اتفقت إلى حد ما الصحف الإيرانية الصادرة اليوم، الثلاثاء 30 يناير (كانون الثاني)، على أن مقتل جنود أميركيين في الأردن بهجوم نفذته جماعات تابعة لإيران في العراق سيشكل مرحلة جديدة من التصعيد العسكري، وأن الولايات المتحدة الأميركية سوف ترد على هذه الحادثة.
لكن ما كان محل شك في تغطية صحف اليوم هو ما إذا كان هذا الرد الأميركي سيشمل إيران بشكل مباشر أم لا، حيث رأت صحيفة "شرق" أن الولايات المتحدة الأميركية لا ترغب حاليا في توسيع الصراع لأغراض داخلية ودولية، لهذا فمن المستبعد أن نشهد ردا أميركيا يستهدف إيران بشكل مباشر، حسب قراءة الصحيفة.
الصحف الموالية للنظام مثل "جوان" رأت أن "تيار المقاومة" حصل على تكنولوجيا متقدمة، وإن هدفه الرئيس هو طرد القوات الأميركية من الشرق الأوسط لتشكيل خط بري يربط بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت.
هذه التطورات المتصاعدة والقلق المتزايد من اندلاع حرب شاملة أضر بالعملة الإيرانية بشكل كبير هذه الأيام، واستمر تراجعها أمام الدولار الأميركي وباقي العملات الأجنبية، حيث تخط الدولار الواحد أمس حاجز الـ58 ألف تومان، والآن ووقت كتابة هذه السطور أفادت التقارير الميدانية بأن الدولار الواحد تخطى أيضا 59 ألفا في الأسواق الحرة، وبات يتداول قريبا من 60 ألف تومان.
هذه الانعكاسات السلبية على العملة الإيرانية واجهت إنكار المسؤولين ووسائل إعلامهم التي هاجمت وسائل الإعلام الأخرى والخبراء الاقتصاديين الذين يحذرون من تداعيات الأوضاع الأمنية في المنطقة على الاقتصاد الإيراني، وقالت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، إن الذنب يقع على عاتق وسائل الإعلام والمحللين السياسيين الذين يقدمون تكهنات سلبية عن مستقبل الاقتصاد الإيراني.
ووصفت الصحيفة هؤلاء المحللين بـ"الإرهابيين الاقتصاديين"، وطالبت السلطة القضائية بمحاكمتهم والتصدي لهم.
صحف أصولية أخرى خصصت صفحاتها الأولى وعناوينها الرئيسة لزيارة خامنئي لمعرض داخلي بعنوان "حماية المنتجات الداخلية"، حيث تجنب المرشد الإيراني التطرق إلى الأحداث الإقليمية والهجوم على قاعدة أميركية بالأردن وانعكاساتها على إيران سياسيا واقتصاديا.
صحيفة "دنياي اقتصاد" عرَّضت بكلام خامنئي وتصريحاته حول أهمية دعم الإنتاج الداخلي، وقالت إن "حماية الإنتاج الداخلي له فن ومهارة لا تجيدونها".
كما استبعدت صحف اقتصادية أخرى مثل "جهان صنعت" و"تعادل" إمكانية تحقق شعارات النظام الاقتصادية، والتي يطلقها خامنئي بنفسه سنويا، وتتبناها باقي المؤسسات ووسائل الإعلام التابعة للنظام، وقالت إن حماية الإنتاج الداخلي لا تتوافق مع احتكار السلطة السياسية لأكثر من 85 في المائة من القطاع الاقتصادي.
صحف أخرى تناولت التطورات الأخيرة في المشهد السياسي وإقصاء الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني من المنافسة الانتخابية على مجلس خبراء القيادة (المسؤول عن اختيار المرشد).
صحيفة "سازندكي" انتقدت "الموقف الضعيف" لروحاني وطريقة احتجاجه على قرار رفضه، معتقدة أن روحاني يتكلم بشكل ازدواجي عندما يدعو المواطنين إلى المشاركة في الانتخابات، وفي الوقت نفسه يقول إن استبعاده تم لأهداف وغايات سياسية.
