دخل التصعيد في المنطقة مرحلة جديدة بعد الإعلان عن مقتل 3 جنود أميركيين، وإصابة أكثر من 30 جنديًا آخر بهجوم نفذته الجماعات المسلحة التابعة لإيران في العراق على قاعدة أميركية في الأردن.
وتوعدت الولايات المتحدة الأميركية بالرد الحاسم على هذه الهجمات ومن يقف وراءها، كما دعا سياسيون أميركيون وممثلون في مجلسي النواب والشيوخ، الإدارة الأميركية إلى إظهار "القوة" في التعامل مع إيران، منتقدين الرئيس بايدن؛ بسبب ضعف سياسته تجاه طهران وكلائها في المنطقة.
ورغم أن خبر مقتل الجنود الأميركيين تداولته وسائل الإعلام في ساعات مبكرة من مساء أمس، الأحد، فإن هذا الحدث قد غاب كليًا عن الصحف الإيرانية الصادرة، اليوم، الاثنين، وإن كانت آثاره ملحوظة على الصعيد الاقتصادي على الأقل.
فبالتزامن مع الإعلان عن مقتل الجنود الأميركيين، واتهام بايدن لإيران بالضلوع في هذا الهجوم عبر دعم ميليشياتها في العراق، سجل التومان الإيراني تراجعًا ملحوظًا أمام العملات الأجنبية؛ حيث تم تداول الدولار الواحد اليوم، الاثنين، بأكثر من 57 ألف تومان.
هذا التراجع الملحوظ يكشف عن مدى هشاشة الأسواق الإيرانية، التي باتت تتأثر الأحداث السياسية، صغيرها وكبيرها، على الرغم من إنكار المسؤولين الإيرانيين ووسائل إعلامهم لهذه الحقيقة.
وزعمت صحيفة "إسكانس"، المقربة من الحكومة، مثلًا أن الدولار عاد إلى المستويات السابقة، التي كانت موجودة قبل أزمة الهجوم الصاروخي الإيراني على العراق وباكستان وسوريا، وهو ادعاء باطل؛ إذ إن الدولار كان حينها يباع بـ 51 ألف تومان، في حين أنه الآن يباع بـ 57 ألف تومان.
واتهمت صحيفة "جهان صنعت" الاقتصادية، الحكومة بالتعمد في رفع أسعار العملات؛ لأنها المستفيدة الأولى من ذلك، وقالت إن الحكومة لا تضخ العملات الأجنبية في الأسواق بشكل متعمد؛ لكنها تتجاهل أن ارتفاع الدولار سيرافقه ارتفاع باقي الأسعار، وعندما تقرر الحكومة خفض سعر العملات الصعبة تبقى أسعار السلع كما هي ولن تتراجع، حسب ما جاء في الصحيفة.
من الملفات الأخرى التي قد لا تكون منفصلة عن هذه التطورات هي الموقف الصيني الجديد تجاه أعمال الحوثيين؛ حيث ذكرت صحيفة "آرمان ملي" أن الصين بعثت برسالة إلى إيران تطالبها بوقف أعمال الحوثيين في زعزعة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
ونقلت الصحيفة كلام مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية؛ حيث قال: إن الصين أوضحت لإيران أن أي ضرر يصيب مصالح الصين من الأحداث في البحر الأحمر، سيؤثر سلبًا على العلاقات بين طهران وبكين.
وذكرت الصحيفة أن الصين لم تتخذ موقفًا من الحرب الأوكرانية، لكنها الآن أصبحت تقف مع الولايات المتحدة الأميركية؛ للعمل على إعادة الاستقرار والأمن إلى منطقة البحر الأحمر.
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في الصحف الإيرانية الصادرة اليوم:
"كيهان": هجمات "محور المقاومة" ستستمر حتى "محو إسرائيل"
دافعت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، عن كل من الحوثيين وحزب الله والميليشيات الأخرى، وقالت إن "محور المقاومة" اليوم بات موحدًا في السير نحو أهدافه، ولا يهم من هو في المواجهة، ومن يكون في خط الدعم، في إشارة إلى أن إيران تكتفي بلعب الدور الأخير، وعدم التورط مباشرة في الحرب مع الغرب وإسرائيل مخولة المهمة للجماعات المسلحة التابعة في الدول العربية.
وزعمت الصحيفة أن الجميع في هذا المحور متحد ومنسجم، والنصر لطرف واحد يكون نصرًا للاطراف الأخرى ضمن هذا المحور، مضيفة أن الأعمال والهجمات من أجل "محو إسرائيل" ستستمر وستشتد في المستقبل.
وتجاهلت الصحيفة التقارير، التي أوردتها وسائل إعلام إيرانية، حول مطالبة الصين لطهران بوقف أعمال الحوثيين العدائية في البحر الأحمر، وقالت إن الصين لا ترغب في أن تكون في جانب الولايات المتحدة الأميركية.
"جمهوري إسلامي": الصين تتخذ "موقفًا أنانيًا" من إيران والحوثيين
عارضت صحيفة "جمهوري إسلامي"، الصين بشكل مباشر، واعترضت على سلوكها وسياساتها تجاه إيران ووكلائها في الشرق الأوسط.
وكانت الصحيفة أكثر صراحة في الحديث عن الصين؛ حيث أشارت إلى مطالبة بكين لإيران بإنهاء أعمال الحوثيين، ووصفت هذا الأمر بأنه موقف "أناني" من بكين تجاه طهران، مدعية أن الحوثي يعمل بشكل مستقل عن إيران، وهي الرواية التي لا يتوقف مسؤولو طهران عن ترديدها.
وطالبت الصحيفة الصين بالضغط على إسرائيل لوقف الحرب، بدلًا من ممارسة الضغوط على الحوثيين في اليمن، وكتبت: "نحن لا ندري ما الذي قاله المسؤولون الإيرانيون لنظرائهم الصينيين، لكننا لا نقبل بأي شكل من الأشكال أن تحدد الصين سياساتنا الخارجية".
"آرمان ملي": إيران في موقف صعب بعد مطالبة الصين لها بوقف هجمات الحوثيين
قال الكاتب والمحلل السياسي، حسن بهشتي بور، في مقابلة مع صحيفة "آرمان ملي": إن إيران تعتمد بشكل كبير في صادراتها على الصين، ودون وجود علاقة اقتصادية مع بكين، فإن مصالح طهران ستتضرر بشكل كبير ومِن ثمَّ فإنها لن تستطيع رد طلب الصين.
وبسؤاله: هل تستطيع إيران فعلًا وقف أعمال الحوثيين؟ أجاب الكاتب بالقول: إن طهران لا ترغب في وقف أعمال الحوثيين، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع إيقافها، وعلى هذا الأساس فهي في موقف صعب للغاية الآن، حسب رأي الكاتب.
كما رأى بهشتي بور أن الأدلة والشواهد تظهر أن الحرب، التي كانت تدور عبر الوكلاء، أصبحت اليوم تتحول إلى حرب مباشرة.