنطن لا ترغب في مواجهة جديدة في المنطقة، ووصفت تصريحات المسؤولين الأميركيين بأنها "محتاطة"، وأن إدارة بايدن تسعى إلى "احتواء الأزمة".
وكررت صحيفة "جوان"، المقربة من الحرس الثوري الإيراني، الخطاب نفسه أيضًا، واستبعدت أن تقوم واشنطن بشن هجمات على الجماعات الإيرانية، لكنها عزت السبب إلى "اقتدار محور المقاومة"، وأن الولايات المتحدة الأميركية أصبحت في حالة "انفعال" و"لا خيارات لديها على الطاولة".
هذه الأخطاء التي وقعت فيها الصحف الإيرانية يعود سببها إلى تعليل الإدارة الأميركية البدء في هذه الهجمات؛ حيث استغرف الأمر ما يقارب الأسبوع، وهو ما دفع ببعض الصحف إلى اعتبار ذلك "تراجعًا أميركيًا" أو "عجزًا" مقابل "اقتدار محور المقاومة".
لكن مع ذلك فهناك صحف مثل "جهان صنعت" كانت قد رأت أن هذا التعلل الأميركي يأتي بشكل مدروس ومخطط له، وأن الولايات المتحدة على الرغم من عدم رغبتها في الحرب المباشرة مع إيران في هذه المرحلة، لكنها حسمت أمرها في موضوع استهداف الجماعات الموالية لإيران في العراق وسوريا.
في موضوع متصل أشارت صحيفة "كيهان" إلى مقتل أحد عناصر الحرس الثوري، ويدعى "سعيد علي عليدادي" في غارة جوية في دمشق، معترفة بأن إسرائيل هي المسؤولة عن هذا الهجوم الجوي الذي أدى إلى مقتل عليدادي.
اللافت أن الصحيفة المعروفة بخطابها المتشدد تجاه إسرائيل، اكتفت بنقل الخبر دون أي تعليق أو إشارة إلى "الانتقام"، كما كانت تفعل في السابق، بعد ان أصبح مقتل القادة العسكريين الإيرانيين بالغارات الإسرائيلية أمرًا روتينيًا ومتكررًا.
ونقلت صحيفة "أبرار" حديث رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني السابق، حشمت فلاحت بيشه، الذي قال إن الاتفاق النووي تمت التضحية به من أجل الحرب الروسية- الأكروانية، وأن موسكو قد تعمدت القضاء على الاتفاق النووي من أجل مصالحها.
وأشار الكاتب إلى شراء روسيا المسيرات من إيران، وقال إن الهدف الرئيس من وراء هذه الصفقات هو أن يجعلوا إيران شريكة في جرائمهم بأوكرانيا.
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"جهان صنعت": هجمات الولايات المتحدة على المليشيات رمزية.. لرفع الحرج عن إدارة بايدن
قالت صحيفة "جهان صنعت": إن الثابت هو أن الولايات المتحدة الأميركية ستقوم بالرد على الجماعات المسلحة الموالية لإيران في المنطقة، وأنها أطالت فترة الرد لتحقيق غاية تعتقد أنها في مصلحتها.
وعن سبب الإطالة في الرد قالت الصحيفة: "إن السبب الرئيس في هذه الإطالة يعود لرغبة واشنطن في إعطاء فرصة لهذه الميليشيات لتفريق عناصرها من مواقعها ومقراتها العسكرية في لبنان وسوريا والعراق لتخفيف الأضرار في صفوف هذه المجموعات وتجنب توسيع الصراع.
وأوضحت الصحيفة أن الهجمات الأميركية هذه ستكون "رمزية" وتستهدف بعض المواقع والمنشآت التابعة لهذه الجماعات من أجل تهدئة الرأي العام الداخلي في الولايات المتحدة الأميركية من جانب، وتجنب توسيع نطاق الأزمة والصراع في المنطقة من جانب آخر، فالهجوم يأتي بهدف رفع الحرج عن إدارة بايدن، حسب قراءة الصحيفة.
"ستاره صبح": يجب على النظام إعادة النظر في انتشاره العسكري في المنطقة لأنه لا يخدم مصالح البلد
قال الكاتب والمحلل السياسي حسن بهشتي بور، في مقابلة مع صحيفة "ستاره صبح"، إن حضور إيران في الدول الأخرى إذا لم يكن في إطار مصالح الأمن القومي الإيراني فيجب أن تتم إعادة النظر فيه.
ورأى الكاتب أن الحضور العسكري لإيران في دول مثل سوريا ولبنان واليمن والعراق قد كلف البلاد تكاليف باهظة، وهو ما يتعارض مع مصالح الأمن القومي، مشددًا على ضرورة أن تعيد السلطة النظر في انتشارها العسكري في المنطقة.
وقال بهشتي بور: إن المواطنين الإيرانيين لا يريدون تدخل بلادهم في شؤون الدول الأخرى حتى لو ادعت السلطة أن هذا الحضور يقتصر على الجانب الاستشاري؛ فهو أيضًا ضد مصالح الأمن القومي للبلد.
"توسعه إيراني": النقص في الميزانية سبب الإنفاق على جهات بعينها
وتساءلت صحيفة "توسعه إيراني" عن الأموال والعائدات من صادرات النفط التي تقول السلطات إنها ارتفعت بشكل ملحوظ، على الرغم من وجود العقوبات، وبلغت العائدات 30 مليار دولار، لكنها تساءلت عن مكان استثمار هذه الأموال والمجالات التي من المقرر أن تنفق فيها.
واستغربت الصحيفة إعلان الحكومة وجود عجز في الميزانية، رغم وجود هذه الأموال الهائلة، وأجرت مقابلة مع الخبير الاقتصادي، إحسان سلطاني، الذي قال إن الأموال هذه لا تنفق في المجالات التي تهم المواطنين مثل التعليم والصحة والرفاه العام، وإنما تُخصص لأطراف وجهات بعينها.
واستشهد الكاتب بزيادة ميزانية الإذاعة والتليفزيون ثلاثة أضاعف، مضيفًا: إذا سمعتم أن ميزانية الحكومة قد زادت فلا تفرحوا؛ لأن هذه الميزانية لا تُنفق في الأشياء المهمة، وإنما تُخصص لجهات معينة.