صحيفة "آرمان ملي" أيضا رأت أن روحاني قرر عدم التصعيد والرد على مجلس صيانة الدستور بعد استبعاده، ويبدو أنه اختار أن يسلك نهج سلفه هاشمي رفسنجاني، الذي خاض التجربة نفسها وانتهى به المطاف ميتا بشكل مشبوه في أحد المسابح في شمال العاصمة طهران.
اقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"شرق": سيناريوهات الرد الأميركي بعد مقتل الجنود الأميركيين في الأردن
قالت صحيفة "شرق" الإصلاحية تعليقا على التطورات العسكرية الأخيرة واحتمالية أن يتوسع الصراع أكثر بعد مقتل جنود أميركيين، واتهام واشنطن لطهران بالضلوع في هذه الحادثة عبر دعم ميليشياتها في المنطقة.
الصحيفة استبعدت أن تشن أميركا أي أعمال عسكرية على أهداف داخل إيران أو خارجها تابعة لطهران بشكل مباشر، ورجحت أن يكون الرد الأميركي مقتصرا على مقرات الجماعات المسلحة المندرجة تحت عنوان "محور المقاومة" في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
المحلل السياسي علي زارع قال للصحيفة إن شدة الرد الأميركي تعتمد على حالة الجنود الأميركيين المصابين، مضيفا: "في حال توفي بعض هؤلاء الجنود نتيجة جراحهم فإن الرد الأميركي سيكون أكثر شدة".
وذكر الكاتب أن هدف الولايات المتحدة الأميركية في هذه المرحلة هو موازنة القوة والتهديد، مؤكدا أن البلدين لا يرغبان في الحرب المباشرة.
"آرمان ملي": أميركا لن تستهدف مواقع عسكرية داخل إيران
كاتب صحيفة "آرمان ملي"، علي أصغر زركر، لفت أيضا إلى التهديدات الأميركية وتأكيدها بأنها ستقوم بالرد على مقتل جنودها في الأردن، وقال: مع كل هذا التصعيد والتطور في النبرة الأميركية إلا أنه مستبعد حاليا أن تقوم الولايات المتحدة باستهداف مواقع عسكرية داخل إيران.
والسبب في ذلك- حسب الكاتب- هو أن إيران إذا تعرضت لهجوم داخل أراضيها فإنها ستقوم بالرد حتما، مما سيزيد من خطورة اتساع دائرة الصراع واحتمالية أن تصبح الحرب مفتوحة وشاملة، وهو ما لا تريده أميركا والرأي العام بداخلها.
الكاتب خلص إلى أن واشنطن ستقوم برد أوسع من المرات السابقة على الجماعات الموالية لإيران في المنطقة، لافتا إلى تصريحات الأميركيين الذين أكدوا أنهم سيستهدفون المليشيات التابعة لإيران وليس إيران نفسها.
"اعتماد": رفض تزكية روحاني يعني أن السلطة السياسية تمهد لإسقاط نفسها
في شأن آخر أشار المحلل السياسي محمد جواد حق شناس في مقابلة مع صحيفة "اعتماد" الإصلاحية إلى رفض مجلس صيانة الدستور تزكية الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، ومجموعة من الشخصيات والوزراء المعروفين بأدوارهم السياسية والأمنية في إيران، وقال الكاتب إن أفضل شيء يمكن أن نطلقه على الأطراف التي استبعدت روحاني أنهم يعملون في إطار "الإسقاط الذاتي للنظام".
ولفت الكاتب إلى أن النظام السياسي في إيران الذي قرر أن يقصي مثل هؤلاء الأفراد المؤثرين والفاعلين أصبح معرضا للتهديد، وهو حاليا في وضع هش.
وختم الكاتب بالقول: "أعتقد أن قضيتنا الأساسية اليوم جميعا هي إيران، فإنقاذ البلاد من التطرف والمتطرفين ينبغي أن يكون همنا الرئيس في هذه المرحلة".