مازال الهجوم الصاروخي للحرس الثوري على باكستان، يوم الثلاثاء الماضي، والرد الباكستاني فجر أمس الأول، الخميس، هو العنوان الأبرز في تغطية الصحف الصادرة اليوم، السبت، في إيران.
وحاولت الصحف التابعة للنظام- كعادتها- تبرير هجوم إيران على جارتها الشرقية، كما سعت إلى التخفيف من وطأة الهجوم الباكستاني المعاكس عبر الادعاء تارة بوجود تنسيق مسبق بين طهران وإسلام آباد، وتارة بأن المواقع المستهدفة تابعة لـ "انفصاليين باكستانيين" أو حتى من خلال القول إن الضحايا المدنيين لم يكونوا إيرانيين!
كما أشارت صحف أخرى، مثل "مردم سالاري"، إلى مبادرات طهران وإسلام آباد بعد الهجومين الصاروخيين المتبادلين؛ حيث أظهر مسؤولو كل من باكستان وإيران رغبتهما في خفض التصعيد، وإنهاء هذه الجولة من الأزمة التي ظهرت فجأة على السطح بعد هجوم الحرس الثوري على الأراضي الباكستانية.
لكن الصحف الإصلاحية لم تمر على هذه الأحداث مرور الكرام، وركز بعضها على أبعاد هذا الهجوم وانعكاساته على علاقات البلدين، وكذلك تأثيره على موقع إيران دوليًا وإقليميًا.
أكدت صحيفة "آرمان امروز" أن الهجوم لم يأتِ بالنتائج المطلوبة، وانتقدت طريقة الهجوم وتوقيته؛ حيث أضر بسمعة إيران، وخلق شرخًا في العلاقات بينها وبين باكستان والعراق، التي أظهرت موقفًا قويًا من هجوم إيران، حسبما جاء في الصحيفة.
وانتقدت صحف أخرى انفراد العسكريين في رسم خارطة السياسة الخارجية لإيران، وقالت إن الدبلوماسيين الإيرانيين أصبحوا مبعدين عن القرار الخارجي، وإن العسكريين هم أصحاب الكلمة الأخيرة في هذا الصعيد.
انتقدت صحيفة "شرق" الإصلاحية أيضا تسارع المسؤولين الإيرانيين إلى الادعاء بأن الضحايا أجانب لتخفيف وطأة الهجوم الباكستاني على الأراضي الإيرانية، وأكدت أن مصادر إعلامية تؤكد أن الضحايا هم مدنيون إيرانيون.
واعتبرت صحيفة "جمهوري إسلامي" هجوم إيران على باكستان والعراق وسوريا في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة توترًا غير مسبوق هو تصرف "غير منطقي" من جانب إيران، وأعربت الصحيفة عن أملها في أن يقنع رد فعل باكستان القوي الساسة في إيران بتغليب منطق الحوار على الجانب العسكري.
وفي شأن آخر تناولت بعض الصحف الأزمة الطبية في إيران، وشح الدواء الكبير الذي يعانيه المرضى الإيرانيون دون أن تجد السلطات حلًا لهذه الأزمة المستمرة منذ سنوات.
أشارت صحيفة "ابرار" إلى تصريحات عضو لجنة الصحف في البرلمان الإيراني، محمد علي محسني، الذي قال إن أزمة شح الدواء باتت كبيرة، لدرجة أن بعض المواطنين لجأ إلى استخدام الأدوية منتهية الصلاحية.
وتطرقت صحيفة "اقتصاد آينده" أيضًا إلى ظاهرة هجرة الأطباء والعاملين في القطاع الطبي من إيران، وكتبت في صفحتها الأولى: "تزايد ظاهرة هجرة الأطباء من البلاد يثير القلق".
ونقرأ الآن تفاصيل بعض الموضوعات في صحف اليوم:
"آرمان ملي": الهجوم على باكستان والعراق لم يكن ناجحًا بالتوقيت وطريقة التنفيذ
قال الكاتب والمحلل السياسي مرتضى مكي، في مقاله بصحيفة "آرمان ملي"، إن طريقة وتوقيت الهجمات الصاروخية الإيرانية على دول جوارها لم تكن ناجحة ولم تأتِ بالنتائج المطلوبة.
وأشار الكاتب إلى ردود الأفعال من قِبل الحكومة العراقية ورفعها دعوى في جامعة الدول العربية ضد إيران، وصدور بيان مندد بهجوم إيران على العراق من قِبل جامعة الدولة العربية، وكذلك رد باكستان الصاروخي على إيران، وقال إن ردود الأفعال كانت أكثر تأثيرًا وضررًا من الفوائد التي تصورها من خطط للهجمات الصاروخية.
ولفت الكاتب إلى مواقف الحكومة الباكستانية، وقال إنها استخدمت بالضبط الأدبيات نفسها، التي استخدمتها إيران في تبرير هجومها على باكستان، وكتب قائلًا: إذا أردنا أن يكون لنا بلد آمن ومستقر فيجب علينا أن نحرص على أمن ومصالح دول الجوار.
"إصلاحات": العسكريون يتحكمون بالسياسة الخارجية لإيران
بدوره انتقد الكاتب والمحلل السياسي محسن روحي، في مقابلته مع صحيفة "إصلاحات"، هجوم إيران على باكستان دون تنسيق مع إسلام آباد، وقال إن السياسة الخارجية الإيرانية أصبحت بيد العسكريين، ولا دور للدبلوماسيين في رسم معالمها.
كما انتقد الكاتب طريقة تعامل البلدين مع الإرهاب المفترض، والذي يشكل هاجسًا لديهما، وقال إن هذا النهج في التعاطي مع هذا الملف يشوبه النقص والخطأ.
"آرمان امروز": الهجمات الصاروخية بين إيران وباكستان كانت تستهدف "الانفصاليين البلوش"
أما صحيفة "آرمان امروز" فحاولت تبرير الهجمات، وادعت أن الهجمات الصاروخية المتبادلة بين إيران وباكستان كانت تستهدف "الجماعات الانفصالية" فقط، موضحة أن هذه الجماعات الانفصالية تعمل على تشكيل "بلوشستان مستقلة" تضم أجزاء من إيران وباكستان وأفغانستان.
كما أوضحت الصحيفة أن هناك حدودًا برية تُقدر بـ 900 كيلو متر بين إيران وباكستان، وفي الغالب لا توجد رقابة أو سيطرة تامة على هذه المسافة الواسعة، وهو ما سهل حركة المخربين والمهربين الذين يعملون بكل حرية في تلك المناطق.
وأضافت الصحيفة: "اليوم بات مقود السياسة الخارجية الإيرانية بيد العسكريين"، مشددة على ضرورة أن يكون الدبلوماسيون هم أصحاب الكلمة الأخيرة في القضايا والملفات الخارجية.